إنه ذو النورين، عثمان بن عفان (رضي الله عنه) الذي اشتهر بين المسلمين لمَّا زوجه رسول الله من بنتين من بناته، فَلُقِّبَ بذي النورين، وربما لأنه جمع المسلمين على تلاوة واحدة، فمنع بذلك وحدة الأمة من التفرق، وكان ذلك عملا جليلا يُحسب له رضي الله عنه.
واشتهر رضي الله عنه بين الصحابة رضوان الله تعالى عليهم بأنه المسارع دائمًا إلى تحقيق أمنيات رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فكان رسول الله (عليه الصلاة والسلام) حين يتمنى أمرًا، أو أمنية كان أول من يسارع إلى تحقيقها هو عثمان بن عفان (رضي الله تعالى عنه) ليس هذا فحسب، ولًا ينتظر رضي الله عنه إفصاح الرسول الأعظم (صلى الله عليه وسلم)، بل نراه يتلمس محبوبات رسول الله ، وأمنياته صلى الله عليه وسلم، فيسارع إلى تلبيتها وتحقيقها على أرض الواقع، فلا يجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما يكافئوه عليها إلا أن يرفع أكفه إلى السماء ويدعو له، ثم يبالغ في الدعاء له، فيسمع المسلمون الرسول يقول: [اللهم ارض عن عثمان فإني راضٍ عنه (يقولها ثلاثًا)، ثم يختم دعاءه بقوله: ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم!.
ومن الأمنيات التي حققها سيدنا عثمان لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه كانت هناك عين يستقي المسلمون الماء منها، وكان يملكها يهودي، فقال. رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «من يشتري بئر رومة فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة، فاشتراها من صلب ماله ثم جعل دلوه فيها مع دلاء المسلمين» الألباني / إرواء الغليل / الحديث حسن.
ولما احتاج رسول الله (صلى الله وسلم عليه) إلى المال لتجهيز جيش العسرة نشط سيدنا عثمان دون أدنى تباطؤ إلى بذل ماله، ودعا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) له، وبالغ في الدعاء. أمنية ثالثة تمناها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين ضاق المسجد بالمصلين، قال صلى الله عليه وسلم: «هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم من يشتري بقعة فلان فيزيدها في المسجد بخير له منها في الجنة، فاشتريتها من صلب مالي فزدتها في المسجد» الألباني / الحديث إرواء الغليل / الحديث حسن.
أما ما يثيره بعض الحاقدين على سيدنا عثمان (رضي الله عنه) في أنه كان يعطي الأعطيات ويبالغ فيها، فقد رد عليهم أنه كان يصل أقرباءه من أمواله الخاصة ، وأما في اجتهاداته السياسية، فهذه يجوز فيها الخلاف ولا يطعن في أمانته وصدق إيمانه، وهذه الاجتهادات داخلة ومندرجة في قول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وسلم) في دعائه له رضي الله عنه ولا يسوغ للحاقدين عليه أن يتطاولوا عليه ، ويكيلوا له التهم الباطلة، ويبهتونه هذا البهتان العظيم رضي الله عنه وأرضاه، وحين تعد حسنات سيدنا أبي بكر (رضي الله عنه) يكون إسلام عثمان على يده في رأس هذه الحسنات.
حقًا لقد كان عثمان بن عفان (رضي الله عنه) حسنة من حسنات أبي بكر الصديق (رضوان الله تعالى عنه) لأنه دخل الإسلام علي يديه، ولقد عاهد نفسه منذ أسلم أن يتولى تحقيق أمنيات رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويجده حيث يتمنى أن يجده ليس بالكلام بل بالأفعال.
إنه بهذا الإيمان الوثيق، وبهذه العقيدة الراسخة، وبهذا الحياء الذي لا مثيل له بلغ سيدنا عثمان هذه المنزلة عند الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وسلم) أن تستحي منه الملائكة، وأحرى أن يستحي رسول الله منه كما قال لعائشة أم المؤمنين عندم رأت رسول الله يُعِّدِلْ من هيأته ويستر ساقيه ولَم يفعل هذا مع أبي بكر وعمر، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة، رضي الله عنه!.
هذا هو ذو النورين، عثمان بن عفان، ثالث الخلفاء الراشدين الذي نذر نفسه وماله وكل ما يملك للإسلام، ولرسول الإسلام، وكان يسارع دائمًا إلى الإنفاق في وجوه الخير، ويسعى جاهدًا في تلبية أمنيات الرسول الأعظم (صلى الله عليه وسلم).. هذا هو ذو النورين عثمان بن عفان، وهذه بعض مواقفه الداعمة للإسلام، ولرسول الإسلام وللمسلمين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك