العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

محنتان عربيتان وتحديات إعادة الإعمار

بقلم: د. نبيل العسومي

الأربعاء ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

بعد‭ ‬الزلزال‭ ‬المدمر‭ ‬الذي‭ ‬ضرب‭ ‬مدينة‭ ‬أغادير‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬ستينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬وتحديدا‭ ‬عام‭ ‬1960‭ ‬والذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬وقوع‭ ‬خسائر‭ ‬بشرية‭ ‬ومادية‭ ‬ضخمة‭ ‬وخلفت‭ ‬آلاف‭ ‬القتلى‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬حوالي‭ ‬15‭ ‬ألف‭ ‬قتيل‭ ‬و12‭ ‬ألف‭ ‬جريح‭ ‬و35‭ ‬ألف‭ ‬مشرد‭ ‬وخسائر‭ ‬مادية‭ ‬بلغت‭ ‬290‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬ودمرت‭ ‬أجزاء‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المدينة‭ ‬المغربية‭ ‬الواقعة‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭ ‬ما‭ ‬استدعى‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬المدينة‭  ‬وإعمارها‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬دمار‭ ‬استغرق‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭ ‬،‭ ‬تعرضت‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬الشقيقة‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬إلى‭ ‬زلزال‭ ‬آخر‭ ‬مدمر‭ ‬ولكنه‭ ‬ضرب‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬مدينة‭ ‬مراكش‭ ‬وضواحيها‭ ‬وكان‭ ‬مركزه‭ ‬جبال‭ ‬أطلس‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬أقل‭ ‬ضررا‭  ‬لكنه‭ ‬خلف‭ ‬آلاف‭ ‬القتلى‭ ‬والجرحى‭ ‬والآلاف‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬الذين‭ ‬فقدوا‭ ‬مساكنهم‭ ‬وبقوا‭ ‬بلا‭ ‬مأوى‭ ‬وتجمعوا‭ ‬في‭ ‬خيام‭ ‬تم‭ ‬نصبها‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬السرعة‭ ‬لاحتوائهم‭ ‬لحين‭ ‬توفير‭ ‬السكن‭ ‬الآمن‭ ‬لهم‭ ‬أو‭ ‬ترميم‭ ‬المنازل‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتضرر‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الزلزال‭.‬

الخسائر‭ ‬التي‭ ‬تسبب‭ ‬فيها‭ ‬هذا‭ ‬الزلزال‭ ‬تفوق‭ ‬إمكانيات‭ ‬المغرب‭ ‬الشقيق‭ ‬ولذلك‭ ‬سارعت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الشقيقة‭ ‬والدول‭ ‬الصديقة‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الدعم‭ ‬الممكنة‭ ‬والمساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والغذائية‭ ‬الطارئة‭ ‬والمستعجلة‭ ‬وإرسال‭ ‬فرق‭ ‬الإنقاذ‭ ‬مع‭ ‬الكلاب‭ ‬البوليسية‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬ناجين‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬الأنقاض‭  ‬وفرق‭ ‬الإنقاذ‭ ‬والجرافات‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬لإنقاذ‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬إنقاذه‭ ‬ومساعدة‭ ‬المحتاجين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأوقات‭ ‬العصيبة‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬القطر‭ ‬المغربي‭ ‬الشقيق‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التضامن‭ ‬الإنساني‭ ‬رغم‭ ‬الصعوبات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬واجهوها‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬المتضررين‭ ‬بسبب‭ ‬ظروف‭ ‬منطقة‭ ‬جبال‭ ‬الأطلسي‭ ‬والمناطق‭ ‬السكنية‭ ‬النائية‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الدمار‭ ‬الذي‭ ‬تسبب‭ ‬فيه‭ ‬هذا‭ ‬الزلزال‭ ‬كبير‭ ‬والخسائر‭ ‬جسيمة‭ ‬وإعادة‭ ‬البناء‭ ‬باهظة‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬وقتا‭ ‬طويلا‭ ‬وميزانيات‭ ‬كبيرة‭ ‬وإمكانيات‭ ‬مادية‭ ‬ضخمة‭ ‬قد‭ ‬تفوق‭ ‬إمكانيات‭ ‬المغرب،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإننا‭ ‬نعتقد‭ ‬إن‭ ‬المساعدات‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬المستعجلة‭ ‬رغم‭ ‬أهميتها‭ ‬لأنها‭ ‬غير‭ ‬كافية‭ ‬لتجاوز‭ ‬هذه‭ ‬المحنة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وعليه‭ ‬يجب‭ ‬تقديم‭ ‬مساعدات‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الزلزال‭ ‬لإعادة‭ ‬البناء‭ ‬وإصلاح‭ ‬الدمار‭ ‬الذي‭ ‬أصاب‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬وإعادة‭ ‬المواطنين‭ ‬الذين‭ ‬بقوا‭ ‬دون‭ ‬مأوى‭ ‬إلى‭ ‬ديارهم‭ ‬وهذا‭ ‬يتطلب‭ ‬وقتا‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬المغرب‭ ‬حكومة‭ ‬وشعبا‭ ‬بأنه‭ ‬وحيد‭ ‬يواجه‭ ‬هذه‭ ‬المحنة‭ ‬التي‭ ‬ألمت‭ ‬به‭ ‬ذات‭ ‬ليلة‭ ‬والناس‭ ‬نيام‭ ‬في‭ ‬منازلهم‭ ‬وفجأة‭ ‬وجدوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مأوى‭ ‬في‭ ‬العراء‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أيضا‭ ‬إن‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬الزلزال‭ ‬أسباب‭ ‬عديدة‭ ‬منها‭ ‬جيولوجية‭ ‬ترتبط‭ ‬بتكوين‭ ‬الأرض‭ ‬وتضاريسها‭ ‬وتغير‭ ‬المناخ‭ ‬ومنها‭ ‬أسباب‭ ‬سياسية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بمصالح‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬لامتلاك‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إقدامها‭ ‬على‭ ‬عمل‭ ‬التجارب‭ ‬النووية‭ ‬تحت‭ ‬سطح‭ ‬البحار‭ ‬وما‭ ‬يسببه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬كوارث‭ ‬ومصائب‭ ‬للبشرية‭ ‬جمعاء‭.‬

أما‭ ‬الشقيقة‭ ‬ليبيا‭ ‬فقد‭ ‬تعرضت‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬لموجة‭ ‬فيضانات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬راح‭ ‬ضحيتها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬11‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬حسب‭ ‬بعض‭ ‬التقديرات‭ ‬وأصبحت‭ ‬مدينة‭ ‬درنة‭ ‬أكثر‭ ‬المناطق‭ ‬تأثرا‭ ‬بالفيضانات‭ ‬مدينة‭ ‬منكوبة‭ ‬يعمها‭ ‬الدمار‭ ‬والخراب‭ ‬واختفت‭ ‬ملامح‭ ‬المدينة‭ ‬بسبب‭ ‬إعصار‭ ‬‮«‬دانيال‮»‬‭.‬

ومثلما‭ ‬قدمت‭ ‬الدول‭ ‬الدعم‭ ‬والمساعدة‭ ‬للمغرب‭ ‬فقد‭ ‬قامت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬بتقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬لليبيا‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية‭.‬

دعواتنا‭ ‬إلى‭ ‬الشقيقتين‭ ‬المغرب‭ ‬وليبيا‭ ‬بتجاوز‭ ‬تداعيات‭ ‬هاتين‭ ‬الكارثتين‭ ‬المأساويتين‭ ‬اللتين‭ ‬حلتا‭ ‬بهما‭ ‬وإصلاح‭ ‬الأضرار‭ ‬والخراب‭ ‬اللذين‭ ‬خلفهما‭ ‬الزلزال‭ ‬والفيضان‭ ‬في‭ ‬أسرع‭ ‬وقت‭ ‬ممكن‭ ‬لتعود‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬طبيعتها‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬والقرى‭ ‬المنكوبة‭ ‬وأن‭ ‬يتغمد‭ ‬الله‭ ‬الضحايا‭ ‬بواسع‭ ‬رحمته‭ ‬وأن‭ ‬يلهم‭ ‬أهلهم‭ ‬وذويهم‭ ‬الصبر‭ ‬والسلوان‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا