العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الكواليس

وفاء جناحي

waffajanahi@gmail.com

يا ناس دعوا الخلق للخالق

الناس‭ ‬أجناس‭ ‬وأنواع،‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬لديه‭ ‬طريقته‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬أحزانه‭ ‬ومشاعره،‭ ‬آرائه‭ ‬وأفكاره،‭ ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬مضطرا‭ ‬وليس‭ ‬واجبا‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يفسر‭ ‬طريقته‭ ‬لأي‭ ‬إنسان‭ ‬صديقا‭ ‬كان‭ ‬أو‭ ‬غريبا‭.‬

لا‭ ‬يوجد‭ ‬إنسان‭ ‬عربي‭ ‬خاصة‭ ‬وأجنبي‭ ‬عامة‭ ‬عنده‭ ‬ذرة‭ ‬ضمير‭ ‬وإنسانية‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬بالحزن‭ ‬والتعاطف‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬جراء‭ ‬الأفعال‭ ‬البشعة‭ ‬للعدو‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الأبرياء‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬ولكل‭ ‬شخص‭ ‬طريقته‭ ‬في‭ ‬الحزن‭ ‬والتعاطف‭ ‬ومحاولته‭ ‬دعم‭ ‬القضية‭.‬

المشكلة‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يعطون‭ ‬لأنفسهم‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬الناس‭ ‬الشخصية‭ ‬وفي‭ ‬طريقة‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬حزنه‭ ‬أو‭ ‬دعمه‭ ‬أو‭ ‬تضامنه‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬فهناك‭ ‬من‭ ‬يتصل‭ ‬بك‭ ‬أو‭ ‬يدخل‭ ‬عليك‭ ‬خاص‭ ‬ليعاتبك‭ ‬أنك‭ ‬لا‭ ‬تنشر‭ ‬صورا‭ ‬أو‭ ‬فيديوهات‭ ‬الحرب‭ ‬ويسألك‭ ‬بوقاحة‭ ‬شديدة‭: ‬ألا‭ ‬تشعر‭ ‬بالحزن‭ ‬على‭ ‬قتل‭ ‬الأبرياء؟‭ ‬هل‭ ‬أنت‭ ‬متضامن‭ ‬مع‭ ‬العدو‭ ‬الإسرائيلي؟‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬تغير‭ ‬صورة‭ ‬الواتس‭ ‬أو‭ ‬الانستغرام‭ ‬لتعلن‭ ‬تضامنك‭ ‬مع‭ ‬فلسطين؟‭ ‬‮«‬يا‭ ‬أخي‭ ‬إنت‭ ‬اشدخلك‭ ‬فيني؟‮ ‬‭ ‬هل‭ ‬أنت‭ ‬تعلم‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬داخلي‭ ‬من‭ ‬مشاعر؟‭ ‬هل‭ ‬نشر‭ ‬البوستات‭ ‬وتغيير‭ ‬الصور‭ ‬هي‭ ‬الطريقة‭ ‬الوحيدة‭ ‬للتضامن؟‭ ‬باختصار‭ ‬شديد‭ ‬إنت‭ ‬شكو‭ ‬فيني‭ ‬ليش‭ ‬تتدخل‭ ‬في‭ ‬خصوصيات‭ ‬غيرك؟‭ ‬أنا‭ ‬كيفي‭ ‬وأنت‭ ‬كيفك‭ ‬اعمل‭ ‬ما‭ ‬بدالك‭ ‬وما‭ ‬تراه‭ ‬صح‭ ‬ودعني‭ ‬في‭ ‬حالي‮»‬‭.‬

والمصيبة‭ ‬أن‭ ‬الجهل‭ ‬وصل‭ ‬ببعض‭ ‬البشر‭ ‬أنهم‭ ‬يهاجمون‭ ‬الناس‭ ‬دون‭ ‬وعي‭ ‬أو‭ ‬إدراك،‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬المناسبات‭ ‬فقالت‭ ‬إحدى‭ ‬المدعوات‭ ‬إنها‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تتابع‭ ‬الأخبار‭ ‬لأنها‭ (‬راعية‭ ‬ضغط‭) ‬وكادت‭ ‬أن‭ ‬تفقد‭ ‬حياتها‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬كثرة‭ ‬الحزن‭ ‬والغضب‭ ‬ارتفع‭ ‬ضغطها‭ ‬ونقلوها‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬تكمل‭ ‬كلامها‭ ‬صرخت‭ ‬إحدى‭ ‬الموجودات‭ ‬بقمة‭ ‬صوتها‭: ‬حرام‭ ‬عليج‭ ‬هاي‭ ‬قمة‭ ‬الأنانية‭ ‬لما‭ ‬تتخلين‭ ‬عن‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭!! ‬ذهلنا‭ ‬جميعا‭ ‬وارتبكت‭ ‬المسكينة‭ ‬ثم‭ ‬ردت‭ ‬عليها‭ ‬بكل‭ ‬هدوء‭: ‬أقولج‭ ‬بغيت‭ ‬أموت‭ ‬من‭ ‬القهر‭ ‬ما‭ ‬قلت‭ ‬إني‭ ‬بتخلى‭ ‬عن‭ ‬التضامن‭ ‬ولكنني‭ ‬أضعف‭ ‬من‭ ‬مشاهدة‭ ‬المناظر‭ ‬البشعة‭ ‬للإجرام‭ ‬الإسرائيلي‭. ‬فردت‭ ‬عليها‭ ‬فلانة‭ ‬بانفعال‭ ‬وبطريقة‭ ‬الممثلة‭ ‬سناء‭ ‬جميل‭: ‬هاي‭ ‬أقل‭ ‬دعم‭ ‬لدماء‭ ‬الأبرياء‭!! ‬فردت‭ ‬عليها‭ ‬باستغراب‭ ‬شديد‭: ‬يعني‭ ‬لما‭ ‬يرتفع‭ ‬ضغطي‭ ‬وأموت‭ ‬وأروح من‭ ‬كيس‭ ‬أهلي‭ ‬من‭ ‬القهر‭ ‬بكون‭ ‬دعمت‭ ‬الأبرياء؟‭ ‬وأنت‭ ‬بترتاحين؟‮   ‬‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬تصرخ‭ ‬الثانية‭ ‬بطريقة‭ ‬درامية‭ ‬جديدة‭ ‬حاولنا‭ ‬تغيير‭ ‬الموضوع‭ ‬لأن‭ ‬النقاش‭ ‬مع‭ ‬الجاهل‭ ‬عقيم‭ ‬دائما‭.‬

يا‭ ‬ناس‭ ‬يا‭ ‬هو‭: ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬حر‭ ‬في‭ ‬مواقفه‭ ‬ومشاعره‭ ‬وطريقته‭ ‬في‭ ‬التضامن‭ ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬مضطرا‭ ‬أبدا‭ ‬لتبرير‭ ‬تصرفاته‭ ‬لأي‭ ‬كان‭ ‬فخلكم‭ ‬في‭ ‬حالك‭ ‬ودعوا‭ ‬الخلق‭ ‬للخالق‭.‬

إقرأ أيضا لـ"وفاء جناحي"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا