زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
لهم الملايين ولي الملاليم *
مع قرب نهاية كل عام تقويمي (وأكرر للمرة الـ66653 إن الصحيح هو ان نقول عما نسميه بالعام الميلادي إنه عام تقويمي calendar year)، المهم أنني وعند نهايات السنة ابحث عن أبرز ما حدث فيها من إخفاقات ونجاحات وأحداث مهمة، ولسبب لا أفهمه فإنني حريص أيضا على الاطلاع على القائمة السنوية لأثرياء العالم وتحديدا المليارديرات في مجلة فوربس الأمريكية، ومنذ بضعة أيام وأنا مشغول بقراءة ملحق أصدرته صحيفة «صنداي تايمز» اللندنية، عن أغنى الأغنياء على أمل أن ينتقل فيروس الشراء إلى جسمي عبر الاحتكاك المباشر بأسماء وصور الأغنياء، وكلما رأيت المليارديرات بوجوههم المكرمشة والمجعدة صحت: خلاص يا جماعة شبعتم بملايينكم المتلتلة، فأعطوني بعض «الكسور» من ثرواتكم لأخرج مما أنا فيه من تلتلة (التلتلة في السودان هي البهدلة والشيء المتلتل هو الكثير عددا).
الله يرحمك يا أبي، يعني لو أنشأت مصنعا للسيارات أو الطائرات أو حتى مطبعة بدلاً من إدارة مطعم بائس في مدينة كوستي، لما كنت اليوم ألهث وراء بيل غيتس وعوانس هوليوود ذوات المال وبعض الجمال. ومع هذا فقد قرأت ذلك الملحق دون أن تحرقني نيران الحسد، ولكن ما إن قرأت تقريرًا في جريدة «أوبزيرفر» حول مليونيرات بريطانيا دون سن الثلاثين حتى احمرت خدودي من الحسد والحقد (تخيل، أي درجة من الحسد يمكن أن تجعل خد زول مثلي – أنظر صورتي -يكتسب اللون الأحمر؟)، ولد صايع اسمه دان مكميلان ورث عن أبيه 200 مليون جنيه إسترليني يعني زيليون تريليون جنيه سوداني دون أن يفعل شيئًا!! الله يرحمك يا أبي: ماذا أورثتني؟ أفواها كلما ملأتها صاحت مثل جهنم: هل من مزيد؟ منزلا متهالكا كله أزقة وحواري وكأنما رسم خريطته مخترع المكرونة الأسباغيتي؟ سقفه يطقطق في الصيف مسبحا بحمد الله، حتى خشينا ان يسجد فبعناه طلبا للسلامة.
أما أيرل آيفي فقد ورث عن أبيه أكثر من ملياري جنيه إسترليني، يعني لو أعطاني ألف جنيه يوميا نستطيع أن نعيش أنا وهو وأحفادنا في بحبوحة طوال القرن الحادي والعشرين، وبثروة كهذه (ألف جنيه إسترليني يوميا) سأستنسخ نفسي لأعطيها فرصة أن تعيش طفولة منعمة لاستمتع باللعب بالدمي والالكترونيات بدلاً من اللعب بالطين الذين كنا نأكل نصفه.
ومن بين مليونيرات بريطانيا وأحد مسلم اسمه طاهر محسن جمع 27 مليون جنيه إسترليني من بيع الكمبيوترات، ومنذ عشرين سنة وأنا أبيع المقالات دون أن أتمكن من جمع 17 ألف دولار، مع أن المقالات من إعدادي وإنتاجي في حين أن طاهر يبيع جهد وإنتاج الآخرين!! يخيل إليّ أن المشكلة تكمن في الجينات وجوازات السفر!! يعني لو قمت ببيع كمبيوترات في السودان قد أجمع 27 مليون جنيه سوداني (نحو 3 آلاف إسترليني)، يعني مفيش فايدة!! والحل؟.. الحل هو أن أحصل على جواز سفر لدولة عضو في حلف الناتو أي الأطلسي!! ولكن كيف؟ لا بد من عملية زرع جلد أبيض ونقل رأس، أي الحصول على رأس أشقر بأنف لا يحتل نصف الوجه! ونقل رأس أبيض إلى جسمي من شخص مات دماغيا، معقولة في أحد جوانبها، ولكنها تعني أن أخضع للذبح في مستشفى أوروبي، ولكن من يضمن لي أنهم سيذبحونني بالطريقة الحلال، ثم ان اكتساب رأس أبيض على جسم أسمر كاكاوي ستجعل شكلي مخيفا، وبالتالي لا بد أن ينقلوا لي جلد شخص أبيض بعد تقشير جلدي كالح اللون، وليفعلوا ذلك لا بد من سلخ جلد ذلك الشخص، ولو أعطوني كنوز الدنيا وكان بقائي على قيد الحياة يتوقف على الحصول على جلد آدمي بغيض الى نفسي مثل نتنياهو، لرفضت.
بالمناسبة يوم 1 سبتمبر الذي مضى كان ذكرى يوم مولدي، وكما ظللت أقول كل عام: لو كان فيكم خير يا قراء وقارئات، وكل واحد منكم دفع دينارا إضافيا عند شراء نسخة من الجريدة أو الاطلاع على النسخة الإلكترونية، كانت حصتي منها بضعة آلاف من الدنانير البحرينية التي ستجعلني مليارديرا عند ترجمتها الى الجنيه السوداني.
* المليم في العملتين المصرية والسودانية يساوي واحدا على الألف من الجنيه.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك