اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
شجاعة تقبل الآخر
هذا الجدال المستمر حول قضية المقاطعة والمطروح بقوة على الساحة منذ السابع من أكتوبر الماضي، والذي لا أظنه سوف ينتهي، كشف من جديد عن كيفية سوء تعاملنا مع بعضنا البعض حين نختلف في وجهات النظر، وعن مدى عدم تقبلنا للرأي الآخر أو احترامه.
فمؤخرا خرج علينا د. علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف مفتي الديار المصرية السابق يقول رأيه حول قضية المقاطعة، مؤكدا وجوبها على مستوى الدول، مشيرا إلى أنه بعد أن اشترى إخوتنا المصريون تلك البضائع ودفعوا ثمنها من أموالهم فقد صارت لنا ومتسائلا:
فكيف نقاطع إخواننا هنا في مصر؟!
لا يصح!!
وما إن أفصح عالمنا الجليل عن رأيه هذا حتى انهالت عليه عبارات الشتائم من سب وقذف من كل صوب، وبمنتهى قلة الأدب والسخرية والتعسف، هذا لمجرد انه أعرب عن وجهة نظره حول قضية اختلف عليها وحولها الكثيرون، فهناك من يؤيد المقاطعة لكل منتج يصب عائده في خزائن إسرائيل وكذلك أمريكا، وله كل الاحترام، وعلى الجانب الآخر يرى البعض في المقاطعة قطعا لأرزاق أناس لا حول لهم ولا قوة وإضرارا فادحا بأصحاب الأعمال من المواطنين العرب والمسلمين، ومع هذا الفريق الحق أيضا في إبداء وجهة نظره والأخذ بها.
حين نكون أمام قضية موضع اختلاف في الرأي لا يجب أن نحولها إلى خلاف فيما بيننا يغلب عليه العنصرية أو الشخصنة، فالاختلاف مطلوب، بل هو ميزة لا تفسد للود قضية، ومساحة لتوضيح وتبيان الأمور، لذا لا يجوز لأي طرف أن يدخل الحوار فقط لإثبات أن رأيه هو الصحيح، ودون ذلك هو باطل، فالحوار جسر أو أداة نستخدمها جميعا لتمرير أفكارنا لبعضنا البعض، ومن أبسط مبادئه هو الأدب، واحترام الآخر وعدم تحويله إلى شجار وصراخ وصراع، فكما يقول الله سبحانه وتعالى:
«ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين».
هذا هو ما جاء نصا في ديننا الحنيف، لذلك يجب على المسلم أن يحترم أي فكرة مخالفة لفكرته، وأن يستمع إليها، ويناقشها بكل موضوعية واحترام، فليست الشجاعة أن تقبل الرأي الذي يعجبك، بل الشجاعة أن تتقبل الرأي الآخر كما قال الشاعر العظيم أحد كبار رجال النهضة الثقافية في مصر والعالم العربي أحمد حسن الزيات.
لقد صدق بالفعل أبو الأدب الأمريكي مارك توين حين قال:
«إننا نحب كل شخص يقول لنا رأيه بصراحة.. إذا كان هذا الرأي يتفق مع رأينا»!
وكأنه يترجم حالنا المزرى نحن العرب وببراعة!
أقولها مرة أخرى ولن تكون الأخيرة:
«دعونا نختلف.. ولكن بأدب»!!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك