العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

زوج في نتانة نتنياهو

يحزنني‭ ‬كثيرا‭ ‬أن‭ ‬زيجات‭ ‬الشباب‭ ‬المعاصر‭ ‬لا‭ ‬تصمد‭ ‬حتى‭ ‬أمام‭ ‬النسمات،‭ ‬دعك‭ ‬من‭ ‬هوج‭ ‬الرياح،‭ ‬فمعدلات‭ ‬الطلاق‭ ‬في‭ ‬الزيجات‭ ‬‮«‬الحديثة‮»‬‭ ‬فوق‭ ‬الـ30%‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬شطب‭ ‬كلمتي‭ ‬زوج‭ ‬وزوجة‭ ‬من‭ ‬الأوراق‭ ‬الرسمية‭ ‬ووضعت‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬شريك‮»‬‭ ‬محلهما،‭ ‬ولكنني‭ ‬لم‭ ‬أحزن‭ ‬للجوء‭ ‬السيدة‭ ‬عواطف‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭ ‬مطالبة‭ ‬بالطلاق‭ ‬من‭ ‬زوجها‭ ‬عليش،‭ (‬هذه‭ ‬حكاية‭ ‬وقائعها‭ ‬حقيقة‭ ‬شهدتها‭ ‬مدينة‭ ‬عربية،‭ ‬ونشرتها‭ ‬الصحف‭ ‬الصادرة‭ ‬فيها‭)‬،‭ ‬وتعاطف‭ ‬معها‭ ‬أقاربها‭ ‬ونصحوها‭ ‬بالاستعانة‭ ‬بأحد‭ ‬المحامين‭ ‬كي‭ ‬تكسب‭ ‬القضية،‭ ‬ولكنها‭ ‬رفضت‭ ‬ذلك،‭  ‬وفي‭ ‬اليوم‭ ‬المحدد‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬وقفت‭ ‬أمام‭ ‬القاضي‭ ‬الذي‭ ‬نبهها‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لاحظ‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تحمل‭ ‬أي‭ ‬مستندات،‭ ‬أو‭ ‬تقدم‭ ‬أسماء‭ ‬أي‭ ‬شهود‭ ‬تستعين‭ ‬بهم‭ ‬لعرض‭ ‬وجهة‭ ‬نظرها‭ ‬كي‭ ‬تكسب‭ ‬دعوى‭ ‬الطلاق،‭ ‬ولكن‭ ‬عواطف‭ ‬قالت‭ ‬للقاضي‭ ‬ما‭ ‬معناه‭ ‬‮«‬مفيش‭ ‬لزوم‮»‬‭ ‬لكل‭ ‬هذا‭.‬

ابتسم‭ ‬القاضي‭ ‬في‭ ‬إشفاق،‭ ‬وأبلغها‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬حقها‭ ‬طلب‭ ‬تأجيل‭ ‬الجلسة‭ ‬كي‭ ‬يتسنى‭ ‬لها‭ ‬إحضار‭ ‬الشهود‭ ‬أو‭ ‬المستندات،‭ ‬ولكنها‭ ‬قالت‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭: ‬مفيش‭ ‬لزوم،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬الزوج‭ ‬وقتها‭ ‬قد‭ ‬حضر‭ ‬أمام‭ ‬القاضي،‭ ‬وحسبما‭ ‬هو‭ ‬معمول‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬المحاكم‭ ‬فإن‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬يستمر‭ ‬طالما‭ ‬تم‭ ‬إبلاغ‭ ‬الطرفين‭ ‬بموعد‭ ‬المثول‭ ‬أمام‭ ‬القاضي،‭ ‬وطالما‭ ‬لم‭ ‬يتقدم‭ ‬أي‭ ‬منهما‭ ‬بطلب‭ ‬تأجيل‭ ‬الجلسة،‭ ‬وطلب‭ ‬القاضي‭ ‬من‭ ‬عواطف‭ ‬طرح‭ ‬أسباب‭ ‬مطالبتها‭ ‬بالطلاق،‭ ‬فقالت‭: ‬زوجي‭ ‬لا‭ ‬يستحم‭! ‬صاح‭ ‬القاضي‭ ‬وهو‭ ‬يكتم‭ ‬ضحكته‭: ‬نعم‭ ‬قلتِ‭ ‬إيه؟‭ ‬ردت‭: ‬قلت‭ ‬إن‭ ‬زوجي‭ ‬عليش‭ ‬لا‭ ‬يستحم،‭ ‬أي‭ ‬لا‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬الماء‭ ‬والصابون‭!  ‬وله‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬نظرية،‭ ‬وهي‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬الماء‭ ‬يزيل‭ ‬الأوساخ‭ ‬والروائح‭ ‬الكريهة،‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬السمك‭ ‬أسوأ‭ ‬الكائنات‭ ‬‮«‬زفارة‮»‬‭ ‬ورائحة‭!‬

وقع‭ ‬القاضي‭ ‬في‭ ‬حيص‭ ‬بيص،‭ ‬فكون‭ ‬أحد‭ ‬الزوجين‭ ‬وسخ‭ ‬البدن‭ ‬وكريه‭ ‬الرائحة،‭ ‬سبب‭ ‬كاف‭ ‬للتفريق‭ ‬بينهما‭ ‬إذا‭ ‬طلب‭ ‬الطرف‭ ‬‮«‬النظيف‮»‬‭ ‬ذلك،‭ ‬ولكن‭ ‬كيف‭ ‬له‭ ‬كقاض‭ ‬أن‭ ‬يتأكد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬عليش‭ ‬هذا‭ ‬يستحم‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يستحم‭. ‬وبعد‭ ‬صمت‭ ‬طويل‭ ‬سألها‭ ‬القاضي‭: ‬ماذا‭ ‬تقصدين‭ ‬بالضبط‭ ‬بالقول‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يستحم؟‭ ‬ردت‭ ‬عليه‭: ‬أقصد‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬إنه‭ ‬معفن‭ ‬ونتن‭ ‬الرائحة،‭ ‬والجلوس‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬أمتار‭ ‬منه‭ ‬كالجلوس‭ ‬داخل‭ ‬برميل‭ ‬قمامة‭ ‬به‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬الفسيخ‭ ‬بقي‭ ‬تحت‭ ‬الشمس‭ ‬نحو‭ ‬شهرين‭ ‬بسبب‭ ‬إضراب‭ ‬عمال‭ ‬جمع‭ ‬النفايات‭. ‬ثم‭ ‬أضافت‭: ‬باختصار‭ ‬يا‭ ‬حضرة‭ ‬القاضي‭ ‬زوجي‭ ‬لم‭ ‬يستحم‭ ‬سوى‭ ‬مرتين‭ ‬خلال‭ ‬العامين‭ ‬الماضيين‭ ‬بواقع‭ ‬مرة‭ ‬كل‭ ‬سنة‭!‬

أحس‭ ‬القاضي‭ ‬أنه‭ ‬أمام‭ ‬قضية‭ ‬حساسة،‭ ‬وأن‭ ‬السيدة‭ ‬الواقفة‭ ‬أمامه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بلهاء‭ ‬بفبركة‭ ‬أكذوبة‭ ‬حول‭ ‬زوجها‭ ‬أمام‭ ‬القضاء،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬قواها‭ ‬العقلية،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬القاضي‭ ‬يميل‭ ‬إلى‭ ‬تصديق‭ ‬روايتها،‭ ‬لأنه‭ ‬أدرك‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬المرأة‭ ‬الواقفة‭ ‬أمامه‭ ‬‮«‬مستهبلة‮»‬‭ ‬لقدمت‭ ‬سبباً‭ ‬آخر‭ ‬قوياً‭ ‬يبرر‭ ‬طلبها‭ ‬الطلاق‭! ‬وبينما‭ ‬هو‭ ‬يملي‭ ‬على‭ ‬كاتب‭ ‬المحكمة‭ ‬أنه‭ ‬تقرر‭ ‬تأجيل‭ ‬الجلسة‭ ‬لتاريخ‭ ‬لاحق‭ ‬للنطق‭ ‬بالحكم،‭ ‬أعلن‭ ‬الحاجب‭ ‬وصول‭ ‬الزوج‭ ‬عليش،‭ ‬فأمر‭ ‬القاضي‭ ‬بإدخاله‭ ‬إلى‭ ‬القاعة‭.‬

ودخل‭ ‬عليش‭ ‬القاعة‭ ‬فانتفض‭ ‬القاضي‭ ‬واقفاً‭ ‬وقال‭: ‬رفعت‭ ‬الجلسة،‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬بمجرد‭ ‬دخول‭ ‬الرجل‭ ‬القاعة‭ ‬أحس‭ ‬القاضي‭ ‬بتسونامي‭ ‬يفقده‭ ‬توازنه‭ ‬وبعض‭ ‬قواه‭ ‬العقلية،‭ ‬فقد‭ ‬نفذت‭ ‬إلى‭ ‬خياشيمه‭ ‬روائح‭ ‬عجيبة‭ ‬صفعت‭ ‬رئتيه‭ ‬وأصابته‭ ‬بصداع‭ ‬نصفي،‭ ‬ولكن‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬يغادر‭ ‬القاعة‭ ‬غير‭ ‬رأيه،‭ ‬وطلب‭ ‬إبعاد‭ ‬عليش‭ ‬عن‭ ‬المنصة‭: ‬روح‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬القاعة،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬اطمأن‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬صار‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬آمنة‭ ‬نسبياً،‭ ‬سأله‭: ‬هل‭ ‬صحيح‭ ‬أنك‭ ‬لم‭ ‬تستحم‭ ‬سوى‭ ‬مرتين‭ ‬خلال‭ ‬العامين‭ ‬الماضيين؟‭ ‬قال‭ ‬عليش‭: ‬نعم‭..  ‬سأله‭ ‬القاضي‭: ‬ولماذا‭ ‬‮«‬غلَّبت‭ ‬حالك‮»‬‭ ‬واستحممت‭ ‬مرتين‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬شهراً؟‭ ‬فجاءه‭ ‬رد‭ ‬عليش‭ ‬بأنه‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يغتسل‭ ‬للتطهر‭ ‬وأداء‭ ‬الصلاة،‭ ‬هنا‭ ‬صاح‭ ‬القاضي‭ ‬بأعلى‭ ‬صوته‭: ‬روح‭ ‬وأنت‭ ‬طالق‭ ‬بالتلاتة،‭ ‬وعلي‭ ‬الطلاق‭ ‬يا‭ ‬عليش‭ ‬لو‭ ‬سمعت‭ ‬أنك‭ ‬تزوجت‭ ‬ولو‭ ‬في‭ ‬أستراليا‭ ‬سأرفع‭ ‬عليك‭ ‬دعوى‭ ‬في‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬أو‭ ‬ألفق‭ ‬لك‭ ‬تهمة‭ ‬توديك‭ ‬غوانتنامو،‭ ‬ثم‭ ‬أمر‭ ‬عليش‭ ‬بمغادرة‭ ‬المكان‭ ‬فوراً‭: ‬اطلع‭ ‬إلهي‭ ‬تطلع‭ ‬روحك‭!  ‬يعني‭ ‬أدرك‭ ‬القاضي‭ ‬أن‭ ‬الزوج‭ ‬لم‭ ‬يكتف‭ ‬فقط‭ ‬بالنتانة‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬لم‭ ‬يقرب‭ ‬زوجته‭ ‬سوى‭ ‬مرتين‭ ‬في‭ ‬سنتين‭ ‬ولولا‭ ‬ذلك‭ ‬لما‭ ‬استحم‭ ‬تلكما‭ ‬المرتين‭!.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا