شكل منتدى الشرق الاقتصادي في دورته الثامنة الذي عقد في مدينة فلاديفوستوك الروسية الواقعة في أقصى الشرق الروسي والذي احتضنته جامعة الشرق الأقصى الفيدرالية تحت شعار «على الطريق نحو التعاون والسلام والازدهار» والذي نظمته مؤسسة «روس كونغريس» بمشاركة وكالة «تاس» الروسية بحضور عدد كبير من رجال المال والأعمال من منطقة آسيا والمحيط الهادي ودول الخليج العربي خطوة مهمة في سعي روسيا الاتحادية إلى تعزيز علاقاتها مع دول منطقة آسيا والمحيط الهادي في ظل العقوبات الغربية التي تواجهها روسيا والتي تجاوزت 7000 عقوبة.
الحضور المميز لهذا المنتدى من الضيوف الأجانب أكد الاهتمام الذي توليه دول منطقة آسيا والمحيط الهادي للتعاون مع روسيا الاتحادية مما يؤكد فشل محاولات الغرب لعزل روسيا الاتحادية عن العالم وهو استكمال للمنتديات الأخرى التي نظمتها روسيا في عديد من المدن الروسية مثل منتدى غازان ومنتدى سانت بيترسبورغ اللذين شهدا حضورا أجنبيا كبيرا، فمنتدى الشرق الاقتصادي الذي خصص لبحث التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين روسيا الاتحادية ودول منطقة آسيا والمحيط الهادي في إطار الجهود التي تبذلها روسيا لتطوير منطقة الشرق الأقصى الروسية والاستثمار وكما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمته بالجلسة العامة للمنتدى إن روسيا تسعى إلى تطوير علاقاتها الاقتصادية مع مختلف دول العالم وإن منطقة الشرق الأقصى الروسية أولوية استراتيجية لروسيا باعتبارها جزءا لا يتجزأ من منطقة آسيا والمحيط الهادي موضحا أن حجم التجارة الروسية مع دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ ارتفع بنسبة 13.7% ووصل هذا العام إلى 18,3% وإن روسيا منفتحة لزيادة حجم التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري في منطقة الشرق الأقصى الغنية بثرواتها الطبيعية.
لقد كانت منتدى الشرق الاقتصادي فرصة لبحث الآفاق المستقبلية للشراكة التجارية والاقتصادية والاستثمارية بين روسيا الاتحادية من جهة ودولة منطقة آسيا والمحيط الهادي ومجموعة بريكس من جهة أخرى لمواجهة التحديات التي يواجهها العالم وخصوصا تحديات الأمن الغذائي حيث تعد منطقة آسيا أكثر أمنا لتصدير الحبوب بعيدا عن مخاطر العقوبات خصوصا إن الشرق لا يخضع للعقوبات الغربية حيث أبدت العديد من الدول رغبتها في شراء الحبوب الروسية وخصوصا الصين والهند وغيرهما من الدول التي لا تلتزم بالعقوبات الغربية.
كما إن منطقة الشرق الأقصى غنية بالثروات الطبيعية كما أسلفنا وخصوصا النفط والغاز وهو ما يشجع المستثمرين الأجانب للاستثمار في هذا المجال في ظل التسهيلات التي تقدمها لروسيا للاستفادة من الرأس المال الأجنبي وتوظيفه في تطوير المنطقة.
من اللافت للنظر الحضور الصيني في المنتدى والاتفاقيات التجارية والاقتصادية والاستثمارية بين روسيا الاتحادية والصين التي وقعت على هامش المنتدى والتي تعتبر استمرارا للتعاون الاقتصادي بين البلدين والذي تجاوز هذا العام 120 مليار دولار لفك الارتباط مع الغرب وتشكيل تكتل اقتصادي قوي لتعزيز العلاقة المتميزة بين البلدين سياسيا واقتصاديا لتشكيل عام متعدد الأقطاب بدلا من القطب الواحد الذي يسعى الغرب إلى تكريسه لمواجهة الإشكالات في العلاقات بين الغرب والشرق في ظل التحديات التي يشهدها العالم، حيث تضمنت الاتفاقيات الاقتصادية مساهمة الصين في بناء السكك الحديدية لتحسين البنية التحتية ولتسهيل حركة المرور ونقل البضائع في منطقة الشرق الأقصى الروسي، كما شملت الاتفاقيات الاستفادة من الخبرة الصينية في تصنيع الطاقة وخصوصا النفط والغاز.
زيارة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إلى منطقة الشرق الأقصى الروسية القريبة من كوريا الشمالية ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عزز المخاوف الغربية من إبرام صفقات تسلح بين البلدين مما يشكل تهديدا خطيرا للوضع في شبه القارة الكورية في ظل التوتر القائم بين الصين وتايوان مما ينذر بنشوب نزاع عسكري في المنطقة يهدد الأمن والاستقرار في هذه المنطقة المهمة من العالم.
إذن المنتدى هو بمثابة رسالة جديدة للغرب مفادها إن العالم يتجه نحو التعددية لوضع نهاية لعالم القطب الواحد الذي يصر عليه الغرب هذه الرسالة التي أكدها الحضور الكبير لرجال الأعمال والاقتصاد من منطقة آسيا والمحيط الهادئ وغيرها رغم المحاولات الغربية لإفشال هذا المنتدى ما يؤشر بأن العالم يتجه نحو التعددية القطبية لا محالة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك