العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

«عهد الله ما نرحل»

المشهد‭ ‬الأول‭: ‬مظاهرة‭ ‬في‭ ‬سيدني‭ ‬في‭ ‬أستراليا‭ ‬مؤخرا‭ ‬تضامنا‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وتنديدا‭ ‬بجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬أثناء‭ ‬المظاهرة‭ ‬تُليت‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬المتظاهرين‭ ‬وجهتها‭ ‬سيدة‭ ‬فلسطينية‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬العدوان‭ ‬الهمجي،‭ ‬وقرأها‭ ‬أحد‭ ‬أقاربها‭.‬

تقول‭ ‬السيدة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬رسالتها‭: ‬‮«‬اليوم‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬يومي‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬الحياة‭. ‬أسرتي‭ ‬وأنا‭ ‬لن‭ ‬نرتكب‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬الخطأ‭ ‬الذي‭ ‬ارتكبناه‭ ‬في‭ ‬نكبة‭ ‬1948‭. ‬لن‭ ‬نغادر‭ ‬أرضنا‭ ‬أبدا‭. ‬إننا‭ ‬فخورون‭ ‬بدمنا‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الذي‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬عروقنا‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬نفس‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭. ‬إنني‭ ‬لن‭ ‬أغفر‭ ‬أبدا‭ ‬للعالم‭ ‬كله،‭ ‬من‭ ‬شرقه‭ ‬إلى‭ ‬غربه،‭ ‬وأحمله‭ ‬مسئولية‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬وما‭ ‬سيجري‭ ‬لنا‮»‬‭.‬

المشهد‭ ‬الثاني‭: ‬مقطع‭ ‬فيديو‭ ‬انتشر‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬لمجموعة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأطفال،‭ ‬بنات‭ ‬وأولادا،‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬خان‭ ‬يونس‭ ‬التابعة‭ ‬لوكالة‭ ‬الأونروا‭. ‬هذه‭ ‬المدرسة‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬كما‭ ‬كل‭ ‬المدارس‭ ‬ومواقع‭ ‬أونروا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬للقصف‭ ‬الصهيوني‭ ‬الهمجي‭.‬

الأطفال‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬في‭ ‬المقطع‭ ‬يغنون‭ ‬معا‭ ‬بصوت‭ ‬عال‭ ‬وبحماس‭ ‬منقطع‭ ‬النظير‭ ‬أغنية‭ ‬‮«‬عهد‭ ‬الله‭ ‬ما‭ ‬نرحل‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬أغنية‭ ‬فلسطينية‭ ‬شهيرة‭ ‬يقول‭ ‬مطلعها‭:‬

وعهد‭ ‬الله‭ ‬ما‭ ‬نرحل

عهد‭ ‬الله‭ ‬نجوع‭ ‬نموت‭ ‬ولا‭ ‬نرحل

عهد‭ ‬الثورة‭ ‬والثوار‮ ‬

والجماهير‭ ‬ما‭ ‬نرحل

واحنا‭ ‬قطعة‭ ‬من‭ ‬هالأرض

وعمر‭ ‬الأرض‭ ‬وعهد‭ ‬الله‭ ‬ما‭ ‬بترحل

عهد‭ ‬الله‭ ‬وعهد‭ ‬الدم

عهد‭ ‬الله‭ ‬نجوع‭ ‬نموت‭ ‬ولا‭ ‬نرحل

هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬أهوال‭ ‬العدوان‭ ‬الهمجي‭ ‬ويتعرضون‭ ‬للموت‭ ‬ولا‭ ‬يجدون‭ ‬الغذاء‭ ‬ولا‭ ‬الماء‭ ‬ولا‭ ‬الدواء‭ ‬يتحدّون‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬ويتحدون‭ ‬مخططاته‭ ‬لتهجير‭ ‬كل‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭ ‬وطردهم‭ ‬خارج‭ ‬أرضهم‭.‬

هذا‭ ‬بالضبط‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يرعب‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭.‬

نعني‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬قالته‭ ‬السيدة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬رسالتها‭ ‬إلى‭ ‬المتظاهرين‭ ‬في‭ ‬سيدني‭ ‬وصيحة‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬‮«‬عهد‭ ‬الله‭ ‬ما‭ ‬نرحل‮»‬‭ ‬هو‭ ‬مصدر‭ ‬الرعب‭ ‬الحقيقي‭ ‬للعدو‭.‬

صمود‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وإصراره‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬أرضه‭ ‬مهما‭ ‬حدث‭ ‬ومهما‭ ‬ارتكب‭ ‬العدو‭ ‬من‭ ‬مجازر‭ ‬وجرائم‭ ‬حرب‭ ‬وإبادة‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يرعب‭ ‬العدو‭.‬

العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬يعرف‭ ‬أنه‭ ‬مهما‭ ‬فعل‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬أن‭ ‬يهزم‭ ‬هذا‭ ‬الشعب،‭ ‬وأن‭ ‬كل‭ ‬مخططاته‭ ‬سوف‭ ‬تتحطم‭ ‬على‭ ‬صخرة‭ ‬هذا‭ ‬الإصرار‭ ‬وهذا‭ ‬الصمود‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يفسر‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الهمجية‭ ‬والوحشية‭ ‬التي‭ ‬يمارسها‭ ‬العدو‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬العدو‭ ‬يعرف‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬بقاء‭ ‬له‭ ‬مستقبلا‭ ‬طالما‭ ‬ظل‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬صامدا‭ ‬في‭ ‬أرضه‭. ‬لهذا‭ ‬يتصور‭ ‬أن‭ ‬بمقدوره‭ ‬نفي‭ ‬كل‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭ ‬وطردهم‭ ‬من‭ ‬أرضهم،‭ ‬ثم‭ ‬الانتقال‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬تهجير‭ ‬أهل‭ ‬الضفة‭.‬

الهدف‭ ‬الأساسي‭ ‬لهذه‭ ‬الحرب‭ ‬الهمجية‭ ‬ليس‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬حماس‭ ‬كما‭ ‬يزعم‭ ‬العدو‭ ‬وإنما‭ ‬محاولة‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬نفسه‭ ‬إما‭ ‬بالقتل‭ ‬الجماعي‭ ‬كما‭ ‬يحدث‭ ‬وإما‭ ‬بإجباره‭ ‬على‭ ‬ترك‭ ‬أرضه‭.‬

وفي‭ ‬الحالتين‭ ‬العدو‭ ‬سوف‭ ‬يتلقى‭ ‬الهزيمة‭. ‬هو‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬القضاء‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬حماس‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬حركة‭ ‬مقاومة‭. ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬الدرس‭ ‬الذي‭ ‬خلص‭ ‬إليه‭ ‬العدو‭ ‬ويرعبه‭ ‬منذ‭ ‬نكبة‭ ‬48‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬المجازر‭ ‬وصور‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬75‭ ‬عاما‭.‬

شعب‭ ‬فلسطين‭ ‬يدفع‭ ‬الثمن‭ ‬غاليا‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬دماء‭ ‬أطفاله‭ ‬ونسائه‭ ‬وشبابه‭ ‬وشيوخه‭ ‬ويتحمل‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يتحمله‭ ‬بشر‭ ‬وسط‭ ‬خذلان‭ ‬العالم‭ ‬وعجزه‭ ‬عن‭ ‬حمايته‭.‬

هذا‭ ‬الشعب‭ ‬هو‭ ‬وحده‭ ‬الذي‭ ‬يحمي‭ ‬وطنه‭ ‬اليوم‭ ‬وهو‭ ‬وحده‭ ‬الذي‭ ‬يواجه‭ ‬مخططات‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬الهمجية‭.‬

كان‭ ‬الزعيم‭ ‬ياسر‭ ‬عرفات‭ ‬يقول‭ ‬دوما‭ ‬إن‭ ‬شعب‭ ‬فلسطين‭ ‬هو‭ ‬‮«‬شعب‭ ‬الجبارين‮»‬‭. ‬وهو‭ ‬بالفعل‭ ‬كذلك‭. ‬شعب‭ ‬فلسطين‭ ‬هو‭ ‬الباقي‭ ‬والعدو‭ ‬إلى‭ ‬زوال‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا