زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
حفرت حفرة ووقعت فيها
كتبت مرارا عن رغبتي في الوصول الى أعلى مراقي السلطة في السودان، رغم انني لا أملك مليشيا، معتمدا فقط على انتمائي العرقي إلى إثنية النوبة، مما عرضني لمؤامرات كان من بينها ما حدث خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق هبنقة جورج دبليو بوش، وبما أنني أعرف أن الإنسان العربي صار بسبب البلاوي التي تمر به ثقيل الفهم (بدليل أنه يكتشف كل كذا سنة أن أمريكا متواطئة مع إسرائيل!!)، لا بد أن أشرح ما أقصده بالمؤامرة على شخصي و«شعبي النوبي».
ولكن وبما ان الوصول الى السلطة في السودان يتعذر بدون استخدام السلاح، فقد تواضعت وصرت أصبو منذ سنوات إلى أن أصبح ملك جمهورية النوبة، فعندما صار كل اقليم في السودان يطالب بنصيب في السلطة والثروة، وجدت المناخ مهيأ لإعلان تتويجي ملكاً للنوبة، وكان أول قرار سأتخذه بعد الجلوس على العرش قطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة: من يضبط وهو يشاهد بيونسيه نولز يحاكم بالإعدام ثم الإبعاد من بلاد النوبة، أما من يشاهد مادونا فلا بد من قطع أذنيه وشفته السفلى.
وما حدث في عهد بوش الثاني وما تلاه، وبينما كان العالم كله مشغولا بالحرب في العراق و«شوية» التدمير والتقتيل الحاصل في سوريا واليمن وليبيا، والدول العربية ترسل مواد الإغاثة للنازحين من تلك البلدان، كنت أنا اللي رحت فيها. ففي غمرة هذه الهوجة وصلت إلى السودان سيدة تسمي نفسها شيبا ديربا قالت إنها ملكة النوبة، وأنها جاءت لتعمر مملكتها بالطرق وشبكات الماء والصرف الصحي.
رأيت صورتها وأدركت أن القاسم المشترك الوحيد بينها وبين النوبة هو أنها سوداء. وجلست إلى الإنترنت أنقب المعلومات حولها واكتشفت أن اسمها الأصلي هو ديربا أميليا جورج. أبوها وأمها قساوسة في الكنيسة المعمدانية في ترينيداد. قالت الملكة الفالصو إن أهلها هاجروا من منطقة النوبة بعد تشييد سد اسوان أي قبل نحو مائة سنة.
وهكذا وقعت في شر أعمالها، فالنوبيون دخلوا الإسلام قبل 600 سنة، ومعنى هذا أن عائلة ديربا المستهبلة هذه كانت مسلمة حتى عهد قريب.
يعني ديربا هذه لا تستحق عرش النوبة بل (الإعدام). أتعرف لماذا يا أبو مخ تقيل؟ لأنها كانت مسلمة و«ارتدت».
واكتشفت أيضاً أنه حتى الادعاء بأنها ملكة النوبة غير محكم السبك، وكل ما هناك هو أنها تزوجت بهولندي من أصول سوداء اسمه آدم شيخ ثابت، يزعم أن والده كان آخر ملوك النوبة. يعني حتى لو كان زعم زوجها صحيحاً فإن ديربا تكون نوبية بالانتساب (وليس فُل تايم بدوام كامل).
صديقي الداعية الاسلامي الأديب الفنان عبدالسلام البسيوني أصدر كتابا عن المرأة، وكان لي شرف كتابة مقدمته وعنوان أحد فصوله «جاتنا نيلة في حظنا الهباب»، ويعني بذلك أن فرص دخول المرأة الجنة كبيرة، مقارنة بالرجل (ويشرح كيف ولماذا).
وعندما رأيت ديربا هذه ورأيت صورتها صحت بدوري «جاتنا نيلة في حظنا الهباب»، بمعنى أنه حتى عندما تأتينا امرأة لتجلس على عرش مملكتنا غير الموجودة، تكون موديل شعبان عبدالرحيم؛ ولو كانت من صنف بيونسي نولز أو ريهانا لقلنا معليش.
ولو كانت مقدمة البرامج التلفزيونية الشهيرة أوبرا وينفري لما رفعت صوتي بالاحتجاج لأن دخلها الشهري يبلغ نحو 15 مليون دولار، وبالتأكيد كانت ستشتري صمتي وتأخذ مني التنازل عن عرش النوبة نظير مبلغ محترم (ما فيها شيء فقد صار تقليداً سودانياً ان يحمل البعض السلاح ثم يتفاوضون مع الحكومة ويصبحون «رسل سلام» بعد منحهم مناصب وهمية وشوية دولارات وسيارات!).
قبل سنوات أبلغ سوداني يدرس في بريطانيا أهله أنه بصدد الزواج ببريطانية، ولما فشل أهله في إقناعه بأن بنت البلد خير له كزوجة من الخواجية، سافروا إلى بريطانيا لحضور حفل الزواج وفوجئت أمّ صاحبنا بأن العروس من الكاريبي. يعني لون بشرتها جعفر عباسي فهمست في أذن ولدها: يا حبيبي.. لماذا المستورد، وهذا الصنف عندنا بالكوم؟ ولأن الله يمهل ولا يهمل فإن ديربا ملكة النوبة وقعت في قبضة الشرطة بعد أن عجزت عن سداد فاتورة الفندق ومارست الغش والتدليس! مما يؤكد أن أبا الجعافر «سره باتع».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك