غالبا ما ينظر إلى العلاقات بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، من الزاويتين السياسية والإعلامية بأنها تعبر عن حالة متقدمة تجسد مستوى متطور من النضج والسمو والرفعة تتجاوز الأعراف والأطر الدبلوماسية.
فهي علاقات متفردة ومتميزة وضاربة جذورها في عمق التاريخ، تتداخل فيها الروابط الاجتماعية، وتتداخل فيها المصالح الاقتصادية والتفاهمات والرؤى السياسية، وتزيدها التحديات الاستراتيجية، الإقليمية والدولية تأصلا وتشابكا وتناميا. ويمنحها الجوار الجغرافي بيئة خصبة على الثبات والتجذر، حتى إنها أضحت نموذجا لما ينبغي أن تكون عليه العلاقات الثنائية بين الأشقاء.
ويتم النظر إلى التنسيق والتقارب في المواقف السياسية للمملكتين عبر التاريخ، وإزاء مختلف القضايا والانشغالات الوطنية والإقليمية والدولية باعتباره انعكاسا صادقا لذلك المستوى المزدهر من التكامل والتوحد، وبما ينعكس إيجاباً على شعبيهما الشقيقين وشعوب دول الجزيرة والخليج العربي والشعوب العربية عموما.
واليوم أضافت الدماء الزكية لشهداء وجرحى قوة دفاع البحرين البررة الذين قدموا أرواحهم فداء للواجب الديني والوطني والخليجي والعربي والإنساني المقدس عنصرا جديدا يرسخ وحدة المصير بين المملكتين الشقيقتين، فقد سقت دماؤهم الزكية الحد الجنوبي للمملكة العربية السعودية وهم يؤدون واجبهم في عمليات إعادة الأمل، مؤكدة أن قوة دفاع البحرين مثلما هي سور البحرين وقاعدة أمنها وحامية استقلالها، ودرعها الحصين للذود عن حياضها وحماية منجزاتها الحضارية الكبيرة وإنها الراعي الأمين لخيارات الشعب، والمدافع الشديد عن وحدته وأمنه واستقراره، فإنها أيضا سور الخليج العربي وقاعدته المتقدمة، التي تبدأ من المملكة العربية السعودية الدولة الخليجية الأكبر، وهي مساهم ذو شأن رفيع في تحقيق الأمن والسلام إقليميا وعالميا، عبر المشاركة مع أشقائها في المملكة العربية السعودية في الدفاع عن الحد الجنوبي والتصدي الحازم لإرهاب الحوثيين وانقلابهم على الشرعية في الجمهورية اليمنية. فضلا عن المساهمة مع جيوش دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى في الدفاع عن أمن واستقرار المنطقة. خاصة وأن أي تهديد لحدود المملكة العربية السعودية أو أجوائها أو مياهها هو تهديد لجميع دول الخليج العربي وفي مقدمتها مملكة البحرين التي ترتبط بها بوشائج غاية في الخصوصية والتفرد، فجاءت تضحيات قوة دفاع البحرين لتضيف مزيدا من الوحدة والأصالة والارتقاء في العلاقات الراسخة بين الشعبين والمملكتين، ولتذكر الأجيال القادمة بمعنى خصوصية وسمو العلاقة بينهما. ولتبرز أهميتها خاصة في المجالين الأمني والعسكري، وبكل أبعادهما السوقية والتكتيكية والتسليحية والتدريبية الراهنة في المستقبل، ولما لذلك من أثر كبير في تعزيز تكاملهما في هذه المجالات الحيوية وصولا إلى تحقيق التنمية الأمنية والعسكرية المستدامة التي تضمن لهما درء المخاطر والتحديات التي تواجه كلتا المملكتين وكلا الشعبين الشقيقين. كما أثبت في عام 2011 أبطال القوات المسلحة السعودية ضمن قوات درع الجزيرة استعدادهم للاستشهاد دفاعا عن أمن واستقرار مملكة البحرين وعززوا ذات المفاهيم. وقد كانت ولم تزل قيادتا الدولتين الشقيقتين تدركان أهمية وخصوصية علاقتهما الثنائية، وفي ذلك يؤكد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء «أن الارتباط التاريخي بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية الشقيقة مثل محوراً مهماً ارتكزت عليه طبيعة علاقات البلدين التي أضحت نموذجاً متميزا للعلاقات العربية – العربية، تتجدد خلالها رغبات التطوير وآفاقه المختلفة بثوابت وأسس راسخة يتجلى فيها الانعكاس الحقيقي للتقارب بين المملكتين الشقيقتين قيادة وشعباً».
وختاما نتقدم إلى مقام جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم والقائد الأعلى لقوة دفاع البحرين حفظه الله، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء نائب القائد الأعلى لقوة دفاع البحرين رعاه الله، وإلى قوة دفاع البحرين قيادة وضباطا وجنودا ومنتسبين، وإلى أسر الشهداء وذويهم وعموم شعب البحرين بخالص العزاء والمواساة سائلين الله جل في علاه أن يتغمدهم بواسع رحمته وأن يسكنهم فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين والشهداء وأن يلهم أهلهم وذويهم جميل الصبر والسلوان، وأن يشافي الجرحى ويمن عليهم بتمام الصحة وكمال العافية، مجددين عهد الولاء والوفاء للقيادة والشعب، وإننا جميعا سائرون على نهج الشهداء الأبرار كل من موقعه في الدفاع عن الوطن والتضحية في سبيل المبادئ وأداء الواجب. اللهم احفظ البحرين قيادة وشعبا ووطنا.
{ أكاديمي وخبير اقتصادي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك