الكواليس
وفاء جناحي
waffajanahi@gmail.com
«صج» الدنيا غدارة
الدنيا غدارة، كنت اسمع واردد هذه العبارة دون ان اشعر بحقيقتها المرة، حيث انني تحولت من امرأة سعيدة تملك الدنيا كلها إلى امرأة تعيسة فقدت شريك حياتها الذي تحبه في لمح البصر.
دخل زوجي العزيز البيت في موعده اليومي، وأخبرني بأنه سيصعد غرفته يصلي وينزل لتناول الغذاء، وجلست كالعادة انتظره على طاولة الطعام ولكنه تأخر، اناديه لا يجاوبني فصعدت وانا انادي عليه لأتفاجأ بأبشع منظر رأته عيني، حبيبي وزوجي مستلقى على الأرض لا يتحرك، (أزمة قلبية مفاجأة) اخذت مني روحي وسعادتي.
انهرت، بكيت، صرخت لشهور حيث أنني لم أكن استوعب ماذا وكيف ولماذا حدث، بل وحجم خسارتي في شريك حياتي الذي كنا نتجادل في يوم قبل وفاته عن خططنا المستقبلة في شأن البيت والعيال، بل وطريقته في مصالحتي بعد أن رفض رأي في موضوع البيت وكيف جعلني افرح في ثوان بعد أن وعدني بسفرة جميلة بعد شهرين! كل ذلك أصبح في الماضي.
يا إلهي أشعر بأن حياتي كلها انهارت تحت قدمي، اين وماذا سأفعل وحدي وكيف سأتخذ القرارات الحاسمة في حياتي (حيث أنه كان دائما صاحب العقل المدبر والقرارات الصحيحة الحاسمة)، ماذا عن ابنائي وكيف سأتعامل معهم بحزم وقوة كوالدهم فأنا بالنسبة لهم الأم الحنونة الطيوبة والدلوعة، التي لا ترفض لهم طلبا لأن والدهم الحبيب لا يرفض لها طلبا أصلا! من سيدلعني بعد الآن؟ من سيعتني بي؟ وماذا عن أمور البيت التي لا اعرف عنها أي شيء؟ لقد كان زوجي هو عمود البيت القوي، هل بيتي أصبح ضعيفا الآن؟
ابنائي الاثنان متزوجان وبنتي أيضا متزوجة وهم حنونين علي كوالدهم، ولكن الدنيا مشاغل وكل واحد فيهم مسئول عن أسرته لا أستطيع أن أطلب من أي واحد منهم أن يتفرغ ويهتم بي دائما، كما أن زوجي ربانا وعلمنا على ان يكون هو المسئول الأول والأخير عنا جميعا لذلك كنت اشعر كل يوم اصحو فيه من النوم بالضياع والحرمان ولكن أصبحت الآن في موقف يجب أن أكون فيه قوية وبقدر المسئولية فهل سأكون قدها؟
ألم اقل بأنني عرفت المعنى الحقيقي لعبارة (الدنيا غدارة)، فبعد فترة من الزمن وشهور من الحزن والضياع حاولت أن اخرج للحياة واقف على رجل مرة أخرى ولكن الصدمة الأولى كانت ان ابنائي يحاولون ان يسيطروا ويتحكموا في تصرفاتي! وهنا شعرت بأول اختبار من رب العالمين إما أن أكون قوية وأوضح بأنني الأم او ان اضعف واجعلهم يتحكمون في حياتي وانسى أي نوع من الحياة والسعادة، وخصوصا بعد أن عرفنا جميعا أن حبيب القلب زوجي امّن مستقبلي حتى وهو في القبر حيث كتب البيت باسمي واودع مبلغا ماليا في البنك وديعة باسمي ليضمن بأنني لن أحتاج الى أي انسان حتى لو كانوا فلذات قلبي، وكان هذا اعظم واروع هدية قدمها لي بعد مماته، اما عن ثاني صفعة تلقيتها فكانت من احدى زوجات ابنائي التي سمعتها بأذني تحرض زوجها (ابني) علي وتطلب منه ان يقف في وجهي ويطالب بحقه في البيت حيث انه ليس من حق زوجي ان يحرم أبناءه من نصيبهم في البيت (ناسية او متناسية) بأنني امهم وان البيت سيكون لهم بعد مماتي!
وهناك الكثير من التصرفات الغريبة التي تصدر يوميا من الزوجات او بعض الأبناء أحيانا والتي تجعلني اشكر ربي وزوجي يوميا بأنه لم يضع مصيري بين ايدي أي انسان بعد حتى لو كانوا ابنائي، الذين اعشقهم واعلم بأنهم يعشقونني ويحترمونني ولكنها الطبيعة البشرية والزمن الغدار الذي ليس له امان.
هذه حكاية إحدى صديقاتي روتها لي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك