صدر عن الفريق عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني مرسوم بحل قوات الدعم السريع التي تشمل حوالي 40 ألف عنصر بين جنود وضباط وذلك لجعل هذه القوة المتمردة خارج مظلة الشرعية القانونية وبغض النظر عن ما عبر عنه حميدتي رئيس قوات الدعم السريع عن رفض لهذا المرسوم فإنه يمتلك القوة القانونية الشرعية التي أخرجت هذه القوة خارج منظومة القوات المسلحة السودانية وبالتالي تصبح مجرد مليشيات أو عصابات متمردة على السلطة الشرعية وعلى القوات المسلحة السودانية التي يرأسها الفريق البرهان الذي يحظى بشرعية مؤكدة وبدعم معظم دول العالم وهو يخوض معركة كبيرة لتوحيد القوات المسلحة السودانية تحت مظلة واحدة كمقدمة للعمل على إنهاء المرحلة الانتقالية في السودان والتحول إلى نظام دستوري مدني منتخب حيث إن معظم القوى السياسية السودانية ضد هذه الحرب العبثية من ناحية كما أنها ضد ما تقوم به قوات الدعم السريع من أعمال تخريبية ومن المساس بوحدة السودان أرضا وشعبا وضد المساس أيضا بوحدة القوات المسلحة السودانية التي تعد في ظل أوضاع السودانية الحالية صمام الأمان الأساسي لضمان وحدة السودان واستقلاله وسيادته.
السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هل إن هذا المرسوم الذي أصدره البرهان كفيل بإنهاء وجود قوات الدعم السريع أو عودتها تحت مظلة القوات المسلحة السودانية؟.
جميع المؤشرات تؤكد صعوبة حدوث ذلك لأن المسألة تتجاوز قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية والقوى الفاعلة في السودان إلى التدخل الدولي في شؤون هذا البلد العربي الشقيق وتأثيراتها التي باتت تظهر على السطح خاصة وإن هذه الحرب المستمرة منذ عدة أشهر ما زالت مرشحة للاستمرار وتقدر الأمم المتحدة إن أكثر من 10 ملايين سوداني اليوم معرضون للمجاعة بعد تعطل الاقتصاد والإنتاج وارتفاع معدلات التضخم والبطالة وعجز الاقتصاد في الظروف الحالية عن الوفاء باحتياجات الشعب السوداني المنكوب بهذه الحرب كما يجب أن نشير هنا إلى أن الآلاف من السودانيين قد قتلوا أو شردوا من بيوتهم وأن أكثر من ثلاثة ملايين منهم قد لجأوا إلى خارج السودان بحثا عن مكان آمن يعيشون فيه وصورة الوضع قاتمة والصراع معقد وتطور بشكل دراماتيكي لم يعد فيه أي مجال للحلول السلمية خاصة بعد فشل جميع الوساطات التي حاولت الجمع بين الفرقاء للوصول إلى حل سلمي يعيد للسودان الشقيق استقراره وأمن شعبه.
لقد بات اليوم من الصعب تحديد إلى متى ستستمر هذه الأزمة ولا كيف سيتم حلها، خاصة بعد صدور المرسوم الجديد القاضي بحل قوات الدعم السريع فمليشيات الدعم السريع تمتلك من القوة العسكرية والعتاد والأفراد والدعم الخارجي من أطراف عديدة ما يجعلها في موقف التحدي للقوات المسلحة السودانية.
لقد عجزت الأمم المتحدة عن حل هذه المشكلة وعجزت الوساطات الدولية عن الوصول إلى حلول وسطى ترضي جميع الأطراف وتعيد الأمن والاستقرار حتى مجرد التوافق على حل الأزمة الإنسانية بعد نزوح ملايين السودانيين عن ديارهم وبلداتهم وقراهم وأصبحوا في حالة ماسة للسكن والغذاء والرعاية الطبية وتعجز الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عن توفير ما يكفي لشدة احتياجات هؤلاء الذين يعيش الكثير منهم اليوم في العراء، ولذلك فإن هذه الأزمة ببعدها الإنساني والعسكري والاقتصادي مرشحة إلى التفاقم أكثر فأكثر حيث لا توجد أي بوادر قوية أو جادة بما في ذلك من جانب الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومنظمة الأمم المتحدة بالخروج بحل ينهي هذا الصراع الدامي ويأتي بالفرقاء إلى طاولة الحوار للوصول إلى حل ينقذ أكثر من 10 ملايين سوداني يعيشون اليوم في أوضاع مزرية مهددين بالجوع والمرض وحتى العطش.
إن الحل لهذه المعضلة يتمثل في ثلاثة أمور على الأقل:
1- أن تتولى كل من الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة التنسيق فيما بينها لتشكيل فريق للتفاوض مع الفرقاء مباشرة ووضع تصور لحل هذه المشكلة سلميا وعودة كل القوات المسلحة إلى ثكناتها وإصدار عفو عام عن المتورطين في هذه الحرب لفتح باب يشجع الأفراد والضباط في الدعم السريع على العودة إلى صفوف القوات المسلحة السودانية من دون المساس بحقوقهم.
2- أن تجتمع كل القوى السياسية المدنية السودانية حول كلمة واحدة لتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة بالتوافق الوطني لتكون مهمتها الرئيسية تنظيم انتخابات حرة ونزيهة خلال فترة لا تزيد على سنة واحدة.
3- أن تقدم الدول العربية والأفريقية والأمم المتحدة دعما سخيا لإعادة إعمار السودان والمساعدة على حل مشكلة النازحين واللاجئين وإعادتهم إلى ديارهم التي هجروا منها نتيجة لهذه الحرب العبثية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك