اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
الأمومة السامة
مؤخرا فوجئت وزارة التربية والتعليم بل والمجتمع بأكمله بقيام ولية أمر بتوصيل ابنها إلى إحدى المدارس الحكومية، وتركه أمامها، وغادرت رغم كون أبواب المدرسة مغلقة، على اعتبار أن ذلك اليوم هو إجازة رسمية، ونظرا إلى انتباه أخصائي الأمن والسلامة المدرسية لوجود الطفل خارج المدرسة، فقد سارع إلى إبلاغ إدارة المدرسة التي قامت بدورها من خلال الإرشاد الاجتماعي بحماية الطفل داخل المدرسة، والتواصل مع ولية أمره، والتحقق من توصيله وعودته إلى منزله سالما.
حقيقة نحن لا نعلم خلفيات هذه الواقعة الشاذة، ولا نملك إصدار الأحكام على هذه الأم، ولكن دعونا نتوقف هنا عند قضية مهمة للغاية وهي ما يطلق عليها التربويون «التواجد الإيجابي» للأم في حياة الأبناء، والذي يقاس بمعيار الكيف وليس الكم..
في تقرير نشرته مجلة بيكيا بادريس الإسبانية أوضحت الكاتبة ماريا خوسيه رودان أن الكثير من السلوكيات السلبية للأطفال ترتبط بالممارسات السيئة للآباء والأمهات أثناء تنشئة أبنائهم، وبأن الأمهات الفاعلات هن من يعتنين باحتياجات أطفالهن العاطفية والنفسية، وهن من يقدمن الرعاية التي توفر لهم الثقة بالنفس الإيجابية والصحية.
كلنا عرفنا في طفولتنا لحظات ومواقف كانت بمثابة ولادة جديدة، وعندما نعود بالذاكرة إلى تلك اللحظات نقول لأنفسنا إنه اليوم الذي أصبحت فيه ما أنا عليه الآن، والعكس صحيح، شتداويها الأيام ولا السنون حتى الممات!
من هنا نؤكد أهمية دور الأم خاصة في صناعة تلك اللحظات بنوعيها، فمن أرادت أن تصلح طفلها فلتصلح أولا نفسها، وما يحدث لكثير من أبناء الجيل الجديد اليوم ما هو إلا ثمرة التربية والتعليم والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
لنعلم جميعا أنه إذا أردنا أن نحقق السلم والسلام الاجتماعي الحقيقي في العالم فعلينا أن نبدأ من تربية الأطفال في المنزل، وهي مهمة تتطلب تضافر جهود الكثير من الأطراف في مقدمتهم الأم، وإن أسوا جريمة هي إهمالهم، لأن ما يكتسبونه في مرحلة الطفولة هو الذي سيحدد شخصياتهم ومصيرهم وإنتاجيتهم من الخير أو الشر.
نعم، ليست هناك أمومة مثالية، خاصة في عصر أصبحت فيه معظم الأمهات مطحونات بين مسؤولياتهن المتشعبة الأسرية والعملية، ولكن هناك حد أدنى من الأسس والخصائص هي التي تفرق بين الأمومة الصحية أو الأمومة السامة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك