في مناخ يتسم بالتقلبات الاقتصادية والحماسة للتنمية المستدامة، عرضت قمة «مبادرة مستقبل الاستثمار» في الرياض كوكبة من المبادئ التي تهدف إلى تحصين الاقتصاد العالمي. وتقدم مثل هذه الاجتماعات الدولية رؤى لا تقدر بثمن حول الاتجاه الاستراتيجي الذي ينبغي للدول والشركات على حد سواء أن تتبناه. بالنسبة لدول مثل مملكة البحرين، فإن المراقبة الدقيقة للمواضيع الشاملة ودمجها في السياسة الوطنية يمكن أن يكون مسعى تحويليًا.
وكانت إحدى النقاط المحورية في القمة هي الدور المتزايد الذي تلعبه «القوى المتوسطة» الناشئة في المشهد الاقتصادي الدولي. وإدراكًا للتحديات التي تفرضها الرياح الاقتصادية المعاكسة والضرورات المناخية، فإن هذه الدول في وضع فريد يؤهلها لتكون محفزًا للتغيير المحلي والدولي. ومن خلال تشجيع التجارة الإقليمية والاتفاقيات المتعددة الأطراف، تستطيع القوى المتوسطة أن تصبح نقطة ارتكاز للاستقرار، مما يؤدي إلى توليد اقتصاد عالمي أكثر مرونة وقدرة على الصمود. وينبغي لمملكة البحرين، مع خدماتها المالية المتنامية وصناعة التكنولوجيا المزدهرة، أن تغتنم هذه العباءة، وتعمل كوسيط ومبتكر داخل الخليج وخارجه.
وكان الموضوع البارز الآخر هو التقاطع بين التمويل والاستدامة، وخاصة في سياق التخفيف من تداعيات الصدمات الخارجية المتكررة مثل الأوبئة والأزمات الجيوسياسية. إن فكرة إمكانية تعزيز القوة المالية حتى في ظل التوترات المتزايدة توفر منظورًا تحليليًا يمكن للمملكة من خلاله إعادة تقييم هيكلها الاقتصادية. ومن خلال تحصين صناديق الثروة السيادية وتنويع الاستثمار في الصناعات المستدامة، لم تتمكن المملكة من تحمل الصدمات الخارجية فحسب، تسهم أيضاً في مرونة الاقتصاد العالمي بسبب قوة اقتصادها.
وتطرقت القمة أيضًا إلى حوكمة وتطبيق الذكاء الاصطناعي (AI)، وتحديدًا تداعياته على قطاعات مثل الرعاية الصحية والتمويل والإدارة البيئية. بالنسبة للبحرين، فإن التوجه الاستراتيجي نحو الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحقق فوائد متعددة الأوجه. ومن خلال إنشاء إطار تنظيمي يشجع التطوير المسؤول للذكاء الاصطناعي، يمكن للبحرين أن تضع نفسها كمركز إقليمي للتكنولوجيا، مما يجذب رأس المال والمواهب.
باختصار، إن المواضيع المنبثقة عن قمة (مبادرة مستقبل الاستثمار) ليست ذات صلة على المستوى العالمي فحسب، بل لها صدى خاص بالنسبة لمملكة البحرين. إن تبني نهج متعدد الجوانب يدمج المرونة المالية، والتنمية المستدامة، والتقدم التكنولوجي، والرفاهية الاجتماعية يمكن أن يمهد الطريق لارتقاء مملكة البحرين الاستراتيجي على الساحة العالمية.
بقلم رجل الأعمال م. إسماعيل الصراف
عضو مجلس إدارة جمعية الإداريين البحرينية
عضو بمعهد المهندسين والتكنولوجيا البريطانية (MIET)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك