اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
تحت عين الشمس
هناك مبدأ شهير وجميل يقول: «إن المشاكل لا تبرأ عللها.. إلا تحت عين الشمس»!
بمعنى آخر، يجب أن نعترف بوجود أي مشكلة، وبضرورة مواجهتها ومناقشتها والبحث عن حلول لها، وذلك في العلن، من دون خجل أو تخوف أو مواربة، وهذا ما فعلته دولة الكويت مشكورة في خطوة غير مسبوقة حين أقدمت على إبعاد ثلاثة آلاف متحول جنسي عن البلاد، حيث أصدر وزير الداخلية تعليمات صارمة تؤكد ضرورة تنظيف البلاد من الشاذين جنسيا وذلك في ظل الجدال المحتدم الذي يسيطر اليوم على كل المجتمعات فيما يتعلق بما يسمى المثلية الجنسية.
لقد أعلنت الجمعية الطبية الأمريكية مؤخرا أنه يجب ألا يحدد جنس المولود في شهادة الميلاد، لأنه لا يعلم أحد ذلك حتى يختار هو هويته الجنسية، وقد صرح أحد المسؤولين بها بأن الناس لا يدركون مدى الضرر الذي يمكن لذلك أن يلحقه بالمجتمع في كل مناحي الحياة، في الفن والموسيقى والتربية ورعاية الأطفال والعلاقة بين الذكر والأنثى، موضحا أن تحديد جنس المولود في شهادة الميلاد إنما يفسد الحقل الطبي تماما، وأن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال تبنت موضوع الرعاية الإيجابية لإعطاء القصر مثبطات الهرمونات واصفا هذا الأمر بأنه شيطاني.
في الحقيقة أبلغ رد على ذلك المسؤول الذي لا يملك أبسط مبادئ المسؤولية هو أن تصريحه هذا هو ما يمكن وصفه بأنه شيطاني، ويحمل إفسادا للحياة وللفطرة ولتعاليم الأديان، بدليل أن هذا الرأي الشاذ تزامن مع تدشين ناشطين أمريكيين على مواقع التواصل الاجتماعي حملة باسم «فطرة» تدعو إلى محاربة المثلية الجنسية، ومجابهة الحملات التي تدعم هؤلاء بهدف ترسيخ فكرة تجميع الرافضين بمختلف الشرائع السماوية ومن كل الثقافات وهم الأغلبية بالطبع.
المثلية الجنسية أو الشذوذ مشكلة معروفة منذ القدم، وحاربتها جميع الديانات السماوية لخروجها عن أساس الخلقة الآدمية، ولكنها لم تأخذ هذا القدر من الأهمية مثلما يحدث هذه الأيام، الأمر الذي يستدعي الاعتراف بوجودها وبخطورتها وضرورة الوصول إلى حلول لها للتصدي لها ولمن يروجونها وبكل تبجح تحت عين الشمس، فالأمر بات يتطلب المواجهة الشجاعة والجريئة بقوة القانون عبر إصدار تشريعات ناظمة لحماية المجتمع ، ولمنع الاعتراف بالشذوذ على الملأ بكل تباهٍ وفخر، خاصة في ظل العولمة الثقافية التي اختلط بها الحابل بالنابل والجيد بالرديء والخطأ بالصواب، للأسف الشديد.
نعم، لكل فرد أن يمارس حريته تجاه اختياراته وقرارته، ولكن مع نفسه، وداخل أسوار بيته، فلا ذنب لغيره من الرافضين له ولمبادئه ولأفعاله الشائنة في أن يتقبله ويتعايش معه كرها وإجبارا، والسؤال المهم هنا:
كيف نحمي أبناءنا من هذه الأفكار الشاذة والقناعات المتوحشة، والتي يتعرضون لها اليوم وتصل إليهم على طبق من ذهب، ورغما عنا، شئنا ذلك أم أبينا؟
لعل الحل إلى جانب قوة القانون كما فعلت دولة الكويت إنما يكمن في توفير قدر من الثقافة الجنسية والنفسية السليمة لأبنائنا، والتي تتناسب مع كل الأعمار، وذلك من خلال المناهج الدراسية، وفي سن مبكرة، على أن يتم ذلك تحت عين الشمس!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك