العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

وبدأت المعركة والمقترحات ضد السكري

شكوت‭ ‬بالأمس‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬طبيبا‭ ‬كنت‭ ‬أثق‭ ‬به‭ ‬وأعتبره‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬صديق‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬الضيق،‭ ‬وجه‭ ‬إلي‭ ‬لكمة‭ ‬صاعقة‭ ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬إنني‭ ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬مرض‭ ‬السكري‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الثاني‭ (‬يعني‭ ‬أنا‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬المرض‭ ‬درجة‭ ‬ثانية‭)‬،‭ ‬وسألته‭ ‬مستنكرا‭ ‬كيف‭ ‬توصل‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬الحكم‭ ‬الظالم،‭ ‬فقال‭: ‬نتيجة‭ ‬فحص‭ ‬السكر‭ ‬التراكمي‭ ‬في‭ ‬الدم‭ ‬تثبت‭ ‬ذلك،‭ ‬فسألته،‭ ‬متى‭ ‬وكيف‭ ‬أجرى‭ ‬ذلك‭ ‬الفحص‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬ظهري،‭ ‬فقال‭ ‬لي‭ ‬إنني‭ ‬أتيته‭ ‬لإجراء‭ ‬فحص‭ ‬سي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬أي‭ ‬فحص‭ ‬الدم‭ ‬الكامل‭ ‬و«أثبتت‭ ‬نتائج‭ ‬الفحص‭ ‬أنك‭ ‬مرشح‭ ‬قوي‭ ‬للسكري‭. ‬فقلت‭ ‬له‭ ‬إنني‭ ‬أعطيت‭ ‬عينة‭ ‬من‭ ‬دمي‭ ‬لفحص‭ ‬وظائف‭ ‬الكبد‭ ‬والكلى‭ ‬والهيموغلوبين‭ ‬والدهون‭ ‬الثلاثية‭ ‬وحساب‭ ‬الكريات‭ ‬البيضاء‭ ‬والحمراء،‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬فحص‭ ‬مستوى‭ ‬السكر‭ ‬في‭ ‬الدم‭ ‬واردا‭ ‬في‭ ‬حساباتي،‭ ‬فجاءني‭ ‬الرد‭: ‬أنت‭ ‬بليد‭ ‬في‭ ‬الحساب‭ ‬كما‭ ‬اعترفت‭ ‬مرارا‭ ‬في‭ ‬مقالاتك،‭ ‬وعينة‭ ‬دم‭ ‬واحدة‭ ‬تكفي‭ ‬لفحص‭ ‬معظم‭ ‬الأمور‭ ‬وتحديد‭ ‬مؤشرات‭ ‬الصحة‭ ‬العامة،‭ ‬ثم‭ ‬حرمني‭ ‬الطبيب‭ ‬من‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬ومنعني‭ ‬من‭ ‬طرح‭ ‬أي‭ ‬سؤال‭ ‬عليه،‭ ‬ووصف‭ ‬لي‭ ‬عقارا‭ ‬اسمه‭ ‬غلوكوفاج‭ ‬وهو‭ ‬اسم‭ ‬لا‭ ‬يبعث‭ ‬على‭ ‬الطمأنينة‭ ‬ثم‭ ‬أعطاني‭ ‬قائمة‭ ‬بأنواع‭ ‬الأطعمة‭ ‬والمشروبات‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬علي‭ ‬تجنبها‭ ‬تماما‭ ‬أو‭ ‬تناولها‭ ‬بكميات‭ ‬قليلة

وما‭ ‬أن‭ ‬ذاع‭ ‬أمر‭ ‬ترشيحي‭ ‬إلى‭ ‬مرض‭ ‬السكري‭ ‬وعم‭ ‬القرى‭ ‬والحضر،‭ ‬حتى‭ ‬توالت‭ ‬علي‭ ‬الوصفات‭ ‬من‭ ‬فاعلي‭ ‬الخير،‭ ‬ورغم‭ ‬أنني‭ ‬مقتنع‭ ‬بنجاعة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬وصفات‭ ‬الطب‭ ‬الشعبي،‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬أتعامل‭ ‬مع‭ ‬الكثير‭ ‬منها‭ ‬بنفس‭ ‬أسلوب‭ ‬تعاملي‭ ‬مع‭ ‬المعلومات‭ ‬والأخبار‭ ‬المتداولة‭ ‬عبر‭ ‬واتساب،‭ ‬أي‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الشك،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬أغرب‭ ‬الوصفات‭ ‬التي‭ ‬تلقيتها‭ ‬أن‭ ‬أمضغ‭ ‬أوراقا‭ ‬خضراء‭ ‬من‭ ‬شجرة‭ ‬النيم‭ ‬وأبلع‭ ‬عصارتها‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬أغلي‭ ‬تلك‭ ‬الأوراق‭ ‬في‭ ‬الماء‭ ‬ثم‭ ‬أشرب‭ ‬العصارة،‭ ‬والنيم‭ ‬هذه‭ ‬أتى‭ ‬بها‭ ‬الإنجليز‭ ‬إلى‭ ‬السودان‭ ‬من‭ ‬الهند،‭ ‬وفي‭ ‬السودان‭ ‬اليوم‭ ‬عشرات‭ ‬وربما‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬أشجار‭ ‬النيم‭ ‬أمام‭ ‬وداخل‭ ‬البيوت‭ ‬وعلى‭ ‬حواف‭ ‬الشوارع،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬بهيمة‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬درجة‭ ‬غبائها‭ ‬وجوعها‭ ‬تأكل‭ ‬أوراقها،‭ ‬ومن‭ ‬غرائب‭ ‬هذه‭ ‬الشجرة‭ ‬أن‭ ‬الثعابين‭ ‬لا‭ ‬تقترب‭ ‬منها،‭ ‬وهذه‭ ‬شجرة‭ ‬تعافها‭ ‬الثعابين‭ ‬المعبأة‭ ‬بالسموم،‭ ‬ويريد‭ ‬صاحبها‭ ‬مني‭ ‬أن‭ ‬أمضغ‭ ‬أوراق‭ ‬شجرة‭ ‬تعافها‭ ‬الأغنام‭ ‬والثعابين‭!‬

وأقول‭ ‬مجددا‭ ‬إنه‭ ‬ورغم‭ ‬أني‭ ‬أثق‭ ‬تماما‭ ‬ببعض‭ ‬الوصفات‭ ‬الطبية‭ ‬الشعبية،‭ ‬وأدرك‭ ‬أن‭ ‬البشرية‭ ‬واصلت‭ ‬البقاء‭ ‬والتناسل‭ ‬لعشرات‭ ‬وربما‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬السنين‭ ‬بلا‭ ‬طب‭ ‬حديث‭ ‬أو‭ ‬صيدليات‭ ‬تبيع‭ ‬منتجات‭ ‬مصانع‭ ‬الأدوية،‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬أتعامل‭ ‬بحذر‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الوصفات‭ ‬الجديدة‭ ‬علي،‭ ‬وإذا‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬أحدهم‭: ‬خذ‭ ‬كذا‭ ‬أو‭ ‬كذا‭ ‬وكذا‭ ‬على‭ ‬الريق،‭ ‬فإنني‭ ‬أشك‭ ‬في‭ ‬جدوى‭ ‬الوصفة،‭ ‬لأن‭ ‬معظم‭ ‬الوصفات‭ ‬الفاشوش‭ ‬تكون‭ ‬متبوعة‭ ‬بالتناول‭ ‬على‭ ‬بطن‭ ‬خاوية‭ ‬من‭ ‬الطعام،‭ ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬90‭% ‬من‭ ‬الأدوية‭ ‬الحديثة‭ ‬ثابتة‭ ‬النجاعة‭ ‬تؤخذ‭ ‬بعد‭ ‬الأكل،‭ ‬ووجدت‭ ‬كلاما‭ ‬كثيرا‭ ‬وجميلا‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬البامية‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬مستوى‭ ‬السكر‭ ‬في‭ ‬الدم،‭ ‬وبما‭ ‬أنني‭ ‬عاشق‭ ‬للبامية،‭ ‬ونطبخها‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬طازجة‭ ‬أو‭ ‬مسحونة‭ ‬بعد‭ ‬التجفيف،‭ ‬فقد‭ ‬قررت‭ ‬شراء‭ ‬كميات‭ ‬تجارية‭ ‬منها،‭ ‬وتعاطيها‭ ‬في‭ ‬الغداء‭ ‬والعشاء‭ ‬مدة‭ ‬شهر،‭ ‬ولو‭ ‬أحدثت‭ ‬تخفيضا‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬السكر‭ ‬فخير‭ ‬وبركة‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬اتضح‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تحصيني‭ ‬ضد‭ ‬السكري‭ ‬سأطلقها‭ ‬طلاقا‭ ‬بائنا‭ ‬بينونة‭ ‬كبرى‭.‬

على‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬عقدت‭ ‬العزم‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬السكري‭ ‬من‭ ‬غزو‭ ‬دمي،‭ ‬وقلّلت‭ ‬من‭ ‬تناول‭ ‬النشويات‭ ‬وطلقت‭ ‬كل‭ ‬طعام‭ ‬أو‭ ‬شراب‭ ‬فيه‭ ‬سكر‭ ‬أبيض،‭ ‬ثم‭ ‬نفضت‭ ‬الغبار‭ ‬عن‭ ‬جهاز‭ ‬السير‭ ‬الكهربائي‭ ‬الذي‭ ‬بنى‭ ‬عليه‭ ‬العنكبوت‭ ‬من‭ ‬طول‭ ‬الركود‭ ‬وعدم‭ ‬الاستعمال،‭  ‬وصرت‭ ‬أستخدمه‭ ‬يوميا‭ ‬وأسير‭ ‬عليه‭ ‬بالخطوة‭ ‬السريعة‭ ‬ل40‭ ‬دقيقة،‭ ‬ولكن‭ ‬النتيجة‭ ‬محبطة‭ ‬جدا،‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬تعلو‭ ‬أنفاسي‭ ‬ويتصبب‭ ‬العرق‭ ‬مني‭ ‬شلالاً‭ ‬أكتشف‭ ‬أنني‭ ‬حرقت‭ ‬115‭ ‬سعرة‭ ‬بمجهود‭ ‬40‭ ‬دقيقة،‭ ‬بينما‭ ‬إذا‭ ‬أكلت‭ ‬شريحتين‭ ‬من‭ ‬البطيخ‭ ‬أكون‭ ‬قد‭ ‬زودت‭ ‬جسمي‭ ‬بنحو‭ ‬400‭ ‬سعرة،‭ ‬بينما‭ ‬أنا‭ ‬أصلا‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬الرياضة‭ ‬لأعطي‭ ‬نفسي‭ ‬حق‭ ‬تناول‭ ‬البطيخ‭ ‬والتمر،‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬الرياضة‭ ‬عديمة‭ ‬الجدوى،‭ ‬لأنني‭ ‬بقضاء‭ ‬أربعين‭ ‬دقيقة‭ ‬على‭ ‬السير‭ ‬الكهربائي‭ ‬أكون‭ ‬كما‭ ‬لاعب‭ ‬كرة‭ ‬قدم‭ ‬يقضي‭ ‬شوطا‭ ‬واحدا‭ ‬في‭ ‬الملعب‭ ‬وهو‭ ‬يتحرك‭ ‬بسرعة‭ ‬معقولة‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬أن‭ ‬يتصدق‭ ‬عليه‭ ‬زميل‭ ‬بتمريرة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا