زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
لماذا أستحق التكريم
رغم أنني لست ممن يحتفلون برأس السنة او قعرها، إلا أنني شديد الحرص على الاطلاع على ما تورده الصحف والمجلات بنهاية كل عام عن الإنجازات التي تحققت، ولا أعبأ بتكهنات ماغي فرح ومن على شاكلتها من الدجالين بشأن أحداث قد تقع في العام الجديد، ولكنني وعند نهاية كل عام تقويمي (رجاء لا تقل عاما ميلاديا لأن المسيح لم يولد قبل 2023 سنة) أصاب بالإحباط لأن الصحف تتبارى لنشر أسماء الشخصيات المميزة خلال العام الموشك على الانقضاء، ولا أجد اسمي بينها، بينما وفي كل أسبوع أخرج على القراء بنظرية جديدة وفكرة عبقرية، ولكن لا «حياء» لمن تنادي: اختاروا من قبل شخصاً اسمه أحمد زويل كشخصية علمية لذات لعام، لأنه اكتشف شيئاً اسمه الفيمتو-ثانية، طيب لماذا لم يختاروا من اكتشف الفيمتو نفسه؟ ثم ما قيمة هذا الفيمتوثانية الذي هو واحد على المليون من البليون من الثانية، يا سيدي. ولماذا يختارون زويل وأنا «زول» كامل؟ ثم ماذا فعلنا بالدقيقة بل باليوم بل بالعمر بأكمله حتى يحسب لنا هذا الزول الصغير كسور الثواني؟ والله فضحتنا يا أستاذ فقد بعثنا بك إلى الغرب لتنهل من العلم النافع فإذا بك تنصرف إلى قضايا هامشية. قال فيمتوثانية قال.
أعود إلى نفسي الأمارة بالمجد والشهرة وأقول إنه سبق لي التلميح إلى رغبتي في أن يتم ترشيحي ضمن شخصيات أي عام «والسلام» من منطلق أن بقائي حياً حتى دخول الألفية الثالثة يعد إنجازا في حد ذاته، ولو تسنى لي كتابة سيرتي الذاتية لفزت بـ«جائزة نوبل للبقاء»، ولرفضتها لأن السودانيين كانوا سيتباهون بأن جعفر نال «جائزة نوبل للبغاء» بسبب تحسسهم من حرف القاف وعلى مستوى الفكر السياسي حصلت على دليل تاريخي قاطع بأن العرب عندما دخلوا منطقة البلقان، قبل بضعة قرون، استخدموا سلاح البوس فكان أن ولدت دولة «البوسنة» ودليل عروبتها أنها ظلت تعبانة طوال أكثر من ستين سنة إلى أن هب الخواجات لنجدتها.
وأعود إلى موضوع أحقيتي بالتقديم كشخصية لعام 2024، أو أي عام لاحق، وإعداد إنجازاتي وأتحدى جميع صحفيي العالم العربي والإفرنجي أن يأتوا بمثلي في الصمود: إنسان عندما ختنوه وضعوا (والله) على الجرح روث البقر لمنع حدوث التهاب (تضحك وتنسى أن فليمنغ استخلص البنسلين من العفن؟)، وذات مرة كان مع رفاق الصبا يشوون الذرة الصفراء قرب جدول ماء فاشتعلت النيران في جلباب أحدهم، ففر الجميع صوب بيوت القرية وهم يولولون، لأنهم لم يكونوا وقتها يعرفون أن الماء يطفئ النار، وكان صبياً عندما رأى طائرة هيلوكوبتر مرة فأصيب بلوثة عقلية فذهب به أهله إلى دجال أشبعه بصقاً وصفعاً لتطفيش الجني الذي ركبه، فبقي الجني وخرج ما تبقى من عقله ولم يعد حتى الآن. طيب هذا الشخص تسنى له لاحقاً أن يركب الاسانسير وهو دون العشرين بقليل، وركب الطائرة قبل أن يبلغ الخامسة والعشرين، وتوالت الإنجازات إلى أن أكل البيتزا وآيسكريم وباسكن روبنز، وجلس أمام الكومبيوتر يكتب هذه الكلمات.
بالله عليكم هل هناك من يستحق التخليد والاشادة أكثر مني: رعيت الغنم في صباي، وعضتني ناقة في كتفي بعد أن طاردتني فلجأت إلى شجرة فمدت عنقها وخمشتني حتى سقطت أرضاً، ولولا أنني سقطت في دغل تعذر عليها دخوله لبركت علي لتهرسني، ومنذ يومها وأنا أكره الجمال والنوق والبعير والهجن، ويخيل إلي أن الدول الخليجية تنظم سباقات الهجن نكاية بي أو لتطفيشي من ربوعها، ولكن هيهات، ثم أصبحت أقود سيارة، وعلمت أمي استخدام التليفون قبل أن تتعلم استخدام الساعة، واشتريت لعيالي البوكيمون، وبلاي ستيشن تو وثري، وعندي اليوم آيفون بعد أن أخذت دروسا خصوصية في استخدامه، وهو نفس الموديل الذي عند الرئيس الأمريكي بايدن.
الإنجاز هو أن يجتاز شخص مثلي القرن الخامس عشر ويواكب القرن الحادي والعشرين، ولهذا فمن المنطقي أن تكون هناك جائزة نوبل أو أوسكار لأمثالي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك