الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
الكلمة السامية درس في القانون الدولي
الكلمة السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، أمام قمة القاهرة للسلام، هي كلمة واقعية ومتوازنة، ذات أبعاد ودلالات عديدة، إنسانية وقانونية، وحملت رؤية مستقبلية من أجل أمن واستقرار المنطقة.
جاءت الكلمة السامية بمثابة درس في القانون الدولي، يستحق أن نتوقف عنده، وقد نال إعجاب العاملين في السياسة الدولية والشؤون القانونية، كما تابعنا في الوسائل الإعلامية، عبر الفقرة الرائعة من الكلمة السامية، والتي تطرقت إلى أن «قرار الحرب والسلم، يبنى على أساس الاتفاقيات والمعاهدات، والإجراءات الدستورية لكل بلد، أما إيقاف الحرب فهو ما تنص عليه الشريعة الإنسانية والقانون الدولي».. وهنا رسالة واضحة ومباشرة وصريحة لأي دولة أو تكتل وقوى دولية، بأن خوض الحرب واللجوء إلى السلم هو قرار فردي وثنائي يتعلق بتلك الدول وفقا لقوانينها، أما عملية إيقاف الحرب فهو خاضع للشريعة الإنسانية والقانون الدولي، ولا يحق الانفراد به، ولا يجوز احتكاره عند طرف واحد، ولا يحق لأي جهة التحكم فيه، لأنه يتعلق بكل الدول والشعوب، خاصة الواقعة في ذات المنطقة، وهو واجب وملزم، إنسانيا ودوليا.
والكلمة السامية تناولت إشارة تاريخية حكيمة، حول عقد أول مؤتمر دولي لصانعي السلام في عام 1996 في شرم الشيخ، وكانت الظروف آنذاك ذاتها والعنوان مشابهة كذلك، من أجل مستقبل عملية السلام وتكثيف الجهود الإنسانية.. وهنا تأكيد من جلالته حفظه الله ورعاه، على أهمية قراءة التاريخ في القضية الفلسطينية، وكيفية التعامل مع الأوضاع، واحتواء الأزمات وإدارة الصراعات، وإنهاء الحرب.
كما كشفت الكلمة السامية أسباب استمرار الصراع والحرب، بل وحتى بقائه مستقبلا، وهو غياب تأمين حقوق الشعب الفلسطيني، إذ بدون ذلك لن تشهد المنطقة أي استقرار، وسيظل الصراع قائما والحرب مستمرة، والنزاع مشتعلا، وأن حل الدولتين هو الضمانة الحقيقة للتعايش، أما ما عدا ذلك فهو لن يصل بنا إلى الحل العادل والشامل والمستدام.
وجاءت الكلمة السامية لتجدد الموقف البحريني التاريخي والثابت، الداعم للقضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، باعتبارها الأولوية الكبرى لمملكة البحرين، في كل الأوقات والظروف واللحظات، وهو الأمر الذي يتصدر عمل الدولة والدبلوماسية البحرينية، تماما كما كان بارزا في الأزمة الحالية.
وتضمنت الكلمة السامية إعلان النهج الراسخ الذي تمضي فيه مملكة البحرين، بماضيها وحاضرها ومستقبلها، وهو أن السلام هو الخيار الاستراتيجي الذي تؤمن به مملكة البحرين، وترى أنه السبيل الأمثل لتحقيق مزيد من الأمن والاستقرار في ضوء مبادئ الحوار والنهج السلمي والحضاري، كسبيل وحيد لتسوية النزاعات، وتوفير فرص الأمن والنماء والازدهار، لشعوب المنطقة كافة.
كما أن الكلمة السامية، وفي تأكيدها على الرفض القاطع لتهجير شعب غزة الشقيق من أرضه وأرض أجداده، وأهمية التمسك بالأرض وعدم قبول أي سيناريو أو تخطيط يراد له ضد الشعب الفلسطيني وتاريخه الأصيل، فهي كذلك تؤكد دعمها للأمن القومي المصري، وسلامة وسيادة أراضيها وأمنها واستقرارها، فلا عن الإشادة بالدور المحوري المصري في دعم القضية الفلسطينية.
الكلمة السامية أسهمت في تجديد الحديث عن الحلول السياسية لعودة القضية الفلسطينية إلى سياقها الطبيعي السليم، وأكدت على حماية كافة المدنيِّين، وإطلاق سراح جميع الأسرى والمحتجزين، إذ لا يُمكن فصل الجغرافيا عن البشر.. وفي القضية الفلسطينية يوجد التاريخ والجغرافيا والبشر وكل العلوم والمجالات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك