الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
عن الوعي المجتمعي في هذه القضايا
بالأمس نشرت «أخبار الخليج» مشكورة، وانطلاقا من دورها المهني التنويري، والأخلاقي الوطني، المطالبات التي دعت لها وسائل التواصل الاجتماعي، وعدد من الناشطين والمغردين، بشأن عدم الخوض في تفاصيل مقتل الشاب البحريني، تأكيدا على اعتبارات مجتمعية أصيلة، وذات خصوصية أسرية وإنسانية، لها كل الاحترام والإجلال في المجتمع البحريني.
ودونما الخوض في تفاصيل ما تم تداوله، ومع تمنياتنا بأن يتواصل الوعي المجتمعي الأخلاقي، في عدم التطرق للقضية، حتى حينما تصل إلى السلطة القضائية، فإننا نرجو أن يستمر هذا الوعي المجتمعي الرفيع، في مثل هذه القضايا الحساسة.
كلنا معرضون لا سمح الله لمثل هذه المواقف، والجميع يؤكد على أهمية عدم اقتحام الشأن الأسري.. فللأسرة سياج متين، يحميه الدستور والقانون، وقبلهما الأخلاق والدين.. ثم ماذا سيستفيد الشخص من معرفة التفاصيل الأسرية؟ وكم أعجبتني مواقف وكلمات وعبارات نشرها أشخاص تؤكد على أهمية «ستر المسلم» وعدم التشفي، والهمز واللمز، وإصدار وإطلاق الأحكام، مع ضرورة الحفاظ على خصوصية الأسرة المكلومة وأفرادها، فيكفيهم ما ألمّ لهم، وليسوا بحاجة لمضاعفة جروحهم وآلامهم ومصابهم الجلل.
وقبل أن يسعى أي شخص لنشر وتداول لبعض أخبار وتفاصيل وتكهنات في مثل هذه القضايا الأسرية الحساسة، ليضع نفسه مكان تلك الأسر أو أحد أفرادها، وعن مشاعرهم وأحاسيسهم ونفسياتهم، وحتى على مستقبلهم، فالأطفال والكبار معا بحاجة إلى من يحتضنهم ويخرجهم مما هم فيه، ويعينهم على تجاوز المأساة والمصيبة، وليس إلى من يشيع الأخبار والمعلومات والتفاصيل، أو إلى من يطلق التعليقات «السخيفة» عن حال الأزواج والزوجات بعد تلك الحوادث.
يقول المرحوم غازي القصيبي: ((التخصص الوحيد الذي لا يدرس في الجامعات هو «الأخلاق».. فقد يحمله عامل نظافة.. ويفتقده الدكتور)).. وأغلى ما نملك في مجتمعاتنا الخليجية هو التمسك بالعادات والتقاليد الأخلاقية.. ذلك أن للمجتمعات الخليجية خصوصية في الشأن الأسري، وهناك أمور لا يصح الحديث فيها والجدل معها، ولا يعقل الخوض فيها ولا التندر عليها، ولا حتى كشف سترها والسعي لنشرها، ولربما هذا ما يميز مجتمعاتنا عن غيرها، حيث لا حرمة هناك ولا احترام للخصوصية الأسرية، ولا التفكير في آثار وتداعيات النشر والتداول والتكهن في مثل هذه القضايا والحوادث، على الأبناء والأهل والأسر المكلومة.
وأمام الوعي المجتمعي الإيجابي الحاضر اليوم ينبغي على الجهات الرسمية والمجتمعية ذات العلاقة في شؤون التوعية والتثقيفية، الإعلامية والأسرية وكذلك الإسلامية، أن تستثمر هذا الوعي المجتمعي الإيجابي، للبناء عليه، وتعزيزه وترسيخه، من أجل سلامة المجتمع وحمايته من الإثارة في نشر وتداول الجرائم والقضايا ذات الشأن الأسري.. فللأسرة في المجتمع البحريني مكانة وخصوصية، يجب الحفاظ عليها والتمسك بها.
مع ثقتنا التامة بأن السلطات القانونية والنيابة العامة حريصة كل الحرص على معالجة مثل هذه القضايا في إطار ضيق جدا.. وأعلم شخصيا أن هناك الكثير من القضايا الأسرية التي لا تسمح النيابة العامة مشكورة بنشرها وتداولها، وتعمل على معالجتها وفق منهجية إنسانية متميزة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك