العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

أوهام السلام مع العدو الصهيوني

كل‭ ‬البيانات‭ ‬والتصريحات‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وأغلب‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬هو‭ ‬الحل‭ ‬الأمثل‭ ‬للصراع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬قيام‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة‭. ‬وتصاعدت‭ ‬هذه‭ ‬الدعوات‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬غزة‭.‬

يرتبط‭ ‬بهذا‭ ‬دعوات‭ ‬كثيرة‭ ‬تتكرر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الاجتماعات‭ ‬واللقاءات‭ ‬العربية‭ ‬والعالمية‭ ‬بضرورة‭ ‬إطلاق‭ ‬عملية‭ ‬سلام‭ ‬أو‭ ‬مفاوضات‭ ‬سلام،‭ ‬أو‭ ‬بعقد‭ ‬مؤتمرات‭ ‬دولية‭ ‬للسلام‭ ‬بهدف‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬تسوية‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭.‬

بالطبع‭ ‬حصول‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬حقوقه‭ ‬المشروعة‭ ‬هو‭ ‬حق‭ ‬أصيل‭ ‬تؤكده‭ ‬وتكفله‭ ‬كل‭ ‬القرارات‭ ‬والمواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬دولته‭ ‬المستقلة‭. ‬ومن‭ ‬المهم‭ ‬تأكيد‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬باستمرار‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المحافل‭ ‬والمناسبات‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭.‬

ومع‭ ‬هذا‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬إن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬سلام‭ ‬ممكن‭ ‬مع‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬وعن‭ ‬إمكانية‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التفاوض‭ ‬هو‭ ‬تعلق‭ ‬بوهم‭ ‬لن‭ ‬يتحقق‭ ‬إذا‭ ‬ترك‭ ‬الأمر‭ ‬لأي‭ ‬مفاوضات‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬مستوى‭ ‬ولأي‭ ‬مؤتمرات‭ ‬سلام‭.‬

علينا‭ ‬أن‭ ‬نتأمل‭ ‬الحقائق‭ ‬الثلاث‭ ‬التالية‭:‬

أولا‭: ‬إنه‭ ‬قبل‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة‭ ‬الحالية‭ ‬بسنوات‭ ‬طويلة‭ ‬جدا‭ ‬أعلن‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬مرارا‭ ‬وتكرارا‭ ‬عبر‭ ‬كل‭ ‬حكوماته‭ ‬ومسئوليه‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يسمح‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬بقيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬بأي‭ ‬شكلٍ‭ ‬وعلى‭ ‬أي‭ ‬مستوى‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬ليس‭ ‬مطروحًا‭ ‬أصلا‭.‬

هذا‭ ‬الذي‭ ‬يقوله‭ ‬العدو‭ ‬باستمرار‭ ‬هو‭ ‬موضع‭ ‬إجماع‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬باستثناء‭ ‬أقلية‭ ‬ضئيلة‭ ‬جدا‭ ‬لا‭ ‬وزن‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬تأثير‭ ‬تؤيد‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭.‬

ما‭ ‬يقوله‭ ‬العدو‭ ‬هنا‭ ‬صحيح‭. ‬ليس‭ ‬في‭ ‬قاموس‭ ‬العدو‭ ‬أي‭ ‬موضع‭ ‬لدولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬لا‭ ‬الآن‭ ‬ولا‭ ‬مستقبلا‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭. ‬ليس‭ ‬في‭ ‬قاموس‭ ‬العدو‭ ‬إلا‭ ‬إبادة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وتصفية‭ ‬قضيته‭ ‬نهائيا‭. ‬والمخططات‭ ‬هنا‭ ‬معلنة‭ ‬ومعروفة‭.‬

ثانيا‭: ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬طرحت‭ ‬مبادرة‭ ‬للسلام‭ ‬على‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬عاما‭. ‬وعبر‭ ‬هذه‭ ‬السنوات،‭ ‬قدمت‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬للعدو‭ ‬الكثير‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬التنازلات‭ ‬تحت‭ ‬زعم‭ ‬تشجيع‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬وتمهيد‭ ‬الطريق‭ ‬لقيام‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭.‬

لو‭ ‬كان‭ ‬للعدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬ذرة‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬السلام‭ ‬لكان‭ ‬قد‭ ‬استجاب‭ ‬للمبادرة‭ ‬العربية‭ ‬طوال‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭.‬

على‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬اعتبر‭ ‬العدو‭ ‬أن‭ ‬التنازلات‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬مع‭ ‬استمراره‭ ‬في‭ ‬سياساته‭ ‬الإرهابية‭ ‬التوسعية‭ ‬وتنكيله‭ ‬بالشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬هي‭ ‬أكبر‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬سلام‭ ‬أو‭ ‬تعايش‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

ثالثا‭: ‬إن‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الهمجية‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭ ‬العدو‭ ‬حاليا‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وأهلها‭ ‬أظهرت‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالا‭ ‬لذرة‭ ‬من‭ ‬شك‭ ‬حقيقة‭ ‬نوايا‭ ‬ومخططات‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭.‬

العالم‭ ‬كله‭ ‬بات‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬العدو‭ ‬يخطط‭ ‬لإبادة‭ ‬كل‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬إن‭ ‬استطاع‭ ‬وتهجيره‭ ‬بالكامل‭ ‬من‭ ‬أرضه‭ ‬ووطنه‭ ‬وتصفية‭ ‬قضيته‭ ‬نهائيا‭.‬

من‭ ‬العبث‭ ‬والاستخفاف‭ ‬بالعقول‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬أي‭ ‬أحد‭ ‬اليوم‭ ‬ويتحدث‭ ‬عن‭ ‬مفاوضات‭ ‬سلام‭ ‬وعن‭ ‬إمكانية‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬وقيام‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬عبر‭ ‬هذه‭ ‬المفاوضات‭.‬

حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬السلام‭ ‬واحتمالاته‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬منه‭ ‬تخفيف‭ ‬من‭ ‬همجية‭ ‬ووحشية‭ ‬العدو‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬بتصوير‭ ‬الأمر‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنه‭ ‬سوف‭ ‬يفضي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬السلام‭.‬

نفهم‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬أمريكا‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬هذا‭. ‬نفهم‭ ‬أن‭ ‬يتحدث‭ ‬بايدن‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬القادة‭ ‬الأوروبيين‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬فهم‭ ‬يحاولون‭ ‬التنصل‭ ‬من‭ ‬جريمتهم‭ ‬التاريخية‭ ‬بالمشاركة‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬الحالية‭ ‬لغزة‭. ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬أن‭ ‬تسوِّق‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬لهذا‭ ‬الوهم‭ ‬اليوم‭.‬

نريد‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ترتكب‭ ‬خطأ‭ ‬تاريخيا‭ ‬فادحا‭ ‬إن‭ ‬هي‭ ‬راهنت‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬سلام‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬ويجري‭.‬

العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬لن‭ ‬يقبل‭ ‬أبدا‭ ‬بأي‭ ‬سلام‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬إجباره‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬إجبارا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والعربية‭ ‬وكل‭ ‬سبل‭ ‬الإجبار‭ ‬التي‭ ‬تملكها‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

التفكير‭ ‬العربي‭ ‬الرسمي‭ ‬والشعبي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬منصبا‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬أمر‭ ‬واحد‭ ‬هو‭ ‬كيف‭ ‬نواجه‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬ومشروعه‭ ‬الهمجي‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا