العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

المجتمع

جرائم الحرب الصهيونية في غزة والتواطؤ الغربي

بقلم: د. نبيل العسومي

السبت ٢١ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

من‭ ‬الغريب‭ ‬عند‭ ‬متابعة‭ ‬الأحداث‭ ‬الدامية‭ ‬والمواجهات‭ ‬المستمرة‭ ‬بين‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والمقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬أن‭ ‬الموضوع‭ ‬الجوهري‭ ‬الذي‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الصراعات‭ ‬الدموية‭ ‬هو‭ ‬استمرار‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ورفضه‭ ‬الرفض‭ ‬الكامل‭ ‬والمطلق‭ ‬لقرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬المعلومة‭ ‬لدى‭ ‬الجميع‭ ‬والتي‭ ‬يجمع‭ ‬عليها‭ ‬أغلب‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬المفتاح‭ ‬الرئيسي‭ ‬لفهم‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وما‭ ‬يحدث‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬تقريبا‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬من‭ ‬مواجهات‭ ‬وقتل‭ ‬وتهديم‭ ‬للبيوت‭ ‬وحرق‭ ‬للمزارع‭ ‬واقتلاع‭ ‬للأشجار‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الشقيق‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬تحت‭ ‬كابوس‭ ‬الاحتلال‭ ‬وتحت‭ ‬كابوس‭ ‬اعتداءات‭ ‬المستوطنين‭.‬

وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬المواجهة‭ ‬الحالية‭ ‬بين‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وقوات‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬فإن‭ ‬سقوط‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬مخالف‭ ‬للقانون‭ ‬الإنساني‭ ‬الدولي‭  ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬الحروب،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬تجاهله‭ ‬تماما‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬وإعلامها‭ ‬وسياساتها‭ ‬أن‭ ‬حماس‭ ‬ليست‭ ‬دولة‭ ‬وليس‭ ‬لها‭ ‬جيش‭ ‬نظامي‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المقاتلين‭ ‬الذين‭ ‬يواجهون‭ ‬حالة‭ ‬احتلال‭ ‬مستمر‭ ‬وعنيف‭ ‬ولا‭ ‬يرحم‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تمتلك‭ ‬جيشا‭ ‬جرارا‭ ‬ومتطورا‭ ‬ويمتلك‭ ‬أسلحة‭ ‬حديثة‭ ‬ومتقدمة‭ ‬ومدعوم‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬ومطلق‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وأغلب‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬وكل‭ ‬هذه‭ ‬القوات‭ ‬لمواجهة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المقاتلين‭ ‬الذين‭ ‬تحركوا‭ ‬ضد‭ ‬حالة‭ ‬الحصار‭ ‬والظلم‭ ‬الذي‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬16‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭.  ‬وهو‭ ‬حصار‭ ‬كامل‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬وهو‭ ‬يبلغ‭ ‬350‭ ‬كيلو‭ ‬مترا‭ ‬مربعا‭ ‬يعد‭ ‬سجنا‭ ‬كبيرا‭ ‬يقطنه‭ ‬حوالي‭ ‬مليونان‭ ‬وثلاثمائة‭ ‬ألف‭ ‬مواطن‭ ‬فلسطيني‭ ‬من‭ ‬ضمنهم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬هجروا‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬عام‭ ‬1948‭ ‬وهو‭ ‬محاصر‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬ويمنع‭ ‬إدخال‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬لهذا‭ ‬القطاع‭ ‬الذي‭ ‬يختنق‭ ‬فيه‭ ‬سكانه‭ ‬وتبلغ‭ ‬نسبة‭ ‬البطالة‭ ‬فيه‭ ‬حوالي‭ ‬50%‭ ‬ويعد‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬المناطق‭ ‬ازدحاما‭ ‬وكثافة‭ ‬سكانية‭ ‬ولولا‭ ‬المعونات‭ ‬الأممية‭ ‬والعربية‭ ‬لأصبح‭ ‬سكان‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬بائس‭ ‬لا‭ ‬يحتمل‭.‬

وما‭ ‬يتم‭ ‬تجاهله‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬الأخيرة‭ ‬أيضا‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬إسرائيل‭ ‬كرد‭ ‬فعل‭ ‬على‭ ‬العملية‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬قوات‭ ‬حماس‭ ‬تعتبر‭ ‬في‭ ‬معظمها‭ ‬ضمن‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬فأي‭ ‬بطولة‭ ‬وأي‭ ‬قوة‭ ‬وأي‭ ‬انتصار‭ ‬في‭ ‬التدمير‭ ‬الممنهج‭ ‬للمساكن‭ ‬والبيوت‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬أصحابها؟‭! ‬وأي‭ ‬بطولة‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يطوق‭ ‬جيش‭ ‬كبير‭ ‬مثل‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬ويعلن‭ ‬تهجير‭ ‬السكان‭ ‬وإنه‭ ‬سيسحق‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬برعاية‭ ‬ودعم‭ ‬معلن‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وبريطانيا‭ ‬العظمى‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬التي‭ ‬شعرت‭ ‬بأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬مهددة‭ ‬بسبب‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬حماس‭!.‬

وهناك‭  ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬تجاهله‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬الحقائق‭ ‬الواضحة‭ ‬وهو‭ ‬أن‭  ‬إسرائيل‭ ‬ترفض‭ ‬الالتزام‭ ‬بالقرارات‭ ‬الدولية‭ ‬خاصة‭ ‬القرارين‭ ‬338‭ ‬و‭ ‬424‭ ‬بشان‭ ‬حتمية‭ ‬وضرورة‭  ‬انسحاب‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬العربية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬يبذلها‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬والعرب‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬والرباعية‭ ‬الدولية‭  ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬نهائي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أوسلو‭ ‬1993‭ ‬فإنها‭ ‬أفرغت‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬من‭ ‬محتواها‭ ‬تماما‭ ‬وحاصرت‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬بمن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الرئيس‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الراحل‭ ‬ياسر‭ ‬عرفات‭ ‬ورجعنا‭ ‬مجددا‭ ‬إلى‭ ‬دائرة‭ ‬الاقتتال‭ ‬مع‭ ‬اندلاع‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الثانية‭ ‬وجاءت‭ ‬الرباعية‭ ‬الدولية‭  ‬لوضع‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬لحل‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬وفقا‭ ‬لمبدأ‭ ‬الأرض‭ ‬مقابل‭ ‬السلام‭ ‬ووفقا‭ ‬للقرارات‭ ‬الدولية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬أفرغت‭ ‬جهود‭ ‬الرباعية‭ ‬من‭ ‬محتواها‭ ‬السياسي‭ ‬والجغرافي‭.‬

بعد‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬وبعد‭ ‬استمرار‭ ‬الضربات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬واعتداءات‭ ‬المستوطنين‭ ‬المستمرة‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬المقدسات‭ ‬الإسلامية‭ ‬والمسيحية‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬والقتل‭ ‬الممنهج‭ ‬للشباب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬واحتجاز‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وأغلبهم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬محاكمة‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأجواء‭ ‬لا‭ ‬نستغرب‭ ‬أبدا‭ ‬اندلاع‭ ‬انتفاضات‭ ‬متتالية‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬سلمية‭ ‬مثل‭ ‬انتفاضة‭ ‬الحجارة‭ ‬عام‭ ‬1987‭ ‬و‭ ‬عام‭ ‬2002‭ ‬أو‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬حماس‭ ‬و‭ ‬الأمر‭ ‬المؤكد‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬إنهاء‭ ‬وجود‭ ‬حماس‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حصول‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬على‭ ‬استقلاله‭ ‬ستظهر‭ ‬حماس‭ ‬ثانية‭ ‬وثالثة‭ ‬عبر‭ ‬السنين‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا