العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

حفرت حفرة ووقعت فيها

كتبت‭ ‬مرارا‭ ‬عن‭ ‬رغبتي‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬أعلى‭ ‬مراقي‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬رغم‭ ‬انني‭ ‬لا‭ ‬أملك‭ ‬مليشيا،‭ ‬معتمدا‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬انتمائي‭ ‬العرقي‭ ‬إلى‭ ‬إثنية‭ ‬النوبة،‭ ‬مما‭ ‬عرضني‭ ‬لمؤامرات‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬حكم‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬هبنقة‭ ‬جورج‭ ‬دبليو‭ ‬بوش،‭ ‬وبما‭ ‬أنني‭ ‬أعرف‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬العربي‭ ‬صار‭ ‬بسبب‭ ‬البلاوي‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬به‭ ‬ثقيل‭ ‬الفهم‭ (‬بدليل‭ ‬أنه‭ ‬يكتشف‭ ‬كل‭ ‬كذا‭ ‬سنة‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬متواطئة‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭!!)‬،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬أشرح‭ ‬ما‭ ‬أقصده‭ ‬بالمؤامرة‭ ‬على‭ ‬شخصي‭ ‬و«شعبي‭ ‬النوبي‮»‬‭.‬

ولكن‭ ‬وبما‭ ‬ان‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬يتعذر‭ ‬بدون‭ ‬استخدام‭ ‬السلاح،‭ ‬فقد‭ ‬تواضعت‭ ‬وصرت‭ ‬أصبو‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬ملك‭ ‬جمهورية‭ ‬النوبة،‭ ‬فعندما‭ ‬صار‭ ‬كل‭ ‬اقليم‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬يطالب‭ ‬بنصيب‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬والثروة،‭ ‬وجدت‭ ‬المناخ‭ ‬مهيأ‭ ‬لإعلان‭ ‬تتويجي‭ ‬ملكاً‭ ‬للنوبة،‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬قرار‭ ‬سأتخذه‭ ‬بعد‭ ‬الجلوس‭ ‬على‭ ‬العرش‭ ‬قطع‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭: ‬من‭ ‬يضبط‭ ‬وهو‭ ‬يشاهد‭ ‬بيونسيه‭ ‬نولز‭ ‬يحاكم‭ ‬بالإعدام‭ ‬ثم‭ ‬الإبعاد‭ ‬من‭ ‬بلاد‭ ‬النوبة،‭ ‬أما‭ ‬من‭ ‬يشاهد‭ ‬مادونا‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬قطع‭ ‬أذنيه‭ ‬وشفته‭ ‬السفلى‭.‬

وما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬بوش‭ ‬الثاني‭ ‬وما‭ ‬تلاه،‭ ‬وبينما‭ ‬كان‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬مشغولا‭ ‬بالحرب‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬و«شوية‮»‬‭ ‬التدمير‭ ‬والتقتيل‭ ‬الحاصل‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬واليمن‭ ‬وليبيا،‭ ‬والدول‭ ‬العربية‭ ‬ترسل‭ ‬مواد‭ ‬الإغاثة‭ ‬للنازحين‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬البلدان،‭ ‬كنت‭ ‬أنا‭ ‬اللي‭ ‬رحت‭ ‬فيها‭. ‬ففي‭ ‬غمرة‭ ‬هذه‭ ‬الهوجة‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬السودان‭ ‬سيدة‭ ‬تسمي‭ ‬نفسها‭ ‬شيبا‭ ‬ديربا‭ ‬قالت‭ ‬إنها‭ ‬ملكة‭ ‬النوبة،‭ ‬وأنها‭ ‬جاءت‭ ‬لتعمر‭ ‬مملكتها‭ ‬بالطرق‭ ‬وشبكات‭ ‬الماء‭ ‬والصرف‭ ‬الصحي‭.‬

رأيت‭ ‬صورتها‭ ‬وأدركت‭ ‬أن‭ ‬القاسم‭ ‬المشترك‭ ‬الوحيد‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬النوبة‭ ‬هو‭ ‬أنها‭ ‬سوداء‭. ‬وجلست‭ ‬إلى‭ ‬الإنترنت‭ ‬أنقب‭ ‬المعلومات‭ ‬حولها‭ ‬واكتشفت‭ ‬أن‭ ‬اسمها‭ ‬الأصلي‭ ‬هو‭ ‬ديربا‭ ‬أميليا‭ ‬جورج‭. ‬أبوها‭ ‬وأمها‭ ‬قساوسة‭ ‬في‭ ‬الكنيسة‭ ‬المعمدانية‭ ‬في‭ ‬ترينيداد‭. ‬قالت‭ ‬الملكة‭ ‬الفالصو‭ ‬إن‭ ‬أهلها‭ ‬هاجروا‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬النوبة‭ ‬بعد‭ ‬تشييد‭ ‬سد‭ ‬اسوان‭ ‬أي‭ ‬قبل‭ ‬نحو‭ ‬مائة‭ ‬سنة‭. ‬

وهكذا‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬شر‭ ‬أعمالها،‭ ‬فالنوبيون‭ ‬دخلوا‭ ‬الإسلام‭ ‬قبل‭ ‬600‭ ‬سنة،‭ ‬ومعنى‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬عائلة‭ ‬ديربا‭ ‬المستهبلة‭ ‬هذه‭ ‬كانت‭ ‬مسلمة‭ ‬حتى‭ ‬عهد‭ ‬قريب‭. ‬

يعني‭ ‬ديربا‭ ‬هذه‭ ‬لا‭ ‬تستحق‭ ‬عرش‭ ‬النوبة‭ ‬بل‭ (‬الإعدام‭). ‬أتعرف‭ ‬لماذا‭ ‬يا‭ ‬أبو‭ ‬مخ‭ ‬تقيل؟‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬مسلمة‭ ‬و«ارتدت‮»‬‭.‬

واكتشفت‭ ‬أيضاً‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬الادعاء‭ ‬بأنها‭ ‬ملكة‭ ‬النوبة‭ ‬غير‭ ‬محكم‭ ‬السبك،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬هناك‭ ‬هو‭ ‬أنها‭ ‬تزوجت‭ ‬بهولندي‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬سوداء‭ ‬اسمه‭ ‬آدم‭ ‬شيخ‭ ‬ثابت،‭ ‬يزعم‭ ‬أن‭ ‬والده‭ ‬كان‭ ‬آخر‭ ‬ملوك‭ ‬النوبة‭. ‬يعني‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬زعم‭ ‬زوجها‭ ‬صحيحاً‭ ‬فإن‭ ‬ديربا‭ ‬تكون‭ ‬نوبية‭ ‬بالانتساب‭ (‬وليس‭ ‬فُل‭ ‬تايم‭ ‬بدوام‭ ‬كامل‭).‬

صديقي‭ ‬الداعية‭ ‬الاسلامي‭ ‬الأديب‭ ‬الفنان‭ ‬عبدالسلام‭ ‬البسيوني‭ ‬أصدر‭ ‬كتابا‭ ‬عن‭ ‬المرأة،‭ ‬وكان‭ ‬لي‭ ‬شرف‭ ‬كتابة‭ ‬مقدمته‭ ‬وعنوان‭ ‬أحد‭ ‬فصوله‭ ‬‮«‬جاتنا‭ ‬نيلة‭ ‬في‭ ‬حظنا‭ ‬الهباب‮»‬،‭ ‬ويعني‭ ‬بذلك‭ ‬أن‭ ‬فرص‭ ‬دخول‭ ‬المرأة‭ ‬الجنة‭ ‬كبيرة،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالرجل‭ (‬ويشرح‭ ‬كيف‭ ‬ولماذا‭). ‬

وعندما‭ ‬رأيت‭ ‬ديربا‭ ‬هذه‭ ‬ورأيت‭ ‬صورتها‭ ‬صحت‭ ‬بدوري‭ ‬‮«‬جاتنا‭ ‬نيلة‭ ‬في‭ ‬حظنا‭ ‬الهباب‮»‬،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬عندما‭ ‬تأتينا‭ ‬امرأة‭ ‬لتجلس‭ ‬على‭ ‬عرش‭ ‬مملكتنا‭ ‬غير‭ ‬الموجودة،‭ ‬تكون‭ ‬موديل‭ ‬شعبان‭ ‬عبدالرحيم؛‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬صنف‭ ‬بيونسي‭ ‬نولز‭ ‬أو‭ ‬ريهانا‭ ‬لقلنا‭ ‬معليش‭. ‬

ولو‭ ‬كانت‭ ‬مقدمة‭ ‬البرامج‭ ‬التلفزيونية‭ ‬الشهيرة‭ ‬أوبرا‭ ‬وينفري‭ ‬لما‭ ‬رفعت‭ ‬صوتي‭ ‬بالاحتجاج‭ ‬لأن‭ ‬دخلها‭ ‬الشهري‭ ‬يبلغ‭ ‬نحو‭ ‬15‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬كانت‭ ‬ستشتري‭ ‬صمتي‭ ‬وتأخذ‭ ‬مني‭ ‬التنازل‭ ‬عن‭ ‬عرش‭ ‬النوبة‭ ‬نظير‭ ‬مبلغ‭ ‬محترم‭ (‬ما‭ ‬فيها‭ ‬شيء‭ ‬فقد‭ ‬صار‭ ‬تقليداً‭ ‬سودانياً‭ ‬ان‭ ‬يحمل‭ ‬البعض‭ ‬السلاح‭ ‬ثم‭ ‬يتفاوضون‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬ويصبحون‭ ‬‮«‬رسل‭ ‬سلام‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬منحهم‭ ‬مناصب‭ ‬وهمية‭ ‬وشوية‭ ‬دولارات‭ ‬وسيارات‭!).‬

قبل‭ ‬سنوات‭ ‬أبلغ‭ ‬سوداني‭ ‬يدرس‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬أهله‭ ‬أنه‭ ‬بصدد‭ ‬الزواج‭ ‬ببريطانية،‭ ‬ولما‭ ‬فشل‭ ‬أهله‭ ‬في‭ ‬إقناعه‭ ‬بأن‭ ‬بنت‭ ‬البلد‭ ‬خير‭ ‬له‭ ‬كزوجة‭ ‬من‭ ‬الخواجية،‭ ‬سافروا‭ ‬إلى‭ ‬بريطانيا‭ ‬لحضور‭ ‬حفل‭ ‬الزواج‭ ‬وفوجئت‭ ‬أمّ‭ ‬صاحبنا‭ ‬بأن‭ ‬العروس‭ ‬من‭ ‬الكاريبي‭. ‬يعني‭ ‬لون‭ ‬بشرتها‭ ‬جعفر‭ ‬عباسي‭ ‬فهمست‭ ‬في‭ ‬أذن‭ ‬ولدها‭: ‬يا‭ ‬حبيبي‭.. ‬لماذا‭ ‬المستورد،‭ ‬وهذا‭ ‬الصنف‭ ‬عندنا‭ ‬بالكوم؟‭ ‬ولأن‭ ‬الله‭ ‬يمهل‭ ‬ولا‭ ‬يهمل‭ ‬فإن‭ ‬ديربا‭ ‬ملكة‭ ‬النوبة‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬قبضة‭ ‬الشرطة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬عجزت‭ ‬عن‭ ‬سداد‭ ‬فاتورة‭ ‬الفندق‭ ‬ومارست‭ ‬الغش‭ ‬والتدليس‭! ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬أبا‭ ‬الجعافر‭ ‬‮«‬سره‭ ‬باتع‮»‬‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا