كتبت: زينب إسماعيل
تصوير: محمد عبدالله
افتتح مقهى تريانون يوم الجمعة (9 فبراير 2024)، بحضور كبار الشخصيات والضيوف.
يقع المقهى المستوحى من أناقة نمط الحياة الباريسية في «مبنى بافيليون» بالرفاع، حيث تستمد هندسته المعمارية من قصور الريف الفرنسي الفاخرة، اعتمادا على تصاميم فريدة من القرن الثامن عشر. ويحوي مقتنيات وتحفا من عهد الملك الفرنسي لويس الخامس عشر.
في هذا المقهى المخفي الجديد سيتم الترحيب بالضيوف بشكل يومي في الصالون الداخلي في جوه الحميمي الهادئ، بالإضافة إلى الزوايا الخارجية المظللة بالأشجار والمزينة بالنباتات والزهور، حيث سيستمتع الضيوف بمجموعة متنوعة من أنواع الشاي والقهوة والعصائر والمعجنات والحلويات والشوكولا الفرنسية اللذيذة.
يحتضن بافيليون، هذا المعلم المميز، قصة محلية فريدة جمعت بين عائلتين بحرينيتين عريقتين، المؤيد وكانو، ويضم مقهيين في الوقت الحالي ومركزًا ثقافيًا مستقبليًا، ينقل الزوار إلى نمط حياة أوروبي ساحر بين إيطاليا وفرنسا وبريطانيا، ولكنه أيضًا امتداد لتجربة غير عادية لقصة حب بدأت بالأمل ومرت بالألم وتوجت بالوفاء والذكريات الجميلة.
يحكي هذا المعلم في الرفاع قصة حب دينا كانو وزوجها محمد المؤيد، التي عززها الزواج وشغف الزوجة بتربية أبنائها الثلاثة، كانو ومؤيد وقيس، وانتهت بوفاة الزوجة عام 2013 بسبب مرض السرطان، بعد معاناة شجاعة مع المرض ومعركة استمرت أربع سنوات.
ويقول محمد المؤيد: «يربط المعلم ثلاث دول هي فرنسا وبريطانيا وإيطاليا. الدولتان الأولى والثانية أيضًا لهما قصة، ففي مدينة لندن كانت رحلة علاج زوجتي الراحلة، وفي فرنسا كانت نقطة راحة وترفيه لها أثناء رحلة العلاج، حيث قمنا بشراء بيت في الريف الفرنسي Château de Bussemont يتوسط 90 فدانًا من الحدائق والغابات، لتقضي العائلة فيه وقتًا خاصًا مع دينا التي كانت تمر برحلة تعاف في تلك الأثناء. هذه محطات اخترنا القيام بها بسبب ارتباطها بسنوات زوجتي الأخيرة». هذه الدول الأوروبية ليست فقط نقطة توقف لزوجة محمد، ولكن أيضًا لأنماط الهندسة المعمارية الملهمة والمحببة له.
تم تنظيم حفل حصري، قبل افتتاح المقهى الجديد، للمرحومة دينا كانو، بعد مرور 10 سنوات على ذكرى وفاتها في عام 2013، واحتفاءً بحياتها وحبها لزوجها وأطفالها. واختير شهر فبراير ليتزامن مع اليوم العالمي للتوعية بسرطان الأطفال الذي يتزامن في 15 من هذا الشهر من كل عام، تقديرًا لتفانيها في خدمة اطفالها.
خلال الحفل تم اهداء الضيوف علبا تذكارية صممت خصيصا للمناسبة تحتوي على صابون معطر صنع يدويا في باريس مستلهما شكل ورائحة الوردة التي ابتكرها صانع الورد الفرنسي الأكثر شهرة، «جيو» Guillot في 2017 لتحمل اسم Deena de Bussemont تيمنا بدينا وما تمثله من جمال ونقاء وارتباطها ببيتها الريفي التي زرعت الوردة فيه شتو دي بوسيما.
الفنانة الفرنسية تالا مظهري اتت خصيصا من باريس لهذه المناسبة وللاحتفال بإطلاق هذه التحفة الفنية التي تحمل اسم دينا لترى النور لأول مرة في البحرين.
اليوم، هناك أكثر من 5000 شجيرة من تلك الوردة في حدائق Château de Bussemont في منطقة Champagne في فرنسا. كما يمكن طلب وشراء تلك الشجيرات منذ عام 2018 من المشاتل في فرنسا، حيث خصص 10% من مبيعاتها لصالح جمعية خيرية للعناية بالأطفال المحتاجين في مدينة Vitry -Le-Françoise القريبة من الشاتو.
تكريم محمد لزوجته دينا لم يقتصر على فرنسا، بل امتد إلى البحرين أيضًا، فمن خلال التعاون مع مؤسسة بحرين ترست الخيرية أنشأت مدرسة دينا كانو المصغرة، أول مدرسة مصغرة داخل مستشفى السلمانية الطبي، للأطفال الذين يعانون من أمراض مستعصية أو مزمنة، ويستلزم بقاؤهم في المستشفى فترات طويلة أو زيارات متكررة لتلقي العلاج، حيث يلتحق الطلاب على مدار الأسبوع ببرامج التعليم المناسبة وبرامج لتطوير مهاراتهم الأكاديمية واستكشاف مواهبهم وصقلها، ويحصلون على المتابعة اليومية لواجباتهم المدرسية بالإضافة إلى برنامج ترفيهي وبرامج أخرى تقدم لأسرهم خدمات متنوعة.
في الفترة من 2019 إلى 2023 تبرع محمد المؤيد بحوالي 120 ألف دينار بحريني للمدرسة لدعم 542 طالبًا وجدوا بها، بينما خصص نفس المبلغ للفترة القادمة من 2024 إلى 2028.
وخلال حفل افتتاح المقهى قدم محمد المؤيد شيكًا بقيمة 2000 دينار بحريني لعضو مجلس إدارة مؤسسة بحرين ترست الحارث العطاوي، مقابل عائدات صابون الورد الذي قدم كهدايا تذكارية للحضور خلال حفل الافتتاح.
معلم بافيليون
وفي معلم بافيليون أيضًا وفي الجهة الأخرى من المبنى يوجد المقهى الإيطالي Grande Caffe del Teatro، الذي شهد اهتمامًا محليًا مميزا بعد افتتاحه في عام 2023. يحمل المقهى روح وسحر مدينة البندقية وعراقتها، حيث صمم الديكور ليستمتع الضيوف عند احتساء القهوة الايطالية المعدة تقليديا، وذلك ضمن أجواء مسرحية تنقلهم إلى كارنفال المدينة التي تشتهر برومانسيتها وجمالها وغموضها.
يقدم الشيف الإيطالي رينزو في«Grand Caffe del Teatro» مجموعة من المأكولات الخفيفة والحلويات الإيطالية المميزة والكعكات المستوحاة من طفولته التي عاشها في روما والتي يعدها بشغف في المحل كل صباح، بالإضافة إلى وجبات غداء يومية عند الطلب مسبقا، استنادا إلى مقولة رينزو «لا شيء مصنع أو معد ليبقى أياما في البراد».
كما يحوي الطابق الأرضي من معلم بافيليون على صالون منفصل يتميز بديكوره الفرنسي الأنيق بجدرانه المذهبة، والمستوحى من نمط لويس الخامس عشر في فرساي والمعد لاستضافة شاي بعد الظهيرة الخاص بالملكة الفرنسية الشهيرة ماري أنطوانيت، الذي سيتم افتتاحه في وقت لاحق للمناسبات الخاصة.
وبالانتقال إلى الطابق الأول، ننتقل إلى الحياة في مدينة لندن، حيث استوحي التصميم من مكتبة نادي السيارات الملكي، وهو ناد لرواد السيارات تم بناؤه عام 1897.
حاليا، يضم المركز الثقافي مكتب محمد المؤيد وأبنائه، وفي المستقبل سيصبح مزارًا لرواد الأعمال والطلاب وكل من يريد التعرف على شغفه بتاريخ الفن والهندسة المعمارية والترميم المعماري.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك