كثيرا ما نسمع عن قصر فرساي كنموذج للفخامة والفن المعماري. وبات هذا الاسم رمزا ومعيارا للدلالة على الرفاهية والثراء. فما هي حكاية هذا القصر؟
يعتبر هذا القصر اليوم من الوجهات الأكثر جاذبية للزوار والسياح في فرنسا، وأشهر بناء في الفن الكلاسيكي الفرنسي، وينافس في ذلك متحف اللوفر وبرج إيفل وغيرها من المعالم المعروفة في فرنسا، حيث يستقبل ما لا يقل عن عشرة ملايين زائر وسائح سنويا. ويتحول القصر في المواسم السياحية إلى مزار ثقافي يقدم الحفلات الموسيقية والمعارض الفنية والتاريخية.
كان الموقع الأساسي لقصر فرساي مقرًا لكنيسة في قرية صغيرة. وكان الملك هنري الرابع يزور المنطقة للصيد والترفيه منذ عام 1589 حيث كانت المنطقة محاطة بالغابات. قبل ان يقوم لويس الثالث عشر ببناء كوخ أو منزل صغير على تل قريب من القرية، وكان ذلك عام 1624. وفي 1632 أمر بتوسيع المنزل وعندما أصبح هو الملك حول الكوخ الى قصر، واستمر تطوير البناء حتى عام 1634.
وفي عام 1661، قرر الملك لويس الرابع عشر توسيع مساحة القصر وأراضيه. وتدريجيا نقل الحكومة والمحكمة الفرنسية إلى فرساي ليصبح القصر مقرا للأسرة المالكة وللسلطة، واستمر تطوير القصر وتوسعته إلى درجة ان اعتبره الكثير من الفرنسيين في ذلك الوقت رمزا لعبث الأسرة المالكة في ثروات البلاد. وتحول قصر فرساي الى رمز للحكم المطلق.
وبقي القصر منزلا للملوك الفرنسيين حتى استطاعت الثورة الفرنسية عام 1789 على إرغام الملك لويس السادس عشر وزوجته الملكة ماري انطوانيت على مغادرة القصر ثم تم إعدامهما بالمقصلة. وبعد الثورة، بقي القصر في حالة سيئة، لكنه مع الأيام فرض نفسه كأحد أشهر المعالم السياحية ليس على مستوى باريس فحسب وانما العالم. وهو موقع للتراث العالمي لليونسكو، ونصب تذكاري يقدم تاريخًا للعمارة الفرنسية من القرن السابع عشر حتى نهاية القرن الثامن عشر.
يمتد القصر على مساحة تزيد على 63 ألف متر مربع ويضم 2300 حجرة، فيما تحتل حدائق القصر وحدها مساحة تبلغ 800 هكتار، تضاف اليه المرافق الأخرى مثل الحدائق. ويقدم صورة حية لحقبة تاريخية ومرحلة مهمة من مراحل تطور التاريخ الفرنسي.
وتحيط بالقصر ساحات كبيرة تمثل صورا جميلة للإبداع المعماري بما في ذلك النوافير والتماثيل البرونزية والرخامية والأشجار والأزهار. وتعرف جميعها باسم حدائق فرساي. وتضم هذه الحدائق أكثر من ألف شجرة برتقال، وخمسين نافورة.
تمتد الواجهة الرئيسية للقصر نحو 80 مترا، ويضم ثلاثة طوابق. ويتميز بان الكثير من قطع الأثاث والأسقف مصنوعة من الذهب.
ومن المعالم الأساسية في القصر هو متحف تاريخ فرنسا، والذي اسسه لويس فيليب الذي أصبح ملكًا لفرنسا عام 1830، حيث قرر تكريس قصر فرساي لكل أمجاد فرنسا وأصدر قرارًا بأن يصبح القصر متحفًا ويعرض تاريخ فرنسا المجيد. وبات المتحف يضم أكثر من 6,000 لوحة و3,000 منحوتة تقدم صورة حية لمحطات تاريخية مهمة في فرنسا.
ويضم القصر أيضا قاعة المراسم الاحتفالية وأوبرا رويال الشبيهة بالجوهرة والشقق الملكية.
وهناك أيضا الكنيسة الملكية التي تم تدشينها في عهد لويس الرابع عشر. وكانت تقام فيها الخدمات اليومية ومراسم الزفاف والمعمودية حتى عام 1789.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك