أعلن رئيس الكنيست الإسرائيلي يوم الإثنين 24 يوليو 2023م أن البرلمان (الكنيست) أقر مشروع القانون الذي اقترحته حكومة رئيس الوزراء نتنياهو لتقييد بعض صلاحيات المحكمة العليا واستهدف قانون حجة المعقولية بالذات، وصوت كل أعضاء الائتلاف الحاكم لصالح القرار 64 صوتا وغادر نواب المعارضة (56 صوتا) الجلسة احتجاجا على القرار.
عقيدة المعقولية تستخدم بشكل شائع من قبل المحاكم لتحديد دستورية أو قانونية تشريع معين، ويسمح للقضاة بالتأكد من أن القرارات التي يتخذها المسؤولون الحكوميون معقولة. في إسرائيل الآن يلغي هذا البند إمكانية نظر المحكمة العليا في معقولية قرارات الحكومة، وبموجب القانون الجديد ستصبح الحكومة قادرة على تعيين وفصل المسؤولين في القطاع العام دون تدخل من المحكمة!
المحكمة العليا كانت تمارس رقابة على عمل الأذرع المختلفة للسلطة التنفيذية الممثلة بالحكومة ووزاراتها والهيئات الرسمية التابعة لها، والتعديل الجديد يعطي الحكومة صلاحية أوسع في تعيين القضاة أنفسهم ويؤثر على تعيين الوزراء.
في يناير 2023م صدر قرار من المحكمة العليا بإقالة المسؤول الثاني بالحكومة الإسرائيلية آرييه درعي المدان بالتهرب الضريبي وصاحب السبعة تهم جنائية بعد حكم صادر عن المحكمة العليا وآرييه درعي كان وزيرا للصحة والداخلية وحليفا مخلصا لرئيس الوزراء نتنياهو!
نتنياهو ومعسكره يرون أن التعديلات القضائية تحمي السيادة الشعبية وتمنع التدخل القضائي في الشؤون السياسية، في حين يرى خصومه ومعهم المجتمع الدولي أن التعديلات تضعف دور المحكمة العليا في حماية حقوق المواطنين والأقليات، وشاهدنا معارضة قوية من المنظمات المدنية والأكاديميين والفنانين والمحامين والقضاة والجنود وجنود الاحتياط والخبراء النوويين وأعضاء بارزون في جهاز الموساد ومنتسبي وزارة الخارجية، وعبرت بعض الدول عن قلقها من تأثير التعديلات على سمعة إسرائيل وعلاقاتها مع العالم!
بتهديد نتنياهو بعدم الالتزام بقرار المحكمة إذا ألغت قانون المعقولية يفتح الباب على تدشين مرحلة جديدة من الديكتاتورية وتفشي العنصرية والتغول الاستيطاني، لا بل هو يقود ومعسكره انقلابا على طبيعة الحكم وطبيعة الدولة!
وربما ما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن منذ أيام لهو مجسد صادق على ما ستواجهه هذه الحكومة اليمينية الفاشية العنصرية المتطرفة في الأيام القادمة من غالبية دول العالم بمن فيها الداعمون، لقد قال بثقة وبلا تردد «الحكومة الإسرائيلية تضم بعض الأعضاء الأكثر تطرفا الذين صادفتهم»!
ستستهدف هذه الحكومة المتطرفة فلسطينيي الداخل 1948م، هؤلاء الأبطال الذين أتتهم دولة الاحتلال والعدوان بالمجازر والتهجير وصمدوا وأبدعوا نضالا ويطالبون يوميا بالحقوق المتساوية وحافظوا على هويتهم ويشكلون 22% من عدد السكان، حيث بلغ عددهم مليونين من أصل 9 ملايين كل سكان إسرائيل، ستعمل التشريعات الجديدة على خلق التمييز والعنصرية بحق أهلنا في كل مناحي الحياة!
ولا شك أن التعديلات الدستورية في حال أقرت بشكل نهائي ستؤثر على الفلسطينيين في الضفة الغربية أيما تأثير، حيث إنها سوف تزيل عن الحكومة كل رقابة أو مساءلة قانونية تتعلق بالممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بحيث تستطيع الحكومة اتخاذ قرارات متعلقة بالضفة الغربية تتضمن انتهاكات لحقوق الإنسان من دون أن تكون هناك إمكانية للجهاز القضائي أو المستشارين القضائيين لمنع هذه الإجراءات.
ستتمكن الحكومة من مصادرة الأراضي الخاصة بالفلسطينيين بهدف الاستيطان أو شرعنة بناء استيطاني على أراضٍ خاصة عبر قانون التسوية الذي يهدف إلى تقنين استيلاء المستوطنين على أراض فلسطينية خاصة وبناء وحدات استيطانية عليها ، وكانت المحكمة العليا قد ألغت هذا القانون في قرار لها عام 2020م واعتبرته غير دستوري.
وسنشهد عربدة من المستوطنين لا سابق لها محروسة بالقانون وبالجيش وسيكون المستوطنون والجيش الذي يحميهم بمنأى عن أي مساءلة لا بل ستشرعن هذه الحكومة قوانين جديدة لصالح الجنود النظاميين وغلاة المستوطنين حال انتهاكهم حقوق الفلسطينيين.
علينا كفلسطينيين العمل على تعرية وفضح هذه الحكومة اليمينية المتطرفة، وستساعدنا حماقات وزراء هذه الحكومة وطيشهم أمثال سموتريتش وبن غفير على كشفهم أمام العالم، وعلى إخواننا العرب مساعدتنا في مساعينا، فالقادم سيكون صعبا وفلسطين وأهلها الصامدون يستحقون كل دعم !
{ كاتب فلسطيني مقيم في مملكة البحرين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك