أوضح الفصل الثاني عشر المعنون «برنامج تنمية القدرات البشرية في المملكة العربية السعودية» من الكتاب الموسوم «لا شيء مستحيل»، «ملامح من منجزات الاصلاح والتنمية المستدامة في المرحلة الاولى لرؤية المملكة العربية السعودية 2030» استراتيجية المملكة لتنمية القدرات البشرية المواطنة، وتعزيز جاهزية الشباب لدخول سوق العمل المستقبلي، بقدرات وطموح يجعله منافسا قويا على الصعيد العالمي، وذلك من خلال: تعزيز القيم، وتطوير المهارات الأساسية، ومهارات المستقبل، وتنمية المعرفة. لذا فقد حرصت المملكة على صياغة البرنامج بحيث يكون شاملا ونوعيًّا وطموحًا، لأجل ان يكون ركيزة أساسية لتطوير التعليم من رياض الأطفال حتى الجامعات، لا بل التعليم والتعلم طوال حياة الأفراد، وتسخير إمكانات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع ككل لتجويد التعليم والارتقاء به، وتكثيف الإنتاج البحثي النوعي، ودعم الباحثين والمبتكرين لخدمة الوطن والمجتمع، وتوجيهم نحو المهارات الأساسية والمستقبلية بما يواكب ان لم يسبق متغيرات سوق العمل، عبر تنمية قدراتهم وتأهيلهم للمنافسة عالميا. كما أن دخول الذكاء الاصطناعي طرفا في التحولات الحالية للاقتصادات العالمية فرض ضرورة وجود مهارات فائقة للحصول على فرص عمل مميزة، فجاء برنامج تنمية القدرات البشرية ليسهم بدور فاعل في تحقيق ذلك. وهو تعبير صادق عن إدراك قيادة المملكة العربية السعودية أهمية الاستثمار في المواطن وزرع الثقة فيه وتمكينه من المنافسة بدءا من المنافسة مع الموارد البشرية الوافدة إلى المملكة التي تهيمن على سوق العمل، وصولا إلى توفير مستلزمات تمكينه من المنافسة العالمية وخاصة ان العالم يشهد تنافسا عاليا لجذب الموارد البشرية المميزة بمهاراتها الفائقة.
ولم تركز رؤية المملكة على النهوض بحاضر المملكة فحسب، بل سعت إلى استشراف المستقبل والتهيؤ المبكر له، وهذا ما سلط الكتاب الضوء عليه في الفصل الثالث عشر الموسوم «آفاق التقنيات المستقبلية للمملكة العربية السعودية»، ولا سيما ان استشراف المستقبل يعد ضرورة قصوى ومطلبا مُلحّا للدول والمؤسسات التي تواجه تحديات تنموية واستراتيجية، فهو يسهم بفاعلية في وضع الحلول لمشكلات المستقبل بكلفة اليوم التي هي أقل كلفة من المستقبل. كما يعد إحدى أهم أدوات التقدم والتطور في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فضلا عن التقنية وغيرها من فروع العلوم، فهو يحجم عنصر المفاجأة من ناحية، ومن ناحية أخرى يتيح للدول والمجتمعات مواكبة التحولات الكبيرة والعميقة التي يشهدها مستقبل الإنسانية بفضل تسارع التقدم التقني في مجالات المعرفة والذكاء الاصطناعي وأنظمة الروبوت، والطاقة البديلة والهندسة الجينية وهندسة النانو وغيرها.
ولأجل أن تجد رؤية المملكة العربية السعودية 2030 طريقها للتنفيذ السلس، لا بد ان يتوافر لها التمويل الملائم وفي الوقت المناسب، وهذا ما ركزت عليه الرؤية في برنامج إصلاح القطاع المالي الذي تناوله الكتاب بالتحليل في الفصل الرابع عشر الموسوم «سياسات تطوير القطاع المالي في المملكة العربية السعودية»، وخاصة ان القطاع المالي والمصرفي في المملكة العربية السعودية يعد واحدا من أكثر القطاعات الاقتصادية أهمية بعد قطاع النفط، ومن اشدها ارتباطا بجميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، لذا فقد اولته رؤية المملكة 2030 اهمية بالغة، وقد بادرت قيادة المملكة بشكل مبكر في إطلاق برنامج الاستدامة المالية بنهاية عام 2016 باسم برنامج تحقيق التوازن المالي، لأجل السيطرة على العجز في الميزانية العامة، وتعزيز وتنمية الايرادات العامة، ورفع كفاءة الانفاق الحكومي، وتطوير التعاملات المالية الحكومية وأتمتة اوامر الدفع عبر منصة اعتماد. وقد نجم عن البرنامج تأسيس منظومة وأدوات مالية قادرة على التأثير والتفاعل الإيجابي مع المتغيرات والتحولات المالية والاقتصادية لتحقيق إصلاحات هيكلية تواكب متطلبات مرحلة التحول. كما أسهم البرنامج في تعزيز الضبط المالي وتطوير المالية العامة من خلال إنشاء عدة هيئات، مثل (هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية، والمركز الوطني لإدارة الدين، ومركز تنمية الإيرادات غير النفطية).
وأصدرت عام 2017 برنامج تطوير القطاع المالي بما يدعم تنمية الاقتصاد الوطني ويسهم في تحقيق أهداف البرامج الاخرى للرؤية، فضلا عن تنويع مصادر الدخل، وتحفيز الادخار والتمويل والاستثمار، عبر اعتماد عدد من البرامج الهادفة إلى تطوير مؤسسات وشركات القطاع المالي، وتفعيل وتطوير السوق المالية مع الحرص الشديد على الحفاظ على استقرار ومتانة القطاع المالي. وتندرج تحت مظلة برنامج تطوير القطاع المالي عدة قطاعات فرعية مثل البنوك والتأمين والاستثمار وأسواق الأسهم والدين.
{ أكاديمي وخبير اقتصادي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك