اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
من أجل أجيال سوية
يتساءل أحدهم: «ماذا لو أن الطفل الذي تنمرت عليه في المدرسة نشأ وتبين أنه الجراح الوحيد الذي يمكنه أن ينقذ حياتك؟
سؤال جميل ووجيه، يكشف عن الوجه الأملح القبيح لهذه الظاهرة التي باتت تمثل خطرا جسيما يهدد الحياة النفسية والمجتمعية للبشر حول العالم، قد تصل عواقبها إلي الموت انتحارا، وهذا ما نشهده بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة بعد أن تصدرت قوائم الظواهر الاجتماعية الأكثر انتشارا حول العالم.
كم آلمني بشدة بل ووجعني حديث إحدى الأمهات التي رزقها الخالق سبحانه وتعالى بطفلة مريضة بالسكري، وذلك حين راحت تعبر لي عن معاناة ابنتها في المدرسة من التنمر عليها بسبب مرضها، ولكنها وبدعم الإدارة والأهل واجهت وصمدت وواصلت وتفوقت، الأمر الذي يؤكد أن التنمر قد يدمر حياة إنسان بالفعل، ولكنه يصنعها في كثير من الأحيان!
مؤخرا اقترحت سلطات مدينة كوماموتو اليابانية وفي إطار مكافحة التغيب والتنمر في المدارس إرسال الروبوتات إلى المدارس بدلا من التلاميذ، والتي يتحكم فيها التلاميذ وذلك على خلفية قلق سلطات البلاد من زيادة غياب التلاميذ عن المدارس بسبب التنمر والإذلال من قبل أقرانهم.
المتحدث باسم سلطات المدينة قال إن التواصل مع الروبوتات ليس حقيقيا تماما ولكن قد يعطي شعورا محددا واقعيا للأطفال الذين لا يثقون ويخافون من التفاعل مع الآخرين، معربا عن أمله في أن يساعد هذا الاقتراح التلاميذ في التغلب علي مخاوفهم، خاصة بعد أن وصل عدد الطلاب المتغيبين عن المدارس الابتدائية والثانوية إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عام 2021، حيث بلغ أكثر من 244,940.
ووفقا لهذا الاقتراح (الذي أراه شخصيا غريبا وعجيبا بل وغير منطقي بالمرة) سيتم في بداية شهر نوفمبر العام الجاري إرسال روبوتات ذاتية الحركة لا يزيد ارتفاعها على متر، يتحكم فيها التلاميذ عن بعد، ويمكنها التحرك في جميع الاتجاهات بسهولة من فصل إلى آخر.
عند الحديث عن ظاهرة التنمر يتبادر إلى ذهني دائما تساؤل ألا وهو:
هل يمكن أن يشفي أحد نفسه عن طريق إصابة شخص آخر؟
لتأتي الإجابة بنعم، لأنني ببساطة أجد البعض يمارسه بسبب طبيعته وليس لسبب في المتنمر عليه، وهذا ما لفت إليه أحد الفلاسفة حين قال إن التنمر يقوم به الأشخاص الذين ليس لديهم ثقة بأنفسهم عل الإطلاق، بل هم غالبا يكونون كارهين لذاتهم، لذلك أنصح أي إنسان يتعرض له بألا يدع كلمات المتنمر تؤثر فيه، لأنه هو الذي يحتاج الثقة، وليس أنت!
يقول سيدنا علي رضي الله عنه:
«الحدة ضرب من الجنون.. لأن صاحبها يندم.. فإن لم يندم.. فجنونه مستحكم»!
وحين تصل الحدة إلى حد ذبح النفس، علينا أن نتكاتف جميعا بدءا من المنزل ومرورا بالمدرسة ووصولا إلى المجتمع لنغرس في نفوس أبنائنا شعار «لا للتنمر.. لا للاستسلام له.. لا للصمت عنه»!
وذلك من أجل خلق أجيال سوية!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك