باريس - (أ ف ب): يندّد شاكر الحسن، الموظف في منظمة «كير انترناشيونال» غير الحكومية الذي نزح داخلياً مثل ملايين السودانيين، بـ«أزمة منسية» تشهدها بلاده، بينما تلوح في الأفق مخاطر المجاعة. بعد بدء القتال في أبريل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، فرّ الحسن وعائلته من الخرطوم إلى واد مدني التي تقع على بعد 180 كيلومتراً جنوب العاصمة.
ولكن في منتصف ديسمبر، تعرّضت هذه المدينة التي تحوّلت إلى «مركز إنساني» وفقاً للأمم المتحدة، لهجمات من قوات الدعم السريع، الأمر الذي دفع الحسن إلى مغادرتها «بالملابس التي يرتديها فقط». ورداً على أسئلة وكالة فرانس برس عبر الهاتف، يقول: «على جانب الطريق، كان آلاف الأشخاص في حالة صدمة، معظمهم من النساء والأطفال، يفرّون من القتال سيراً على الأقدام».
واجه شاكر الحسن مسؤول الاتصالات في منظمة «كير انترناشيونال» في السودان، التجربة الحزينة التي تمثّلت في أنّه أصبح هو نفسه نازحاً في بلده مع زوجته وأطفاله الثلاثة. وفي كسلا عاصمة الولاية التي تحمل الاسم ذاته والتي تقع على بعد 50 كيلومتراً من الحدود الإريترية حيث يعيش الآن، يشير إلى الوصول المتواصل لنازحين آخرين «منهكين وجياعاً ومرضى... أُجبروا على الإقامة في ملاجئ مؤقتة بدون موارد».
وغالباً ما يعاني النازحون في هذه الظروف، من الأوبئة الناجمة عن حمى الضنك أو الكوليرا. وفي هذا السياق، يندّد الحسن الذي بات شاهداً عاجزاً أمام «الاحتياجات غير المسبوقة لشعبه»، بـ«كارثة منسية» في العالم، يستنكرها المجتمع الإنساني بأكمله.
أسفرت الحرب التي اندلعت في 15 أبريل بين الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه محمد حمدان دقلو، عن مقتل آلاف المدنيين، بما في ذلك ما بين 10 و15 ألف شخص في مدينة واحدة في دارفور، وفقاً لخبراء الأمم المتحدة. وفرّ حوالي ثمانية ملايين شخص، نصفهم من الأطفال، من منازلهم. وتقول الأمم المتحدة إنّ أكثر من نصف السودانيين البالغ عددهم أكثر من 48 مليون نسمة، أي حوالي 25 مليون شخص، باتوا يحتاجون إلى المساعدة، بما في ذلك 18 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد.
من جهته، يشير وليام كارتر مدير المجلس النرويجي للاجئين، إلى أنّ «الناس باعوا كلّ ما يملكونه» بعد عشرة أشهر من دون عمل وبالتالي من دون أجر، في بلد وصل التضخّم فيه إلى أرقام مرتفعة جداً قبل الحرب. ويوضح أنّ الوضع أصبح صعباً بالنسبة إليهم في ظلّ الأسعار «المرتفعة للغاية».
ويعرب كارتر، الذي عاد للتو من دارفور التي دمّرتها عقود من العنف العرقي، عن «صدمته» لما رآه من «حالة طوارئ غذائية». ويعكس تصريح كارتر التحذير الذي أصدرته منظمة «سوليداريتيه انترناسيونال» الأربعاء، من أنّه «إذا لم يتمّ فعل أيّ شيء، فإنّنا نتّجه مباشرة نحو المجاعة».
وفي هذا الإطار، تقول جاستين موزيك بيكيمال المديرة الإقليمية للمنظمة غير الحكومية: «ستكون هذه أكبر أزمة إنسانية شهدها السودان»، احدى أفقر دول العالم. وتضيف بغضب: «إذا لم يتم استيراد الغذاء عبر الوسائل الإنسانية فلن يحصل الناس على شيء لأنّه لا شيء في الأسواق، وسيموت الناس من الجوع».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك