زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
هل فعلا للمرأة قضية؟
كثيرا ما أطلب من القراء أن يشرحوا لي معاني بعض الكلمات والأمور فيقابل طلبي بالإهمال، ولهذا مازلت لا أعرف كوعي من بوعي، ولا أعرف هل عندي كراديس أم لا، كما ظللت عاجزا عن فهم أمرين: «القضايا ذات الاهتمام المشترك» التي يبحثها زعماؤنا كلما التقوا نظراءهم، و«قضية المرأة». وبما أنه ليس من حسن الفطن أن أخوض في أمر يخص زعماءنا، فإنني سأتحدث اليوم في الشأن النسوي، من زاوية أن -على ذمة كتاب الأعمدة الصحفية من الجنسين – جوهر قضية المرأة هو مساواتها بالرجل، مما يقوم دليلًا على أن النساء يتطاولن على مقام الرجال السامي، وأنهن يهوين «التكويش» تماما كحبهن لاقتناء الأحذية وتكديسها.
لقرون طويلة ظل أسلافنا من الرجال يؤلفون الكتب والمتون، ولكن مؤلفاتهم تلك تسمى «أمهات الكتب»، من دون أن يكون للأمهات أي دور في إعدادها أو تأليفها. ولم تكن المرأة العربية أمّا لشيء سوى «أم علي» المشبعة بالكولسترول الخبيث والسكر، وكما نعلم فإن الرأس هو بيت الدماغ، ونقول عن الشخص الذي يتلقى ضربة على الرأس، إنه ضرب على «أم» رأسه، للإيحاء بأن مركز العمليات في جسم الإنسان «أنثى» لا مؤاخذة! أما إذا هزم الرجال أو قتلوا في معركة فإننا نقول إنهم انهزموا أو قتلوا عن بكرة «أبيهم» سبحان الله. واختصارًا للوقت والجهد أتوجه إلى النساء بالسؤال التالي المفحم: هل في تاريخنا امرأة اسمها أم العلاء المعري أو أم جهل أو أم نواس أو أم الهول؟
يا جماعة لولا النساء لما كان هناك ستالين وهتلر وترامب، وروبرت موغابي الذي يذكرك وجهه بنواقض الوضوء، والبيرة وحشيشة الكيف والفودكا «جميعها مؤنثة» كما أنها سبب رئيسي لنواقض الوضوء (ما يخرج من السبيلين والنوم الثقيل وزوال العقل والشك في الحدث – وعلى القارئ الذي لا يعرف السبيلين أن «يحل» عن هذه الزاوية).
والحال كذلك، لا مجال لمساواة النساء بالرجال، الذين ظلوا على مر العصور مثالا للعفة والنقاء والطهر: هل رأيتم على شاشة تلفزيون رجلاً يكشف عن ساقيه أو صدره؟ أو رجلاً يقف أمام الكاميرا بملابسه الداخلية في إعلان تجاري؟ (بالمناسبة مهند التركي الذي جنن بنات العرب يفعل ذلك، وبالتالي فهو ليس منا) والأهم من كل ذلك، هل تحدث رجل قط عن قضية الرجل، وهل يوجد في أي بلد في العالم اتحاد أو تنظيم رجالي؟ الغريب في الأمر أن بعض الرجال جعلوا من قضية المرأة المزعومة قضية لهم.
كان لي صديق أكثر مني رجعية يقول إن الرجال المدافعين عن المرأة ليسوا أسوياء، واتصل بي مؤخرا ليبلغني بأنه يعدّ دراسة حول إمكان جعل الزواج بموجب عقود تشبه عقود العمل، بحيث ينص عقد الزواج على فترة اختبار أقصاها ستة أشهر، يجوز خلالها للرجل إنهاء خدمات زوجته من دون منحها فوائد نهاية الخدمة (يا خوفي من أن تعجب الفكرة «مفتي» من جماعة هوم ديليفري – توصيل المنازل – عبر التلفزيون).
وعندما قلت لصديقي إنه بذلك يبتدع شكلا جديدا من زواج المتعة، اقترح أن تتضمن عقود الزواج تحميل أهل الزوجة تكاليف الصيانة التي تخضع لها الزوجة في هيكلها العظمي وجهازي الهضم والتنفس، طوال السنوات السبع عشرة الأولى من الزواج، وتحميل الزوج نفقات علاج الزوجة فقط في ما يصيب القلب والكبد والمرارة، من منطلق أن أوجاع الكبد والقلب والتهاب المرارة عند النساء يتسبب فيها الرجال.
إنني أحذر النساء من التطاول على حقوقنا التاريخية (وكما قال شاعرنا: ونحن أُناس لا توسُّط عندنا/ لنا الصدر دون العالمين أو القبر): يعني نحن الرجال متطرفون، نمارس الصياعة، نلعب كنكان، نشرب دخان، نعود إلى بيوتنا عند الفجر. ولكن من حقكن أن تطالبن بقانون يمنع الرجال لبس الأقراط، والبلوزات وسلاسل الذهب الأصلي أو المغشوش، مع إجبار بعض الشبان على ستر مؤخراتهم المقرفة.
وإذا تعنترنا عليكن فاعذرونا، لأننا نفش «خلقنا» فيكن، كلما شرشحنا وهزأنا من هم «أرجل» منا!!!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك