المغرب الشقيق أصيب بكارثة طبيعية كبيرة، آلاف الضحايا، قتلى وجرحى، قرى وبلدات تعرضت لدمار كبير، وخسائر مادية بمئات الملايين، إن لم يكن بالمليارات. الشعب المغربي الشقيق بحاجة اليوم إلى تضامن الجميع والوقوف إلى جانبه بمختلف الأشكال، خصوصا بعد انكشاف هول حجم هذه الكارثة. إلى جانب التعاطف المعنوي والوجداني مع المغرب بحاجة إلى حملة دعم كبيرة لنخفف قدر الإمكان من المعاناة وإيواء الذين وجدوا أنفسهم وقد دمرت قراهم وبيوتهم وأرزاقهم. وأن يسهم العرب بإعادة بناء المناطق التي دمرتها الزلازل.
صحيح إن الدول العربية الغنية نشطة في هذا المجال وتتوالى مبادراتها لتقديم المساعدات، وحتى الدول الأقل غنى تقوم بما تستطيع تقديمه، ولكن ربما فيما يتعلق بالتضامن العربي – العربي في مثل هذه الكوارث أو حتى الكوارث الناجمة عن العدوان من أي طرف، هذا التضامن بحاجة أن تتم مأسسته عبر صندوق خاص يطلق عليه «صندوق التكافل العربي» تسهم فيه كل الدول العربية بنسب حسب الناتج المحلي السنوي (أو دخلها السنوي). مهمة هذا الصندوق التصرف بعيدا عن أي بيروقراطية. ويقدم الدعم المادي العاجل من أدوية وأغذية ومستشفيات ميدانية ووسائل للإيواء. أما المسائل المتعلقة بإعادة البناء فهي تخص الدول ومؤسساتها.
ولكن من الآن وحتى ينفذ العرب مثل هذه الأفكار، فإن المغرب يواجه محنة كبرى وبحاجة إلى من يقف إلى جانبه وقفة تضامن شامل. والشعب المغربي بطبعه شعب ودود وسخي ومتضامن مع الشعوب الأخرى وخاصة شقيقه العربي، وله مواقف داعمة بقوة واستمرار مع القضية الفلسطينية، وكل القضايا العربية، ولم يتأخر عن تقديم العون في كل المواقف والأزمات، ولذلك ولغيره من المعطيات ومن منطلقات إنسانية وأخوية، يتطلب الأمر منا نحن العرب جميعا التضامن بقدر ما نستطيع، وباعتباري مواطنا فلسطينيا أتوجه إلى الشعب الفلسطيني، سواء السلطة أو القطاع الخاص عبر الهلال الأحمر الفلسطيني، وبالتنسيق مع الأردن الشقيق لتقديم كل ما نستطيع لتأكيد التضامن الفعلي والميداني مع أشقائنا في المغرب.
لقد كان هذا العام عاما قاسيا على البشرية، بدأت الكوارث من الزلزال الكارثي الذي ضرب تركيا وسوريا في فبراير الماضي مرورا بالحرائق التي اشتعلت في أكثر من بلد، من كندا غربا إلى اليونان شرقا، وقضت على ملايين الكيلومترات المربعة من الأحراش والغابات، عوضا عن الدمار الذي أصاب البيئة الطبيعية، وانتهاء بالفيضانات التي طالت بلدانا عديدة وتركت خلفها الضحايا والدمار وخاصة في الحقول المزروعة. وفي ضوء ذلك نقول إن ما جرى ما هو إلا جرس إنذار كبير لأن جزءا من الكوارث هو صنع أيدينا نحن البشر، لذلك يأتي السؤال، متى ننهي هذا الاستهتار والتراخي بكل ما يتعلق بالبيئة والتغيرات المناخية؟ متى نوقف هذا الجشع الرأسمالي ومن جانب آخر التخلف في كيفية التعاطي مع حماية البيئة؟
الإنسان يتصرف وكأنه ينتحر ويقتل نفسه ويحارب الطبيعة، يتصرف وكأنه غير مهدد بالانقراض مثله مثل أي كائن آخر، فمع كوارث التغير المناخي لن ينجو أحد. وربما على البشرية أن تنهي عادة عقد المؤتمرات التي ما إن تنتهي حتى يدير الجميع ظهره ويمشي، المشكلة في هذه المؤتمرات أن من يدعو إلى عقدها بالأساس هي الجهات والدول الرأسمالية الكبرى المتهمة أكثر من غيرها بارتكاب المعاصي المناخية والبيئية، بالإضافة إلى أن هذه المؤتمرات تحولت إلى بزنس لجهات عدة، من هنا الأمر برمته بحاجة إلى إعادة تنظيم، والأهم الالتزام بما يتم إقراره في هذه المؤتمرات.
نعود إلى أشقائنا المغاربة، لنقول لهم إن كل الشعوب العربية والإسلامية متضامنة معكم قلبا وقالبا وخاصة الشعب الفلسطيني رغم ظروفه الصعبة، ولأن الشعب الفلسطيني يئن ويتألم كل الوقت فإنه يشعر تماما بألمكم ومعاناتكم، وخصوصا في المناطق التي ضربها الزلزال. نشعر بذلك لأن الزلزال الذي ضربنا، لا يزال يضربنا منذ أكثر من مئة عام، دمر قرانا وأحرقها وشردنا. حولنا إلى شعب لاجئ، دمر مجتمعنا واستولى على أرضنا، نحن نعيش الزلازل في كل لحظة لذلك نشعر ونحس بما تشعرون وتحسون من ألم، لذلك نقول إن الفلسطينيين معكم إلى أن ينام القمر كما يقول شاعرنا محمود درويش.
{ كاتب من فلسطين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك