الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
مقال لم تقرأه إسرائيل
منذ سنوات، أثناء الحرب الإسرائيلية على غزة الفلسطينية، «قيل» إن إعلاميا إسرائيليا كتب مقالا تم نشره في صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية.. والمقال متداول على المواقع الالكترونية بكثرة هذه الأيام، وكأنه يحذر من عواقب وتداعيات سياسة إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.. فماذا كتب؟ وممّ حذر؟ وكأنها رسالة لم تقرأها إسرائيل آنذاك، لتصطدم اليوم بواقع «طوفان الأقصى»، الذي أيقظ الأمة العربية من جديد.. فماذا قال؟
«الحقيقة أن الفلسطينيين هم شعب من أفضل شعوب الأرض، الذين هبّوا للدفاع عن حقوقهم، بعد أكثر من سبعين عاماً، وكأنهم رجل واحد، وأثناء الحرب على غزة، وإطلاق صواريخ المقاومة علينا خسارتنا كل ثلاثة أيام 912 مليون دولار، ناهيك عن تعطل الحركة التجارية، وهبوط البورصة، وتوقف معظم المؤسسات وأعمال البناء، وموت الدواجن في المزارع بعشرات ملايين الدولارات، وتعطل بعض المطارات، وبعض خطوط القطارات، وثمن إطعام الهاربين إلى الملاجئ، ناهيك عن التدمير في البيوت والمحال التجارية، والسيارات والمصانع، بفعل صواريخ المقاومة الفلسطينية.
إننا نتعرض لحرب لسنا من نديرها.. وبالتأكيد لسنا من ينهيها، وخاصة أن المدن العربية في اسرائيل فاجأت الجميع بهذه الثورة العارمة ضدنا، بعد أن كنّا نظن أنهم فقدوا بوصلتهم الفلسطينية.. هذا نذير شؤم على الدولة التي تأكد سياسيّوها أن حساباتهم كانت كلها مغلوطة، وسياساتهم كانت تحتاج إلى أفق أبعد مما فكروا فيه.
إنهم -الفلسطينيين- فعلا أصحاب الأرض.. ومن غير أصحاب الأرض يدافع عنها بنفسه وماله وأولاده، بهذه الشراسة.. وهذا الكبرياء والتحدي.
وأنا كيهودي، أتحدّى أن تأتي دولة «إسرائيل» كلها بهذا الانتماء، وهذا التمسّك والتجذّر بالأرض، بعد أن أذقناهم ويلاتنا، من قتل وسجن، وحصار وفصل، وأغرقناهم بالمخدرات، وغزونا أفكارهم بخزعبلات تبعدهم عن دينهم، كالتحرر والإلحاد والشكّ.. لكن الغريب في الأمر أن يكون أحدهم مدمن مخدرات، ولكنه يهبّ دفاعا عن أرضه وأقصاه، وكأنه شيخ بعمامة، وصوته يصهل «الله أكبر»..!!
جيوش دول بكامل عتادها لم تجرؤ على ما فعلته المقاومة الفلسطينية في أيام معدودات، فقد سقط القناع عن الجندي «الإسرائيلي» الذي لا يقهر، وأصبح يقتل ويخطف؛ وطالما أن تل أبيب ذاقت صواريخ المقاومة، فمن الأفضل أن نتخلّى عن حلمنا الزائف بإسرائيل الكبرى، ويجب أن تكون للفلسطيني دولة جارة، تسالمنا ونسالمها، وهذا فقط يطيل عمر بقائنا على هذه الأرض بضع سنين، وأعتقد بأنه ولو بعد ألف عام، هذا إن استطعنا أن نستمر لعشرة أعوام قادمة كدولة يهودية، لا بد أن يأتي يوم ندفع فيه كل الفاتورة.. فالفلسطيني، سيُبعث من جديد، ومن جديد، ومن جديد.. وسيأتي مرّة راكبًا فرسه، مُتّجهًا نحو تل أبيب».
هذا هو المقال الذي لم تقرأه إسرائيل منذ سنوات، فجاءها «طوفان الأقصى» اليوم، على الرغم من التعتيم الإعلامي، والدعم الغربي، والصمت الدولي، والتناقض الحقوقي العالمي.. فمتى ستدرك إسرائيل جنون ما ذهبت إليه.. وكارثية ما تسير نحوه..؟؟
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك