الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
الأخطر من «الاعتياد» .. وحلل يا «دويري»..!!
في أحد مساجد مدينة الحد بمحافظة المحرق لا يزال إمام المسجد هناك محافظا في جميع فروض الصلوات الخمس يوميا على دعاء القنوت لنصرة الشعب الفلسطيني في غزة، على الرغم من أن العديد من المساجد والجوامع جعلت دعاء القنوت خلال صلاة واحدة في الأسبوع فقط، والبعض ربما أصبح لا يقنت.
لا شيء في ذلك ولا ضرر ولا خطأ، سوى أن مسألة «الاعتياد» على ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من الجرائم الإسرائيلية، هو الضرر والخطأ.. ولربما كانت مسألة «الاعتياد» سلوك إنساني طبيعي، في ظل تزاحم المشاغل، وتعقيدات الحروب، وتداخل الأمور.. غير أن التذكير بنصرة ودعم فلسطين، هو الواجب والمسؤولية.. ولنا في الخطابات الملكية السامية خير مثال، وهي من الثوابت الوطنية الراسخة في السياسة والدبلوماسية والنهج الحكيم لمملكة البحرين.
ولعل في استمرار نشر صور التضامن مع فلسطين عبر وسائل التواصل، وسيلة فاعلة في استمرارية «إحياء» التضامن، وكسر «الاعتياد»، بل وحتى في رفع الروح المعنوية للفلسطينيين، الذين رددوا عبارة «حلل يا دويري»، في إشارة لمتابعة الشعب الفلسطيني الشقيق لما يقوله المحلل الاستراتيجي «فايز الدويري» في توضيح حقائق الأوضاع المبشرة للنصر الفلسطيني.
منذ أيام كتب الأستاذ «سليمان جودة» حول مسألة «الاعتياد»، وقال: إن الاعتياد في الحياة العامة يقتل الشغف بالأشياء، ويجعل الأمر يتحول من قضية كانت تستحوذ على اهتمام الناس إلى مسألة لا تكاد تستوقف أحدًا.. وإذا استوقفتهم ففي أقل القليل.
وحتى على الشاشات والصفحات الأولى من الجرائد، تستطيع أن تلاحظ الشيء نفسه، وتستطيع أن ترى أن أخبار الحرب تراجعت درجة، وربما درجات عن الصدارة.. وتستطيع أن ترى أن أخبارًا أخرى تزحف لتحل محلها، رغم أن الحرب في القطاع لم تتوقف، ورغم أن المقتلة الإسرائيلية مستمرة بعنفها وجنونها، ورغم أن حصد الأرواح يمضي في طريقه مثل الأول وأكثر.
ولابد أن المتابع لأخبار الحرب عنده أعذاره، لأنه كان مأخوذًا إليها بكل حواسه منذ بدأت في أكتوبر، ولكن حواسه كلها قد أرهقتها الحرب بما يكفي، وكان هذا طبيعيًا لأن الحرب دامت شهرين كاملين، وكادت تطوي شهرها الثالث.
وما جرى مع الحرب على غزة تكرر من قبل مع الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.. فهي تكاد تدخل عامها الثالث، وهي تدور بوتيرتها الأولى، وربما بوتيرة أعلى، ولكن المتابع لها فقد الشغف بها، ولم يعد اهتمامه بتفاصيلها كما كان في بدايتها، وصار إذا صادفته أخبارها على الشاشة، أو على صدر صحيفته المفضلة، قفز فوقها إلى غيرها.
ولم يكن حظ الحرب في السودان بأفضل من حظ الحربين السابقتين، لأنها هي الأخرى تطحن السودانيين منذ اشتعلت في إبريل، ولكن جاءت الحرب على غزة فغطت فوقها، ثم جاء الاعتياد فغطى على الحروب الثلاث أو كاد.. تستطيع أن ترى هذا كله بالعين المجردة، رغم أن وقود الحروب الثلاث ليس سوى آحاد الناس.
لذلك كله ولكثير غيره.. نقول: أن الأخطر والأسوأ من مسألة «الاعتياد» مع ما يحصل في غزة.. هو التحول والانتقال إلى «اعتياد» التشكيك والمزايدة وربما الانتقاص من جهود الدولة في دعم القضية الفلسطينية.. وذلك لا يسمى «اعتيادا» ولكنه يسمى أمرا آخر.. وحلل يا «دويري»..!!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك