لطالما قامت الحركة الصهيونية، ومن بعدها الدولة الصهيونية، على قاعدتين؛ هما الاستيلاء على الأرض (احتلالها) والتطهير العرقي وفق معادلة: أرض أكبر وسكان أقل! أوليس هذا ما يحدث الآن في الضفة الغربية حيث تركز الدولة الصهيونية جهودها الاحتلالية (للأرض) والإحلالية (للسكان) على منطقة «ج» التي تمثل 61% من أراضي الضفة الغربية)، وكذلك على القدس المحتلة إذ لا تسمح بإقامة أي بناء أو أي فعالية إنتاجية.
وهي، حين يحدث ذلك، تبدأ بالتدمير، وفي الوقت ذاته تؤكد سيطرتها على تلك الأرض بتعميق احتلالها لها ووضع اليد عليها بذرائع مختلفة، ثم تباشر عملية التطهير العرقي التدريجي من خلال هدم البيوت وترحيل السكان أو ترحيل السكان حتى قبل أن يبدأوا بناء البيوت.
وطبعا، كلما لزم، فإن قوات الاحتلال، العسكرية والشرطية والقضائية، هي دائما موجودة وجاهزة لتنفيذ هذه الانتهاكات. وفي السنوات القليلة الماضية لجأت «الدولة الصهيونية» إلى عمليات ظاهرها مناوشات بين المستعمرين/«المستوطنين» (الذين يفسح المجال أمامهم في هذه المناطق) وجوهرها التشجيع على وقوعها مع أهالي القرى والبلدات الفلسطينية المجاورة تمهيدا «لإرهاقهم» و«تهجيجهم» ومن ثم ترحيلهم.
في هذا السياق، الوقائع والأساليب عديدة وواضحة كما الشمس في بلادنا في يوليو. فعندما يقرر جيش الاحتلال على سبيل المثال السماح لمزارعي قرية عانين، الواقعة شمال غرب الضفة الغربية، بفلاحة أراضيهم وقطف الزيتون مرتين في السنة بعد أن كانت مرتين في الأسبوع طوال (21) عاما هي عمر بناء جدار الفصل العنصري في أراضيهم، فلا مجال للتشكيك في نية الاحتلال «تقريف» و«تهجيج» أهل القرية ومن ثم ترحيلهم، ذلك أنه إذا أراد المزارعون الوصول إلى أراضيهم فعليهم السفر 25 كم ذهاباً و25 كم إياباً من بوابة أخرى.
كذلك الأمر في القدس، التي تواصل سلطات الاحتلال توزيع قرارات الهدم لعشرات المنشآت والمنازل في أحيائها.
فمثلا، تفاقمت معاناة أهالي «حي وادي الربابة» ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى في الأسابيع الاخيرة، مع افتتاح سلطات الاحتلال جسرا معلقا يربط «حي الثوري» ببلدة سلوان مع الجهة الشمالية لوقف آل الدجاني الواقعة جنوب غرب سور مدينة القدس التاريخي، مرورا بوادي الربابة، ضمن مشروع «استيطاني» تهويدي ضخم تروج له بلدية القدس المحتلة.
وهذا المشروع هو واحد من 10 مشاريع تستهدف بلدة (سلوان) بحيث يتم تغيير هوية البلدة من خلال البناء «الاستيطاني» وهدم منازل «السلوانيين» المقدسيين والاستيلاء على أراضيهم، وبما يمنع التمدد السكاني الفلسطيني، والانتفاع بالأراضي، ومن ثم تحجيم السكان بمزيد من السيطرة على الأرض.
في الضفة الغربية اليوم، من ضمنها القدس بالطبع، هناك واقع سياسي واحد قوامه الصراع على الأرض، ومن ثم الصراع على الوجود في مواجهة مستمرة مع حركة استعمارية/«استيطانية»/إحلالية صهيونية تسعى حثيثا لاقتلاع الفلسطيني من أرضه وإحلال الغريب (الصهيوني الغازي القادم من شتى بقاع العالم) فيها.
وهذا الواقع هو استمرار لسياسة الفصل العنصري ومحاصرة الوجود الفلسطيني العربي، بدءا من نهب الأرض وهدم البيوت، مرورا بسياسة الإفقار والملاحقة وتشويه الهوية، وانتهاء بتسهيل عمليات القتل.
ويقترن هذا كله بممارسات فاشية وقوانين عنصرية تحاول تكريس يهودية الدولة وهيمنة اليمين الصهيوني المتطرف، وتخليد الاحتلال الإسرائيلي وشرعنة الاستعمار/«الاستيطان الصهيوني».
إذن، هي سياسة الاستعمار والتطهير العرقي الهادفة وفقاً للآلية الإسرائيلية القديمة/الجديدة: «محورها: أرض (يهودية) أكثر» و«عرب أقل»!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك