حسنا فعلت جمعية الريادة الشبابية حينما نظمت بالتعاون مع بنك البركة الإسلامي سلسلة ورش عمل لتنمية المهارات المالية للشباب، بغية تعزيز وعيهم المالي ومساعدتهم على إدارة شؤونهم المالية الشخصية بشكل فعال. وذلك في أواخر شهر أغسطس 2030. ولأهمية موضوع الوعي المالي ولارتباطه بعدد من المفاهيم والابتكارات المالية المؤثرة في النشاطات الاقتصادية للأفراد والمؤسسات، فإننا في هذا المقال نسلط الضوء على علاقة الوعي المالي بالذكاء المال وريادة الأعمال، بدءا من تعريف الوعي المالي الذي يتألف من مصطلحين هما الوعي، والمال، ويقصد بالأول (الوعي) جملة المفاهيم والأفكار والاتجاهات والقناعات التي يحملها الأفراد والتي تتشكل لديهم بواسطة مؤثرات ثقافية واجتماعية وسياسية واقتصادية متعددة، وتجعلهم يتفاعلون مع قضايا وانشغالات المجتمع بأساليب وأنماط مختلفة. أما المصطلح الثاني فهو المال، وبالتالي فإن مصطلح الوعي المالي يعني القدرة على صنع قرارات مالية فعالة والإلمام الكافي بالقضايا والتحديات التي تخص إدارة المال والثروة. وعليه فإن الوعي المالي يعزز نمو الذكاء المالي ويرسخ الاستدامة المالية لدى الأفراد. حيث يعرف الذكاء المالي بأنه هو القدرة على كسب المال، وتحقيق الثراء، والقدرة الفائقة على الموازنة بين النفقات والإيرادات، وفهم كيفية استخدام الأموال. كما يتضمن الذكاء المالي القدرة على تحليل الأرقام بعمق أكبر. ولاريب أن كل الناس ترغب في الحصول على المال، ولكنها لا تعرف ما قواعده وكيفية الوصول إلى الثراء المالي. الجميع يطلب.. الجميع يتمنى، ولكن قلة قليلة فقط هي التي تحصل على ما تتمناه. فما السر وراء هذه الفئة؟ إنهم (الذين يمتلكون ملكة الذكاء المالي) والذكاء المالي على عدة أقسام منها: كسب المزيد من المال حيث إن عملية كسب المال هي التي تجعل الناس أثرياء وليس المال نفسه، بمعنى كيف تعمل للوصول إلى المال؟ مفتاح كسب المال هو حل المشكلات، لذا ينبغي أن نضع قائمة بالمشكلات التي تمنعنا من الوصول إلى كسب المال، ونبدأ بحلها وتجاوزها واحدة تلو الأخرى .والقسم الثاني هو حماية المال من خلال انفاقه في المجالات التي تحقق المزيد من المال (اختيار أفضل فرص الاستثمار). والثالثة الحرص على وضع ميزانية محكمة للمال من حيث الإنفاق والإيراد، واختيار فرص الاستثمار الأكثر جدوى مالية، بالإضافة الى تحسين معلومات الشباب حول كل ما هو جديد في عالم المال والاستثمار، والقوانين والتشريعات المنظمة لها. وبالشكل الذي يمهد لهم الطريق للدخول إلى عالم ريادة الأعمال وهم مدركون طبيعة مصادر التمويل المتاحة وكلفها واشتراطات جهات التمويل، فضلا عن زرع روح الالتزام بالادخار الذي سيكون مورد لاستثمار جديد. مع الإشارة إلى ضرورة عدم استسهال القروض والسعي إلى التخلص منها أولا بأول، لأن تراكمها يقود إلى ضعف السجل الائتماني. وعموما فإن للذكاء المالي عدة مهارات رئيسية هي: الثقافة والوعي المالي، مهارة توظيف المال لتوليد مزيد من المال، وفهم آليات السوق (العرض والطلب) والقدرة على التعامل معها. ومتابعة التطورات في قطاع الخدمات والأسواق المالية، والإيمان بأن الادخار بوابة الاستثمار وتعظيم الثروة، وغيرها من المهارات. وقبل أن نغادر هذه الفقرة لابد من تأكيد أن التطورات التقنية والمالية المعاصرة عززت من أهمية الوعي والذكاء المالي لتحقيق الاستدامة المالية وتمكين رواد الأعمال من تجاوز تحدي التمويل التقليدي من القطاع المصرفي، إذ إنها وفرت آفاقا جديدة للتمويل الرخيص والسريع من خلال شركات التكنولوجيا المالية، والتمويل الجماعي والتمويل الاخضر، والتمويل برأس المال الجريء، وغيرها من مصادر التمويل. كما نجم عن الذكاء الاصطناعي دفعا جديدا للأذكياء ماليا نحو مزيد من تعظيم الأرباح من خلال فتح أبواب جديدة للاستثمار، فقد وفر حلولا لإبداعات السوق والمنتجات الحديثة، إذ إن لديه القدرة على تطوير المنتجات والأسواق ونماذج إدارة الأعمال ومعايير الجودة. وأسهم في تطوير برامج تعزز الأمن المالي في مختلف المجالات التجارية والاستثمارية.
وختاما نقول تمكنت جمعية الريادة الشبابية بنجاح باهر في توسيع مدارك المشاركين في الورشة حول أنجع السياسات والخيارات المالية المتاحة لرواد الأعمال. فلرئيس مجلس إدارتها أطيب التهاني وأسمى التبريكات على حسن اختيار الموضوع وتوقيته، ولبنك البركة الإسلامي خالص التقدير على دعمه للشباب عموما ولرواد الأعمال خصوصا.
{ أكاديمي وخبير اقتصادي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك