الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
ورقة المصرف المركزي والقروض
ذات مرة سأل الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل المفكر العربي الدكتور مصطفى الفقي: ما هو أفضل كتاب قرأته لي؟ فرد د. الفقي قائلا: هو الكتاب الذي لم تؤلفه بعد.. فسأله هيكل مرة أخرى: وما هو أسوأ كتاب قرأته لي؟ فأجاب قائلا: كتابك «خريف الغضب»، لأنه حمل انطباعات ومواقف شخصية أكثر من قراءة مهنية موضوعية.
تذكرت تلك الحادثة، وأنا أقرأ ما تناقله الناس بالأمس، من ورقة استشارية عن مصرف البحرين المركزي إلى جميع بنوك التجزئة وشركات التمويل العاملة في البلاد، بشأن خفض الحد الأعلى لخدمة الدين للقروض الشخصية من 50% إلى 40%، ورفع مدة الحد الأقصى لهذه القروض من 7 إلى 10 سنوات.
أما فيما يخص القروض الشخصية القائمة فنوه المصرف المركزي بأن يتعين على جميع بنوك التجزئة وشركات التمويل مخاطبة عملائهم عن طريق الرسائل النصية القصيرة أو البريد الالكتروني، للموافقة أو رفض التمديد التلقائي لقروضهم الشخصية لمدة 10 سنوات. وفي حال قبول العميل هذا التمديد فإنه يحق للبنك أو شركة التمويل فرض رسوم إعادة الجدولة لكن دون رفع معدل الفائدة.
وقد انتشر خبر الورقة الاستشارية للمصرف المركزي انتشار الهشيم في النار بين الناس، فهناك من يرى أن الأمر يشجع على الاقتراض لصالح البنوك وشركات التمويل، ومضر للأفراد، ومن يرى أن المستفيد الأكبر هي البنوك وشركات التمويل، وفئة ترى أن الأمر تعني تعزيز لثقافة القروض الاستهلاكية، وأن الدراسة وإن كانت غير ملزمة ولكنها ستتسبب بالكثير من الآثار والتداعيات السلبية في السنوات القادمة على المقترضين.
في الواقع العملي، فإن شريحة ضخمة وكبيرة من المواطنين تتجاوز نسبة قروضها 70% وربما أكثر من مدخولها وراتبها الشهرية، سواء من قروض البنوك وشركات التمويل أو من الالتزامات المالية والأقساط لبنك الإسكان وجهات عديدة.. ولا أعلم إن كان المصرف المركزي يعرف بهذه المعلومة أم لا..؟؟
منذ سنوات ناقش البرلمان اقتراحا لتمديد دفع أقساط القروض الشخصية على مدد تصل إلى 15 عاما.. ولا نعلم ماذا كان رد وتعقيب المصرف المركزي أو البنوك وشركات التمويل، وضاع الاقتراح في أدراج الرياح.
ومنذ أشهر ناقش البرلمان اقتراحاً بشأن مراعاة إعادة احتساب أقساط المنتفع بالبرامج الإسكانية بما فيها برنامج «مزايا» في حالة انخفاض دخله الشهري لأي سبب بما في ذلك إحالته إلى التقاعد.. وطبعا لم يجد المقترح أي رد وتوضيح وتعقيب من بنك الإسكان..!
تمديد القروض لسنوات أكثر وإعادة الجدولة دون رفع معدل الفائدة ربما تكون معالجة وقتية قصيرة المدى، لمشكلة مزمنة طويلة الأمد، وتخفيض حد القروض إلى 40% مشكلة أخرى في ظل الأوضاع المعيشية والمالية التي يعاني منها الناس.. في ظل معاناة شريحة كبيرة من مستفيدي البرامج الإسكانية من قيام البنوك برفع معدلات الربح والفائدة، والتي ألزمت الناس بعقد مكتوب ومصدق عليه ولا فرار منه، ولا توجد ورقة استشارية توقف هذا الأمر، وتعالج المسألة، وتحل المشكلة.
هذا ما يتطلع له الناس من ورقة ومبادرة للمصرف المركزي.. وهي الورقة التي لم تصدر بعد.. تماما كما هو الكتاب الأفضل الذي لم يقرأه د. مصطفى الفقي للكاتب الراحل محمد حسنين هيكل..!!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك