العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

هل فعلا للمرأة قضية؟

كثيرا‭ ‬ما‭ ‬أطلب‭ ‬من‭ ‬القراء‭ ‬أن‭ ‬يشرحوا‭ ‬لي‭ ‬معاني‭ ‬بعض‭ ‬الكلمات‭ ‬والأمور‭ ‬فيقابل‭ ‬طلبي‭ ‬بالإهمال،‭ ‬ولهذا‭ ‬مازلت‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬كوعي‭ ‬من‭ ‬بوعي،‭ ‬ولا‭ ‬أعرف‭ ‬هل‭ ‬عندي‭ ‬كراديس‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬كما‭ ‬ظللت‭ ‬عاجزا‭ ‬عن‭ ‬فهم‭ ‬أمرين‭: ‬‮«‬القضايا‭ ‬ذات‭ ‬الاهتمام‭ ‬المشترك‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يبحثها‭ ‬زعماؤنا‭ ‬كلما‭ ‬التقوا‭ ‬نظراءهم،‭ ‬و«قضية‭ ‬المرأة‮»‬‭. ‬وبما‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حسن‭ ‬الفطن‭ ‬أن‭ ‬أخوض‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬يخص‭ ‬زعماءنا،‭ ‬فإنني‭ ‬سأتحدث‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬النسوي،‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬أن‭ -‬على‭ ‬ذمة‭ ‬كتاب‭ ‬الأعمدة‭ ‬الصحفية‭ ‬من‭ ‬الجنسين‭ ‬‭ ‬جوهر‭ ‬قضية‭ ‬المرأة‭ ‬هو‭ ‬مساواتها‭ ‬بالرجل،‭ ‬مما‭ ‬يقوم‭ ‬دليلًا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬النساء‭ ‬يتطاولن‭ ‬على‭ ‬مقام‭ ‬الرجال‭ ‬السامي،‭ ‬وأنهن‭ ‬يهوين‭ ‬‮«‬التكويش‮»‬‭ ‬تماما‭ ‬كحبهن‭ ‬لاقتناء‭ ‬الأحذية‭ ‬وتكديسها‭.‬

لقرون‭ ‬طويلة‭ ‬ظل‭ ‬أسلافنا‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬يؤلفون‭ ‬الكتب‭ ‬والمتون،‭ ‬ولكن‭ ‬مؤلفاتهم‭ ‬تلك‭ ‬تسمى‭ ‬‮«‬أمهات‭ ‬الكتب‮»‬،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للأمهات‭ ‬أي‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬إعدادها‭ ‬أو‭ ‬تأليفها‭. ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬المرأة‭ ‬العربية‭ ‬أمّا‭ ‬لشيء‭ ‬سوى‭ ‬‮«‬أم‭ ‬علي‮»‬‭ ‬المشبعة‭ ‬بالكولسترول‭ ‬الخبيث‭ ‬والسكر،‭ ‬وكما‭ ‬نعلم‭ ‬فإن‭ ‬الرأس‭ ‬هو‭ ‬بيت‭ ‬الدماغ،‭ ‬ونقول‭ ‬عن‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬يتلقى‭ ‬ضربة‭ ‬على‭ ‬الرأس،‭ ‬إنه‭ ‬ضرب‭ ‬على‭ ‬‮«‬أم‮»‬‭ ‬رأسه،‭ ‬للإيحاء‭ ‬بأن‭ ‬مركز‭ ‬العمليات‭ ‬في‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان‭ ‬‮«‬أنثى‮»‬‭ ‬لا‭ ‬مؤاخذة‭! ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬هزم‭ ‬الرجال‭ ‬أو‭ ‬قتلوا‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬فإننا‭ ‬نقول‭ ‬إنهم‭ ‬انهزموا‭ ‬أو‭ ‬قتلوا‭ ‬عن‭ ‬بكرة‭ ‬‮«‬أبيهم‮»‬‭ ‬سبحان‭ ‬الله‭. ‬واختصارًا‭ ‬للوقت‭ ‬والجهد‭ ‬أتوجه‭ ‬إلى‭ ‬النساء‭ ‬بالسؤال‭ ‬التالي‭ ‬المفحم‭: ‬هل‭ ‬في‭ ‬تاريخنا‭ ‬امرأة‭ ‬اسمها‭ ‬أم‭ ‬العلاء‭ ‬المعري‭ ‬أو‭ ‬أم‭ ‬جهل‭ ‬أو‭ ‬أم‭ ‬نواس‭ ‬أو‭ ‬أم‭ ‬الهول؟

يا‭ ‬جماعة‭ ‬لولا‭ ‬النساء‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬ستالين‭ ‬وهتلر‭ ‬وترامب،‭ ‬وروبرت‭ ‬موغابي‭ ‬الذي‭ ‬يذكرك‭ ‬وجهه‭ ‬بنواقض‭ ‬الوضوء،‭ ‬والبيرة‭ ‬وحشيشة‭ ‬الكيف‭ ‬والفودكا‭ ‬‮«‬جميعها‭ ‬مؤنثة‮»‬‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬سبب‭ ‬رئيسي‭ ‬لنواقض‭ ‬الوضوء‭ (‬ما‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬السبيلين‭ ‬والنوم‭ ‬الثقيل‭ ‬وزوال‭ ‬العقل‭ ‬والشك‭ ‬في‭ ‬الحدث‭ ‬‭ ‬وعلى‭ ‬القارئ‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬السبيلين‭ ‬أن‭ ‬‮«‬يحل‮»‬‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الزاوية‭).‬

والحال‭ ‬كذلك،‭ ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬لمساواة‭ ‬النساء‭ ‬بالرجال،‭ ‬الذين‭ ‬ظلوا‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬العصور‭ ‬مثالا‭ ‬للعفة‭ ‬والنقاء‭ ‬والطهر‭: ‬هل‭ ‬رأيتم‭ ‬على‭ ‬شاشة‭ ‬تلفزيون‭ ‬رجلاً‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬ساقيه‭ ‬أو‭ ‬صدره؟‭ ‬أو‭ ‬رجلاً‭ ‬يقف‭ ‬أمام‭ ‬الكاميرا‭ ‬بملابسه‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬إعلان‭ ‬تجاري؟‭ (‬بالمناسبة‭ ‬مهند‭ ‬التركي‭ ‬الذي‭ ‬جنن‭ ‬بنات‭ ‬العرب‭ ‬يفعل‭ ‬ذلك،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فهو‭ ‬ليس‭ ‬منا‭) ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك،‭ ‬هل‭ ‬تحدث‭ ‬رجل‭ ‬قط‭ ‬عن‭ ‬قضية‭ ‬الرجل،‭ ‬وهل‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬اتحاد‭ ‬أو‭ ‬تنظيم‭ ‬رجالي؟‭ ‬الغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الرجال‭ ‬جعلوا‭ ‬من‭ ‬قضية‭ ‬المرأة‭ ‬المزعومة‭ ‬قضية‭ ‬لهم‭. ‬

كان‭ ‬لي‭ ‬صديق‭ ‬أكثر‭ ‬مني‭ ‬رجعية‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬الرجال‭ ‬المدافعين‭ ‬عن‭ ‬المرأة‭ ‬ليسوا‭ ‬أسوياء،‭ ‬واتصل‭ ‬بي‭ ‬مؤخرا‭ ‬ليبلغني‭ ‬بأنه‭ ‬يعدّ‭ ‬دراسة‭ ‬حول‭ ‬إمكان‭ ‬جعل‭ ‬الزواج‭ ‬بموجب‭ ‬عقود‭ ‬تشبه‭ ‬عقود‭ ‬العمل،‭ ‬بحيث‭ ‬ينص‭ ‬عقد‭ ‬الزواج‭ ‬على‭ ‬فترة‭ ‬اختبار‭ ‬أقصاها‭ ‬ستة‭ ‬أشهر،‭ ‬يجوز‭ ‬خلالها‭ ‬للرجل‭ ‬إنهاء‭ ‬خدمات‭ ‬زوجته‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬منحها‭ ‬فوائد‭ ‬نهاية‭ ‬الخدمة‭ (‬يا‭ ‬خوفي‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تعجب‭ ‬الفكرة‭ ‬‮«‬مفتي‮»‬‭ ‬من‭ ‬جماعة‭ ‬هوم‭ ‬ديليفري‭ ‬‭ ‬توصيل‭ ‬المنازل‭ ‬‭ ‬عبر‭ ‬التلفزيون‭).‬

وعندما‭ ‬قلت‭ ‬لصديقي‭ ‬إنه‭ ‬بذلك‭ ‬يبتدع‭ ‬شكلا‭ ‬جديدا‭ ‬من‭ ‬زواج‭ ‬المتعة،‭ ‬اقترح‭ ‬أن‭ ‬تتضمن‭ ‬عقود‭ ‬الزواج‭ ‬تحميل‭ ‬أهل‭ ‬الزوجة‭ ‬تكاليف‭ ‬الصيانة‭ ‬التي‭ ‬تخضع‭ ‬لها‭ ‬الزوجة‭ ‬في‭ ‬هيكلها‭ ‬العظمي‭ ‬وجهازي‭ ‬الهضم‭ ‬والتنفس،‭ ‬طوال‭ ‬السنوات‭ ‬السبع‭ ‬عشرة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الزواج،‭ ‬وتحميل‭ ‬الزوج‭ ‬نفقات‭ ‬علاج‭ ‬الزوجة‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يصيب‭ ‬القلب‭ ‬والكبد‭ ‬والمرارة،‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬أن‭ ‬أوجاع‭ ‬الكبد‭ ‬والقلب‭ ‬والتهاب‭ ‬المرارة‭ ‬عند‭ ‬النساء‭ ‬يتسبب‭ ‬فيها‭ ‬الرجال‭.‬

إنني‭ ‬أحذر‭ ‬النساء‭ ‬من‭ ‬التطاول‭ ‬على‭ ‬حقوقنا‭ ‬التاريخية‭ (‬وكما‭ ‬قال‭ ‬شاعرنا‭: ‬ونحن‭ ‬أُناس‭ ‬لا‭ ‬توسُّط‭ ‬عندنا‭/ ‬لنا‭ ‬الصدر‭ ‬دون‭ ‬العالمين‭ ‬أو‭ ‬القبر‭): ‬يعني‭ ‬نحن‭ ‬الرجال‭ ‬متطرفون،‭ ‬نمارس‭ ‬الصياعة،‭ ‬نلعب‭ ‬كنكان،‭ ‬نشرب‭ ‬دخان،‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬بيوتنا‭ ‬عند‭ ‬الفجر‭. ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬حقكن‭ ‬أن‭ ‬تطالبن‭ ‬بقانون‭ ‬يمنع‭ ‬الرجال‭ ‬لبس‭ ‬الأقراط،‭ ‬والبلوزات‭ ‬وسلاسل‭ ‬الذهب‭ ‬الأصلي‭ ‬أو‭ ‬المغشوش،‭ ‬مع‭ ‬إجبار‭ ‬بعض‭ ‬الشبان‭ ‬على‭ ‬ستر‭ ‬مؤخراتهم‭ ‬المقرفة‭.‬

وإذا‭ ‬تعنترنا‭ ‬عليكن‭ ‬فاعذرونا،‭ ‬لأننا‭ ‬نفش‭ ‬‮«‬خلقنا‮»‬‭ ‬فيكن،‭ ‬كلما‭ ‬شرشحنا‭ ‬وهزأنا‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬‮«‬أرجل‮»‬‭ ‬منا‭!!!‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا