العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

.. خلفنا عارُ العرب

إنها‭ ‬الحربُ

قد‭ ‬تثقل‭ ‬القلبَ‭..‬

لكن‭ ‬خلفك‭ ‬عار‭ ‬العرب

لا‭ ‬تصالحْ‭..‬

ولا‭ ‬تتوخَّ‭ ‬الهرب

 

هذا‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الشاعر‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير‭ ‬أمل‭ ‬دنقل‭ ‬في‭ ‬قصيدته‭ ‬الشهيرة‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تصالح‮»‬‭.‬

حين‭ ‬كتب‭ ‬هذا‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬ذهنه‭ ‬بالتأكيد‭ ‬خصال‭ ‬وسجايا‭ ‬العرب‭ ‬التي‭ ‬عرفوا‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬تاريخهم‭ ‬الطويل‭ ‬والتي‭ ‬طالما‭ ‬تغنينا‭ ‬بها،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الإقدام‭ ‬والشجاعة،‭ ‬ورفض‭ ‬الظلم‭ ‬والذل،‭ ‬والثأر‭ ‬لأي‭ ‬حق‭ ‬يضيع‭ ‬أو‭ ‬أرض‭ ‬تغتصب،‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬الكرامة‭ ‬والشرف‭.. ‬وهكذا‭. ‬

حين‭ ‬يتخلى‭ ‬العرب‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الخصال‭ ‬والسجايا،‭ ‬فإن‭ ‬عار‭ ‬العرب‭ ‬خلفهم‭.‬

اليوم‭.. ‬خلفنا‭ ‬عار‭ ‬العرب‭.‬

‭ ‬أرضنا‭ ‬مستباحة‭.. ‬نتعرض‭ ‬لأكبر‭ ‬هجمة‭ ‬إرهابية‭.. ‬أهلنا‭ ‬تستباح‭ ‬دماؤهم‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬وتباد‭ ‬بلادهم‭.‬

أكثر‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬شهيد‭ ‬يحتمون‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬سقطوا‭ ‬في‭ ‬دقائق‭ ‬في‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬افظع‭ ‬عمليات‭ ‬الإرهاب‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭. ‬وقبلهم‭ ‬آلاف‭ ‬استشهدوا‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭. ‬العدو‭ ‬يخيرهم‭ ‬بين‭ ‬الرحيل‭ ‬عن‭ ‬أرضهم‭ ‬والذبح‭ ‬والابادة‭.‬

هذه‭ ‬ليست‭ ‬إبادة‭ ‬لشعب‭ ‬فلسطين‭ ‬وحده‭. ‬هذا‭ ‬مخطط‭ ‬إبادة‭ ‬لكل‭ ‬العرب‭.. ‬إذلال‭ ‬لكل‭ ‬العرب‭. ‬مطلوب‭ ‬منا‭ ‬صراحة‭ ‬وعلنا‭ ‬أن‭ ‬نرضخ‭ ‬وأن‭ ‬نقبل‭ ‬الذل‭ ‬والهوان‭ ‬وأن‭ ‬نستسلم‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الهمج‭.‬

ماذا‭ ‬فعلنا‭ ‬نحن‭ ‬العرب‭ ‬إزاء‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬لأهلنا‭ ‬ولنا‭ ‬وأراضينا‭ ‬ودمائنا‭ ‬وكرامتنا‭ ‬المستباحة؟

ماذا‭ ‬فعلنا‭ ‬بكل‭ ‬إمكانياتنا‭ ‬وقدراتنا‭ ‬وقوانا‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬كبيرة‭ ‬جدا؟

ماذا‭ ‬فعلنا‭ ‬بكل‭ ‬علاقاتنا‭ ‬التي‭ ‬يحلو‭ ‬لنا‭ ‬دوما‭ ‬وصفها‭ ‬بـ«الاستراتيجية‮»‬‭ ‬مع‭ ‬أمريكا‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬الأخرى،‭ ‬ومئات‭ ‬المليارات‭ ‬التي‭ ‬نهبوها‭ ‬منا‭ ‬باسم‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات؟

لم‭ ‬نفعل‭ ‬شيئا‭.. ‬الذي‭ ‬فعلناه‭ ‬أننا‭ ‬‮«‬توخينا‭ ‬الهرب‮»‬‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬أمل‭ ‬دنقل‭.‬

‭ ‬نقف‭ ‬اليوم‭ ‬عاجزين‭ ‬تماما‭.. ‬عاجزين‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬نحمي‭ ‬أهلنا‭.. ‬عاجزين‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬نوقف‭ ‬طوفانا‭ ‬من‭ ‬الإرهاب‭ ‬يجتاحنا‭.. ‬عاجزين‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬ندافع‭ ‬عن‭ ‬كرامتنا‭ ‬وشرفنا‭ ‬وحتى‭ ‬حقنا‭ ‬في‭ ‬الحياة‭.‬

نحن‭ ‬عاجزون‭ ‬حتى‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬نؤمن‭ ‬إدخال‭ ‬مساعدات‭ ‬إنسانية‭ ‬إلى‭ ‬أطفال‭ ‬يستشهدون‭ ‬وشعب‭ ‬بأسره‭ ‬يباد‭ ‬أمام‭ ‬أعيننا‭.‬

يقول‭ ‬البعض‭ ‬إن‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬يقف‭ ‬عاجزا‭ ‬فلماذا‭ ‬نلوم‭ ‬أنفسنا‭ ‬نحن؟

نعم‭.. ‬العالم‭ ‬يقف‭ ‬جبانا‭ ‬عاجزا‭. ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬أرضنا‭ ‬نحن‭.. ‬وهؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬يبادون‭ ‬أهلنا‭ ‬نحن‭. ‬دماء‭ ‬الأبرياء‭ ‬التي‭ ‬تسيل‭ ‬دماؤنا‭ ‬نحن‭.. ‬الكرامة‭ ‬التي‭ ‬تهدر‭ ‬كرامتنا‭ ‬نحن‭.. ‬والشرف‭ ‬الذي‭ ‬يضيع‭ ‬شرفنا‭ ‬نحن‭.. ‬طوفان‭ ‬الهمجية‭ ‬والإرهاب‭ ‬يجتاحنا‭ ‬نحن‭.‬

أقصى‭ ‬ما‭ ‬أصبح‭ ‬بمقدورنا‭ ‬أن‭ ‬نفعله‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نناشد‭ ‬العالم‭ ‬التدخل‭ ‬وإنقاذنا‭.‬

وماذا‭ ‬سيفعل‭ ‬لنا‭ ‬العالم‭ ‬إذا‭ ‬كنا‭ ‬عاجزين‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحد؟

ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب،‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬كله‭ ‬يقف‭ ‬اليوم‭ ‬صفا‭ ‬واحدا‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬يدعمه‭ ‬ويطالبه‭ ‬بمواصلة‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬والتدمير‭.‬

هم‭ ‬يقفون‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بترسانتهم‭ ‬العسكرية‭.. ‬وإمكانياتهم‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬والإعلامية‭ ‬وضعوها‭ ‬كلها‭ ‬تحت‭ ‬تصرفهم‭.‬

ونحن‭ ‬العرب‭ ‬‮«‬ترسانتنا‮»‬‭ ‬التي‭ ‬نحارب‭ ‬بها‭ ‬بيانات‭ ‬وتصريحات‭ ‬إنشائية‭ ‬بالإدانة‭ ‬والشجب‭ ‬والاستنكار‭ ‬واستجداء‭ ‬الآخرين‭.‬

هذه‭ ‬لحظة‭ ‬مأساوية‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬تاريخنا‭.‬

التاريخ‭ ‬لا‭ ‬ينسى‭ ‬ولا‭ ‬يغفر‭. ‬تاريخنا‭ ‬لن‭ ‬يغفر‭ ‬لنا،‭ ‬وسيظل‭ ‬عارُ‭ ‬العرب‭ ‬خلفنا‭ ‬يلاحقنا‭.‬

هذا‭ ‬عن‭ ‬اليوم،‭ ‬فماذا‭ ‬عن‭ ‬الغد؟

ماذا‭ ‬لو‭ ‬أردنا‭ ‬محو‭ ‬هذا‭ ‬العار؟

ماذا‭ ‬لو‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نحفظ‭ ‬لأبنائنا‭ ‬وأحفادنا‭ ‬والأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬الكرامة‭ ‬والعزة؟

ماذا‭ ‬لو‭ ‬أردنا‭ ‬ألا‭ ‬يكبر‭ ‬هؤلاء‭ ‬بين‭ ‬أيدينا‭ ‬بـ«بقلوب‭ ‬منكسة‮»‬‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬أمل‭ ‬دنقل؟

ماذا‭ ‬لو‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نردع‭ ‬هؤلاء‭ ‬الهمج‭ ‬الإرهابيين‭ ‬عن‭ ‬احتلال‭ ‬حاضرنا‭ ‬ومستقبلنا‭ ‬ومصادرته؟

إن‭ ‬أردنا‭ ‬هذا‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تأتي‭ ‬ساعة‭ ‬الحساب‭ ‬سريعا‭.‬

لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نتحاسب،‭ ‬وأن‭ ‬نعرف‭ ‬كيف‭ ‬ولماذا‭ ‬وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحال‭ ‬من‭ ‬العجز‭ ‬والذل‭ ‬والهوان؟

لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬أي‭ ‬خطايا‭ ‬ارتكبناها‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬أوطاننا‭ ‬وفي‭ ‬حق‭ ‬أنفسنا؟

لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬أي‭ ‬سياسات‭ ‬رسمية‭ ‬عربية‭ ‬قادتنا‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المصير؟

لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نفعل‭ ‬هذا‭ ‬بصراحة‭ ‬ووضوح‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تستر‭ ‬على‭ ‬شيء‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬تجميل‭ ‬لسياسات‭ ‬وأوضاع‭ ‬قبيحة‭ ‬قادتنا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬نحن‭ ‬فيه‭.‬

وعلى‭ ‬أي‭ ‬حال،‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬ننظر‭ ‬إلى‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬اليوم‭ ‬والغضب‭ ‬العارم‭ ‬الذي‭ ‬يجتاحها‭ ‬وسندرك‭ ‬أنه‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬نحاسب‭ ‬أنفسنا‭ ‬سريعا‭ ‬فإن‭ ‬ساعة‭ ‬حساب‭ ‬الشعوب‭ ‬آتية‭ ‬لا‭ ‬محالة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا