احتفلت روسيا الاتحادية مؤخرا بمرور عام على انضمام جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبية وإقليمي خيرسون وزابوروجيا رسميا إلى روسيا الاتحادية بعد تحرير معظم هذه المناطق من قبل القوات الروسية في العملية العسكرية الخاصة وعودة هذه المناطق التي تقطنها أغلبية روسية ساحقة وتعتبر في الأصل مناطق روسية يطلق عليها اليوم «نيوروسيا» إضافة إلى شبه جزيرة القرم التي استعادتها روسيا عام 2014.
وقد شكل هذا الاحتفال الكبير والذي حضره ورعاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مناسبة لإظهار ما تم إعلانه عبر الاستفتاءات التي أجريت قبل أكثر من عام حيث عبَّر فيها سكان هذه المناطق عن رغبتهم في الانضمام إلى روسيا ا لاتحادية بعد أن عاشوا سنوات عديدة امتدت إلى أكثر من ثلاثة عقود من الزمان من القهر والظلم والاعتداءات المتكررة من قبل القوات الأوكرانية وخاصة الجماعات النازية التي كانت ولا تزال إلى اليوم تنادي بتطهير هذه المناطق ما تسميه أوكرانيا بالوجود الروسي حيث بينت هذه الاحتفالات ومن خلال اللقاءات التي أجريت مع عدد كبير من المواطنين العائدين إلى وطنهم الأم سعادتهم البالغة لهذا الانضمام حيث تحرروا من حالة القتل الممنهج الذي كانت تمارسه القوات النازية وتحرروا من القصف المستمر الذي كانوا يتعرضون له يوميا.
الوجه الثاني لهذا الاحتفال يبين حجم الإنجازات التي تحققت لمواطني هذه الأقاليم في ظرف سنة واحدة ما يشبه المعجزة حيث نجحت روسيا الاتحادية في إنجاز جزء كبير من إعادة الإعمار وإعادة البنية التحتية إلى العمل مجددا فقد عادت السكك الحديدية للعمل وتم إعادة ترميم الطرق التي دمرت وإعادة صيانة وتشغيل المدارس والجامعات والمستشفيات وبناء المساكن الجديدة للمواطنين من شقق سكنية التي احتضنت أعداد كبيرة من سكان هذه المناطق الذين انضموا إلى وطنهم الأم روسيا.
وبعد مضي عام على هذه العودة قطعت روسيا شوطا كبيرا نحو إدماج هذه المناطق الجديدة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الروسية بالرغم من إنها لم تحكم السيطرة الكاملة على كامل أراضي هذه المناطق حتى الآن حيث لا تزال مساحات فيها محورا لمعارك مستمرة بين القوات الروسية والأوكرانية.
ومن الواضح إذن إن الحياة تحت السيادة الروسية بالنسبة إلى مواطني هذه الأقاليم والمناطق قد أعادت إليهم الاعتبار ووضعت حدا لشعورهم بالعزلة حيث كانت السلطة الأوكرانية تعاملهم معاملة قاسية وبكراهية واحتقار وبالعكس من ذلك حصل سكان هذه المناطق على الجنسية الروسية وتحولوا إلى مواطنين روس كاملي الحقوق والواجبات وجلبت روسيا إلى هذه المناطق المزيد من الاستثمار والاستقرار والتقدم بالرغم مما يتعرضون له إلى الآن من هجمات أوكرانية ومع ذلك فإنهم يشعرون بالنخوة والأمان لأول مرة منذ أكثر من ثلاثين سنة منذ تفكك الاتحاد السوفيتي، خاصة بعد أن غادرت القلة القليلة من مواطني أوكرانيا هذه المناطق ولم يعد يقطنها سوى المواطنين من أصل روسي موالين لروسيا والذين يرفضون جملة وتفصيلا الحياة تحت الدولة الأوكرانية.
إن الأوضاع الأمنية لا تزال غير مستقرة بنسبة 100% في هذه المناطق بسبب استمرار الحرب ومع ذلك فإن هذه المناطق تشهد نهضة غير مسبوقة وحركة إنشاءات ضخمة تجرى ليل نهار وحركة إنشاءات كبيرة وإن الاستثمارات الروسية تتدفق على هذه المناطق والتجارة تنشط ودور الثقافة تعود إلى العمل ومن الواضح أن العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا تؤمن إلى حد كبير الاستقرار الذي يعد أساسا لكل شيء تقريبا ولكن من الواضح أيضا أن هذه الحرب لن تستمر طويلا مهما حاولت القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا لأن مثل هذه الهزيمة لن تتحقق مطلقا مثل استحالة عودة المناطق الأربعة إلى أوكرانيا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك