الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
«كوريتيبا تتحدث».. ومجالسنا البلدية
ربما هذه أول مرة تسمع بها عزيزي القارئ عن «كوريتيبا».. فهي مدينة من مدن جمهورية البرازيل، وتطلق عليها ألقاب متعددة مثل: «العاصمة الخضراء»، و«المدينة الأكثر خضارا على وجه الأرض»، و«المدينة الأكثر ابتكارا في العالم».. وبالأمس فازت بلدية «كوريتيبا» بجائزة دولية، في فئة المشاركة المدنية لتمكين المجتمع، عن مشروع «كوريتيبا تتحدث»، ضمن جائزة التميز الحكومي العالمي، خلال القمة العالمية للحكومات، التي عقدت في دولة الإمارات العربية الشقيقة.
ولمدينة «كوريتيبا» البرازيلية وتطورها، حكاية جميلة، ينبغي على المجالس البلدية عندنا الاستفادة منها، ففي القرن السابق كان يطلق على مدينة «كوريتيبا» (المدينة النائمة)، حيث كانت مقصدا للمسافرين كاستراحة مهملة عند التنقل بين المدن، ولكن في عام 1964 أطلقت المدينة مشروع «كوريتيبا الغد»، من أجل التطوير والتحديث، مع الحفاظ على الطابع التراثي والتاريخي.
وكانت «كوريتيبا» تعاني من مشكلة الفوضى المرورية، وتوقف السيارات أمام المحلات والمتاجر، فقررت البلدية هناك، تحويل الشارع التجاري إلى منطقة للمشاة، ومنع السيارات من التوقف أمام المحال التجارية، وحينما علم التجار بذلك، قاموا بتنظيم احتجاج لرفض خطة التطوير، وقرروا رفع الأمر إلى السلطات القضائية.
ولكن عندما علم «عمدة المدينة» بالحملات والاحتجاجات، طلب من مدير المشروع تنفيذ مخطط البناء خلال 48 ساعة.. وبعد اكتمال المشروع، بدأ التجار في الاقتناع بالفكرة، وقاموا بالتنازل عن الدعاوى القضائية، بل ومطالبة عمدة المدينة بتحويل الشارع التجاري بأكمله إلى منطقة للمشاة، نظرا لازدياد عملية الشراء والحركة التجارية، وإقبال المواطنين والسياح.
وبالأمس تابعنا إعلان فوز مشروع بلدية كوريتيبا البرازيلية المتمثل بمبادرة «كوريتيبا تتحدث»، بجائزة التميز الحكومي العالمي، خلال القمة العالمية للحكومات بدبي، وقرأنا أن المشروع :((يمثل حلا مبتكراً يهدف إلى تطوير نموذج أكثر فعالية وكفاءة لتعزيز شراكة أفراد المجتمع في صناعة القرار، حيث يمكن للأفراد المشاركة والمساهمة الفاعلة في عملية تحديد أولويات المدينة في إنفاق الميزانية، وتعد هذه المبادرة نموذجا للمشورة المجتمعية، حيث يجتمع المواطنون مع بلدية «كوريتيبا» لتصميم وإعداد الميزانية السنوية وتوجهاتها المستقبلية)).
ربما كان من الأهمية بمكان أن تستفيد المجالس البلدية في بلادنا من تجربة ومشاريع بلدية مدينة «كوريتيبا» البرازيلية.. أولا في القضاء على ظاهرة توقف السيارات أمام المحلات، وتعطيل حركة السير المرورية وإزعاج القاطنين من أجل طلب «شاي الكرك» أو وجبة «الشاورما» وغيرها.. وثانيا في تطوير المدن والقرى والمناطق وخطة التشجير والمساحات الخضراء.
وثالثا وهو الأهم: تفعيل الشراكة المجتمعية في صنع واتخاذ القرارات البلدية التي تصب في صالح ونفع المواطنين، فعلى الرغم من مرور 100 عام من الانتخابات البلدية البحرينية، ومرور 23 عاما من العمل البلدي مع المشروع الإصلاحي، إلا أن منهجية العمل البلدي لا تزال تراوح مكانها، وتكاد تكون نسخة طبق الأصل مع كل دورة بلدية جديدة.. حيث تجتمع المجالس، وينتقد الأعضاء عدم تجاوب الجهات المختصة، وتتكرر ذات المشاكل والقضايا والموضوعات..!!
العمل البلدي عندنا بحاجة إلى نقل نوعية، ينفض غبار وتراكم البيروقراطية في أدائه، ومن ثم يسهم في تعزيز الشراكة المجتمعية في قراراته، ليصبح أكثر فاعلية وأكثر حيوية.. فمتى سنقرأ ونتابع مشروع «المجالس البلدية تتحدث وتنجز» كما هو مشروع «كوريتيبا تتحدث»..؟
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك