ربما شاهد الجميع صورا غريبة لجثثٍ صغيرة ليست لبشر، أو لجسم إنسان، وعُرضت هذه المجسمات المجهولة أمام رجال السياسة والتشريع في الكونجرس المكسيكي في 13 سبتمبر 2023 أثناء جلسة الاستماع الخاصة في قبة البرلمان المكسيكي حول الكائنات والأجسام الفضائية المجهولة والغريبة.
هذه الجثث المحنطة أحضرها رجل مكسيكي اسمه جايمي مايسان (Jamie Maussan) يعمل في مجال الإعلام، ويبحث في أسرار الكائنات الفضائية الخارجة عن كوكبنا، ويدَّعي أن هذه المحنطات التي أحضرها من مدينة كيسكو (Cusco) في دولة بيرو، عمرها يتراوح بين 700 إلى 1800 عام، وهي لكائنات فضائية غير بشرية وتسكن خارج حدود الكرة الأرضية.
وعند التدقيق في صور الجثتين المحنطتين وجدتُ أن لكلٍ منهما ثلاثة أصابع في كل يد، ورأسا مدببا طويلا، وعينين جاحظتين. وفي الحقيقة فإن هذه الصور أرجعت بذاكرتي إلى الوراء في الثمانينيات من القرن المنصرم عندما عَرضتْ هوليود فيلمها المشهور «إي تي»(E.T.)، الذي يحكي قصة مخلوق فضائي ينزل على الأرض، ويسكن في بيت أحد الأمريكيين. وهذا المخلوق الفضائي «إي تي» يشبه إلى حدٍ كبير هيئة وشكل هاتين الجثتين في المكسيك.
وقال هذا الرجل المكسيكي الذي أحضر الجثتين، حسب ما هو منشور في صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية في 14 سبتمبر 2023: «هذه هي المرة الأولى التي تُعرض فيها الكائنات الفضائية بهذا الشكل، فهذا عرض واضح بأننا نتعامل مع عينات غير بشرية ليست لها علاقة بأي نوع في عالمنا»، وأضاف قائلاً: «نحن لسنا وحدنا».
فهذه الصور علَّقت عليها رسمياً بعض دول العالم، مثل الصين والولايات المتحدة الأمريكية. فأما الصين فقد جاء رد الفعل سريعاً من «مؤسسة علوم الفضاء والتكنولوجيا» (Aerospace Science and Technology Corp) في 14 سبتمبر 2023، حسب المنشور في صحيفة «يوميات الصين» (China Daily)، حيث أعلنت هذه المؤسسة الرسمية المعنية بالفضاء قائلة: «حتى الآن، لم نجد أية أدلة دامغة حول وجود الكائنات الغريبة أثناء أنشطتنا الفضائية».
وأما في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد تزامن نشر صور الجثتين مع نشر التقرير المستقل من «الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء» (ناسا) في 14 سبتمبر 2023 تحت عنوان: «تقرير ناسا حول الظاهرة المجهولة الهوية» (unidentified anomalous phenomena, UAP).
ففي يونيو 2022 اعتمدت ناسا برنامجاً علمياً يهدف إلى سبر غور هذه المظاهر المجهولة والأجسام السماوية، والبحث فيها بمنهجٍ علمي دقيق وأدوات علمية موثوقة، وخاصة بعد أن انتقلت بعض صلاحيات دراسة هذه المظاهر من وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات السرية إلى ناسا، حيث شكلتْ في أكتوبر 2022 فريق عملٍ مكونا من 16 عالماً من مختلف التخصصات والعلوم. وقدَّمت ناساً تعريفاً لهذه المظاهر التي تعتزم دراستها بعمق، وهو: «مشاهدة أحْداث في السماء لا يمكن تحديدها وتفسيرها، كطائرات أو مظاهر طبيعية معروفة حسب الرأي العلمي».
وبعد أن انتهى الفريق العلمي المستقل من إعداد التقرير، قامت ناسا بنشره في 14 سبتمبر 2023، ونظمت مؤتمراً صحفياً في العاصمة واشنطن دي سي، عرضت فيه أهم الاستنتاجات التي تمخضت عن الدراسة. وفي هذا المؤتمر جاء الرد المباشر من الولايات المتحدة الأمريكية على صور الجثتين من المكسيك، حيث قال رئيس الفريق «من المهم توضيحه بناءً على النتائج الحالية بأننا لم نجد أية أدلة تفيد بأن المظاهر المجهولة والغريبة مصدرها كائنات ومخلوقات فضائية خارج حدود كوكبنا»، كما أضاف قائلاً: «تركيزنا سيكون على فهم الظاهرة بغض النظر عن مصدرها».
كذلك توصل التقرير إلى عدة استنتاجات منها بأنه: «لا يوجد دليل بأن هذه الظواهر الفضائية المجهولة مصدرها من خارج كوكبنا، وأن هناك بعض المظاهر التي لا يمكن تفسيرها حتى الآن»، كما استنتج التقرير بأنه: «في الآونة الأخيرة، أفاد العديد من الشهود الموثوقين، وغالباً ما يكونون طيارين عسكريين، أنهم شاهدواً أجساماً لم يتعرفوا عليها فوق المجال الجوي الأمريكي، ومعظم هذه الأجسام تم التعرف عليها، باستثناء القليل منها التي لا يمكن فوراً تحديد هويتها كأجسام من صنع الإنسان أو مظاهر طبيعية»، ولذلك أوصت الدراسة بأن: «هناك حاجة إلى إجراء أبحاث علمية لسبر غور هذه المظاهر»، واختتم التقرير بهذه العبارة: «الدعوات غير العادية تحتاج إلى أدلة غير عادية».
وأما مدير ناسا بيل نيلسون فقد قال إن: «ناسا ستبحث عن المجهول في الهواء والفضاء»، «وهناك الكثير للتعلم». كما تساءل مدير ناسا قائلاً: «هل أعتقدُ أن هناك حياة في كون شاسع لدرجة أنه من الصعب علي فهم حجمه؟ جوابي الشخصي هو: «نعم». كذلك قال بيل نيلسون: «نريد تحويل الحديث حول هذه المظاهر المجهولة من الإثارة إلى العلم»، حيث أعلن تعيين مدير في ناسا للبرنامج الاستكشافي البحثي الجديد الذي يحمل مسمى: «البحث عن كائنات فضائية خارجية ذكية» (The Search for Extraterrestrial Intelligence). كما أكد في الوقت نفسه أن التعامل مع هذه الظواهر المجهولة لن يكون أمنياً فحسب، وإنما يتبع المنهج العلمي المستند على الموضوعية، والاستقلالية، والشفافية، والأدوات العلمية الموثقة، ويكون الشعب الأمريكي والعالم أجمع على علم بكل أبحاثنا والنتائج التي نحصل عليها.
وخلاصة القول فإن البحث في هذه المظاهر السماوية والفضائية المجهولة الهوية، وغير المعروفة، وغير المحددة مازال في مهده، ويحتاج إلى سنوات طويلة لمعرفة أسراره وخفاياه.
bncftpw@batelco.com.bh
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك