لم تتوقف المساعي الإسرائيلية يوما ما عن إحكام القبضة الأمنية وتهويد مدينة القدس المحتلة وخاصة «القدس الشرقية». وها هي الحكومة الإسرائيلية، بزعم تطوير المباني والبنية التحتية في المدينة المقدسة، تصادق بالإجماع على خطتها الجديدة الهادفة -بحسب مراقبين- إلى السيطرة الكاملة على المدينة والعمل على «أسرلة التعليم»، وتنفيذ برامج لإجراء «غسيل دماغ» للطلبة والشباب، وبناء وحدات سكنية استعمارية/«استيطانية» سنويا، وتغيير وجه القدس العربي والإسلامي كاملا.
ولهذه الخطة أثران: مباشر ومستقبلي؛ الأول يتضمن إحداث تغيير في ملامح المدينة مثل هدم المنازل ومصادرة الأراضي، تحت ذريعة أن هذه الإجراءات لصالح المقدسيين، فيما الأثر المستقبلي هو التأثير في قطاع التعليم والثقافة على المدى البعيد، أي «أسرلة التعليم»، في سبيل دعم الرواية الإسرائيلية عبر تدريس المناهج الإسرائيلية التي تجعل «إسرائيل» مقبولة في المنطقة وجزءًا طبيعيًا منها.
ومن الثابت أن الخطة الجديدة ما هي في حقيقتها إلا استكمال للخطط السابقة التي تعلنها حكومات الاحتلال المتعاقبة. فمشروع التهويد لم يتوقف منذ اليوم الأول لاحتلال «زهرة المدائن». لكن يبدو أن سلطات الاحتلال، على قاعدة «دس السم في العسل»، بعد أن استدركت الإهمال الممارس بعنصرية ضد منطقة القدس الشرقية بسبب قلة الموازنات المخصصة لها، وفي محاولة منها لعل وعسى أن ترفع مستوى حياة سكانها من أجل تحييدهم عن المقاومة، سارعت فأقرت تحويل أموال كبيرة تحت ذريعة تطوير شرقي القدس وجعله كغربها.
وهنا تكمن الخطورة الكبرى المتمثلة في «أسرلة الوعي والعقل المقدسي»، والتركيز على تعليم العبرية ودمج الطلبة واعتبار العبرية اللغة الأولى في القدس، فضلا عن ربط الاقتصاد المقدسي بالتبعية الكاملة للاقتصاد الإسرائيلي.
بالمقابل، تستعد الحكومة الإسرائيلية لإقرار خطة «استيطانية» جديدة تحت تسمية «تلبيوت الجديدة» جنوب مدينة القدس الشريف. وبحسب جمعية «عير عميم» اليسارية الإسرائيلية المختصة في شؤون القدس، فإن الخطة تهدف إلى «محاصرة بلدات «بيت صفافا» و«أم طوبا» و«صور باهر» وإغراقها بالمستعمرين/«المستوطنين»، وهي المنطقة الفاصلة بين «القدس» و«بيت لحم».
وبحسب مراقبين فإن «حدود خطة تلبيوت تطول المستوطنات القائمة داخل بلدات جنوب القدس، لربطها بتلك الجاثمة على أراضي السكان المقيمين في جهتها الشرقية، لتشكل حزاماً استيطانياً يلتف حول البلدات المقدسية في المنطقة المستهدفة».
الخطط الإسرائيلية المستهدفة «زهرة المدائن» اليوم هي الأكبر من نظيراتها السابقة، ما يعني الرغبة الإسرائيلية في حسم الصراع على تهويد القدس وأسرلتها. ومن المؤكد أن نجاح خطط الاحتلال التهويدية على المديين المتوسط والبعيد سيفرض أمرا واقعا في القدس يحولها كما المدن المختلطة في فلسطين المحتلة 48.
وفي هذا السياق فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته المتطرفة على رأسهم وزير المالية المتطرف (بتسلئيل سموتريتش) لا يخفون «سعيهم» لتهويد القدس عبر الهجرة القسرية؛ ما يعد مواصلة للحرب على هوية المدينة المقدسة والوجود العربي والمقدسات الإسلامية والمسيحية. فماذا نحن فاعلون كعرب ومسلمين لحماية القدس والمقدسيين؟!! سؤال لطالما طرحناه، وغيرنا كذلك، لكنه بقي بدون جواب!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك