العدد : ١٧٠٥٠ - الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٠ - الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عربية ودولية

الأكفان البيضاء في غزة تتراص شاهدة على العدد الضخم من الشهداء المدنيين

السبت ٣٠ ديسمبر ٢٠٢٣ - 02:27

قطاع‭ ‬غزة‭ ‬‭ (‬رويترز‭): ‬كتب‭ ‬زوج‭ ‬على‭ ‬كفن‭ ‬زوجته‭ ‬التي‭ ‬حصد‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬روحها‭ ‬‮«‬حياتي‭.. ‬عيوني‭.. ‬روحي‮»‬‭ ‬وكتب‭ ‬ابن‭ ‬على‭ ‬كفن‭ ‬والدته‭ ‬‮«‬أمي‭ ‬وكل‭ ‬شيء‮»‬‭.‬

الفقيدتان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬21‭ ‬ألف‭ ‬فلسطيني‭ ‬استشهدوا‭ ‬في‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬منذ‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭.‬

وعلى‭ ‬مدى‭ ‬12‭ ‬أسبوعا‭ ‬انقضت،‭ ‬باتت‭ ‬الأكفان‭ ‬البيضاء‭ ‬المتراصة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬رمزا‭ ‬للشهداء‭ ‬المدنيين‭. ‬

وفي‭ ‬مقابل‭ ‬نقص‭ ‬حاد‭ ‬في‭ ‬الغذاء‭ ‬والمياه‭ ‬والأدوية‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬المحاصر‭ ‬ظلت‭ ‬الأكفان‭ ‬البيضاء‭ ‬وفيرة‭. ‬لكن‭ ‬كلمات‭ ‬الحب‭ ‬لا‭ ‬تكتب‭ ‬عليها‭ ‬كلها،‭ ‬ففي‭ ‬ظل‭ ‬فوضى‭ ‬العدوان،‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬رحلوا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬هوياتهم‭. ‬

في‭ ‬تلك‭ ‬الحالات‭ ‬يحمل‭ ‬الكفن‭ ‬كلمات‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬ذكر‭ ‬مجهول‮»‬‭ ‬و«أنثى‭ ‬مجهولة‮»‬‭. ‬وقبل‭ ‬الدفن‭ ‬يتم‭ ‬التقاط‭ ‬صور‭ ‬للموتى‭ ‬وتوثيق‭ ‬تاريخ‭ ‬وموقع‭ ‬القصف‭ ‬الذي‭ ‬أودى‭ ‬بحياتهم‭ ‬ليتسنى‭ ‬لذويهم‭ ‬التعرف‭ ‬عليهم‭ ‬يوما‭ ‬ما‭.‬

وحتى‭ ‬إن‭ ‬تفاقم‭ ‬الصراع‭ ‬أكثر‭ ‬فمن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تواكب‭ ‬إمدادات‭ ‬الأكفان‭ ‬البيضاء‭ ‬التي‭ ‬تتبرع‭ ‬بها‭ ‬حكومات‭ ‬عربية‭ ‬ومؤسسات‭ ‬خيرية‭ ‬وتيرة‭ ‬الطلب‭ ‬المتزايد‭. ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬صعوبات‭ ‬بسبب‭ ‬العدد‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬الشهداء‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬توجد‭ ‬فجوات‭ ‬في‭ ‬إتاحتها‭ ‬بين‭ ‬مكان‭ ‬وآخر‭. ‬

وقال‭ ‬محمد‭ ‬أبو‭ ‬موسى‭ ‬المتطوع‭ ‬في‭ ‬جمعية‭ ‬قيراطان‭ ‬لتجهيز‭ ‬الموتى‭ ‬‮«‬فوجئنا‭ ‬بأن‭ ‬عددا‭ ‬كبيرا‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬الأكفان‭.. ‬مخزون‭ ‬الأكفان‭ ‬اللي‭ ‬كان‭ ‬أهل‭ ‬الخير‭ ‬متبرعين‭ ‬فيه‭ ‬نفد‭ ‬تماما‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬أيام‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭... ‬مكانش‭ ‬عندي‭ ‬أكفان‭ ‬كنت‭ ‬أواجه‭ ‬صعوبة‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬الأكفان‭ ‬وكنت‭ ‬تقريبا‭ ‬أحط‭ ‬أربعة‭ ‬خمسة‭ ‬شهداء‭ ‬في‭ ‬كفن‭ ‬واحد‮»‬‭.‬

وتابع‭ ‬أبو‭ ‬موسى‭ ‬قائلا‭ ‬وهو‭ ‬يصف‭ ‬ما‭ ‬يواجههم‭ ‬من‭ ‬صعوبات‭: ‬‮«‬فيه‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬المشارط‭.. ‬المقصات‭ ‬اللي‭ ‬تلزمنا‭ ‬عشان‭ ‬نجهز‭ ‬الأكفان‭ ‬طبعا‭.. ‬زي‭ ‬ما‭ ‬أنت‭ ‬عارف‭ ‬الوضع‭ ‬فيه‭ ‬حصار‭ ‬ومفهش‭ ‬مواد‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬فبنلاقي‭ ‬صعوبة‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬المقصات‭.. ‬المشارط‭.. ‬القطن‮»‬‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أرقام‭ ‬الشهداء‭ ‬خيالية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليه‭ ‬وغير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مرات‭ ‬سابقة‭ ‬من‭ ‬الاعتداءات‭ ‬والتصعيد‭. ‬

ويقول‭ ‬مروان‭ ‬الهمص‭ ‬مدير‭ ‬مستشفى‭ ‬أبو‭ ‬يوسف‭ ‬النجار‭ ‬إن‭ ‬شيوع‭ ‬الأكفان‭ ‬البيضاء‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬حجم‭ ‬المعاناة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬

وتابع‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬كترة‭ ‬الشهداء‭ ‬جعلت‭ ‬الكفن‭ ‬الأبيض‭ ‬رمزا‭ ‬لهذه‭ ‬الحرب‭ ‬وأصبح‭ ‬يوازي‭ ‬علم‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬تأثيره‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬العالم‭ ‬ومعرفة‭ ‬العالم‭ ‬برمزية‭ ‬قضيتنا‭... ‬أصبح‭ ‬الآن‭ ‬الكفن‭ ‬هو‭ ‬رمز‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ورمز‭ ‬لهذه‭ ‬الحرب‭.. ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬ضد‭ ‬أبناء‭ ‬شعبنا‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‮»‬‭.‬

وذكر‭ ‬طبيب‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬رفح‭ ‬جنوب‭ ‬القطاع‭ ‬لرويترز‭ ‬أن‭ ‬الأكفان‭ ‬التي‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬تبرع‭ ‬عربية‭ ‬تصل‭ ‬مغلفة‭ ‬وبها‭ ‬مستلزمات‭ ‬تجهيز‭ ‬الجثمان‭. ‬

وقال‭ ‬مسؤول‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬لرويترز‭: ‬‮«‬في‭ ‬نوعين‭ ‬من‭ ‬الأكفان‭ ‬قماش‭ ‬ونايلون‭... ‬الأكياس‭ ‬النايلون‭ ‬بتيجي‭ ‬بلونين‭ ‬أبيض‭ ‬وأسود،‭ ‬أحيانا‭ ‬نستخدم‭ ‬اللونين‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تحضير‭ ‬جثامين‭ ‬الشهداء‭ ‬للدفن‮»‬‭. ‬وتابع‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬أحيانا‭ ‬بتحصل‭ ‬وبتجينا‭ ‬مساعدات‭ ‬أكفان‭ ‬باللون‭ ‬الأسود‭.. ‬بس‭ ‬إحنا‭ ‬نحاول‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬تجنبها‭ ‬طالما‭ ‬موجود‭ ‬اللون‭... ‬وبنفضل‭ ‬الأبيض‭.. ‬الكميات‭ ‬الموجودة‭ ‬لدينا‭ ‬كبيرة‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬الأكفان‭ ‬القماشية‭ ‬باللون‭ ‬الأبيض‮»‬‭. ‬

في‭ ‬الأوقات‭ ‬العادية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬لحظة‭ ‬وفاة‭ ‬شخص‭ ‬يسارع‭ ‬أحد‭ ‬أقاربه‭ ‬للسوق‭ ‬لشراء‭ ‬كفن‭. ‬لكن‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬عبد‭ ‬الحميد‭ ‬عبد‭ ‬العاطي‭ ‬الصحفي‭ ‬المحلي‭ ‬جاء‭ ‬زمن‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬بمشاهد‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬والدمار‭ ‬وضعته‭ ‬أمام‭ ‬موقف‭ ‬رأى‭ ‬فيه‭ ‬جثث‭ ‬ستة‭ ‬من‭ ‬أحبائه‭ ‬تسحب‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬الركام،‭ ‬منهم‭ ‬أمه‭ ‬وشقيقه‭.‬

راح‭ ‬الستة‭ ‬ضحية‭ ‬غارة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬على‭ ‬مخيم‭ ‬النصيرات‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬ديسمبر‭. ‬ودمرت‭ ‬الضربة‭ ‬البناية‭ ‬على‭ ‬رؤوسهم‭ ‬وهم‭ ‬نائمون‭. ‬

وروى‭ ‬كيف‭ ‬أخذ‭ ‬على‭ ‬عاتقه‭ ‬الإجراءات‭ ‬في‭ ‬تجربة‭ ‬وصفها‭ ‬بأنها‭ ‬الأكثر‭ ‬إيلاما‭ ‬في‭ ‬حياته‭. ‬وقال‭ ‬‮«‬أخذت‭ ‬الأكفان‭ ‬من‭ ‬المستشفى‭ ‬وكفنتهم‭ ‬بنفسي‮»‬‭. ‬

وأضاف‭ ‬لرويترز‭: ‬‮«‬أول‭ ‬واحد‭ ‬كفنته‭ ‬أخوي،‭ ‬البقية‭ ‬ومن‭ ‬ضمنهم‭ ‬أمي‭ ‬إجو‭ ‬ملفوفين‭ ‬بالبطانيات‭ ‬فما‭ ‬رضيتش‭ ‬أكشف‭ ‬عنهم‭ ‬وحطيت‭ ‬الكفن‭ ‬فوق‭ ‬الأغطية،‭ ‬لفيتهم‭ ‬كويس‭ ‬وودعتهم‮»‬‭. ‬

وتابع‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬وأنا‭ ‬بكفنهم‭ ‬كنت‭ ‬بحكي‭ ‬معهم‭.. ‬قلت‭ ‬لهم‭ ‬سلموا‭ ‬على‭ ‬أبوي‭.. ‬وطلبت‭ ‬منهم‭ ‬يتشفعولي‭ ‬عند‭ ‬ربي‭ ‬أنا‭ ‬وعيلتي‭... ‬وأنا‭ ‬بكفنهم‭ ‬كنت‭ ‬بتساءل‭ ‬شو‭ ‬ذنبهم،‭ ‬شو‭ ‬اللي‭ ‬عملوه؟‭ ‬ليش‭ ‬تم‭ ‬قتلهم‭ ‬بهاي‭ ‬الطريقة‭ ‬الوحشية؟‭ ‬ليش‭ ‬إسرائيل‭ ‬قتلتهم‭ ‬وهم‭ ‬نايمين‭ ‬في‭ ‬سلام؟‮»‬‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا