سلط الفصل التمهيدي من الكتاب الموسوم «لا شيء مستحيل.. ملامح من منجزات الإصلاح والتنمية المستدامة في المرحلة الاولى لرؤية المملكة العربية السعودية2030» الضوء على قضايا وانشغالات وفلسفة الاصلاح الاقتصادي التي اعتمدتها الرؤية، بدءا من مفاهيم الإصلاح ومستوياته، والإصلاح الاقتصادي، وأساليبه، وعلاقته بتعظيم الإنتاجية، ثم انتقلنا إلى ماهية ومفهوم الرؤية، لينتقل بعد ذلك إلى رؤية المملكة 2030 والإصلاح الاقتصادي الذي تنشده وعلاقته بالزمن، وسلط الكتاب الضوء على الرؤى المتعددة للزمن، لينتقل بعدها الى تحديد مواصفات مؤسسات الاصلاح الاقتصادي المنشود، ثم بيان جدلية العلاقة بين الاصلاح الاقتصادي والتقدم الاجتماعي والرفاهية وكيف نظرت إليها رؤية المملكة 2030، فضلا عن توضيح العلاقة بين الاصلاح الاقتصادي والاصلاح الإداري، وخاصة ان الاصلاح الاقتصادي لا يمكن ان يحقق اهدافه ان لم يسبقه ويرافقه إصلاح إداري شامل ومناسب، وقد اكدت رؤية المملكة 2030 ذلك، فقد عملت الحكومة السعودية على تطوير الجهاز الإداري للدولة بحيث يشمل جميع المؤسسات الادارية والخدمية والانتاجية، وبما يسهم في الارتقاء بالقدرات التنافسية للاقتصاد الوطني، والارتقاء بجودة الخدمات ورفع كفاءتها، ليكون التميز في الأداء هو أساس تقويم مستوى كفاءة الأجهزة الحكومية. وتمت إعادة هيكلة عدد من الوزارات والأجهزة والمؤسسات والهيئات العامة بما يتوافق مع متطلبات انفاذ الرؤية، ويحقق تطلعاتها في ممارسة أجهزة الدولة مهامها واختصاصاتها على أكمل وجه، وبما يرتقي بمستوى الخدمات المقدمة للمواطن والمقيم وصولاً إلى مستقبل زاهر وتنمية مستدامة. ثم تناول التمهيد بإيجاز قضايا الاصلاح والفساد الاداري والمالي وكيف تعاملت الرؤية معها، انطلاقا من توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة السابعة لمجلس الشورى 1439 – 1440 «إن الفساد بكل أنواعه وأشكاله آفة خطيرة تقوض المجتمعات وتحول دون نهضتها وتنميتها، وقد عزمنا بحول الله وقوته على مواجهته بعدل وحزم لتنعم بلادنا بإذن الله بالنهضة والتنمية التي يرجوها كل مواطن، وفي هذا السياق جاء أمرنا بتشكيل لجنة عليا لقضايا الفساد العام برئاسة سمو ولي العهد ونحمد الله أن هؤلاء قلة قليلة». كما تم تأسيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد «نزاهة» للكشف عن الفساد المالي والإداري في مختلف مفاصل الدولة وقطاعاتها، ومكافحته بمختلف الطرق والاساليب، وقائيا وعلاجيا، وتشريعيا. ثم تطرق التمهيد الى علاقة الاصلاح الاقتصادي بتطوير التشريعات والنظم، وخاصة أن من المبادئ الاساسية في الاصلاح الاقتصادي ان يسبقه ويرافقه إصلاح التشريعات والنظم السائدة ذات الصلة بقطاعات الاقتصاد وعلاقاته الخارجية وحقوق والتزامات الافراد والمؤسسات بما يجعلها أكثر انسجاما مع متطلبات التنمية، وفي مقدمتها تسهيل عمليات الاستثمار وجذب المستثمرين، وتيسير وتنظيم اجراءات الاستيراد والتصدير والتمويل، والتشريعات المنظمة لقطاعات العمل، وغيرها. وقد خطت المملكة العربية السعودية خطوات متوازنة ومحسوبة في هذا المجال وأجرت الكثير من التعديلات والتحديثات على تشريعاتها ونظمها الاقتصادية والحقوقية مترافقة مع إنفاذ رؤية المملكة 2030، ثم جاء إعلان سمو الأمير محمد بن سلمان إجراء إصلاحات شاملة على المنظومة العدلية وبما يؤدي إلى اصلاح شامل في القطاع العدلي، ويرسخ من مؤسسية القضاء واستقلاله، وبما يعزز ويرسخ توجهات الحكومة في صيانة حقوق الأفراد والمؤسسات. ثم سلط التمهيد مزيدا من الضوء على مكاتب تحقيق الرؤية، وهي مكاتب مهيأة لإدارة التحول في الوزارات والمؤسسات المعنية بتنفيذ رؤية السعودية 2030 ومتابعة سير أعمال برنامج التحول الوطني، وضمان حوكمة التنفيذ، وحل المعوقات، والمساندة في التخطيط، وتحقيق أوجه التكامل، والتواصل الداخلي وبناء القدرات، والتواصل الإعلامي، بهدف ضمان حسن ودقة تنفيذ برامج ومبادرات الرؤية في المجالات ذات الصلة بعمل الوزارة او المؤسسة المعنية، وتضمنت مهامها تحديد التوجهات والخطط الاستراتيجية في الوزارة او القطاع او المؤسسة ومواءمتها مع رؤية 2030 ومستهدفات برنامج التحول الوطني، والمراجعة الدورية لما تم تحقيقه وقياس نسب الإنجاز وتشخيص المعوقات، والتنسيق مع جميع الوحدات التنظيمية في إعداد الخطط التفصيلية لبرامج ومشاريع ومبادرات برنامج التحول الوطني داخل الوزارة او المؤسسة. وإدارة وتنفيذ استراتيجيات التطوير ومراقبتها. وتحقيق التكامل والتعاون بين الوزارة او المؤسسة والجهات الاخرى خارجها، تقديم المساندة والدعم لضمان تحقيق الأهداف والمستهدفات. وعقد الشراكات الاستراتيجية والتنسيق مع شركاء المبادرة والمساهمة في توسيع مشاركة القطاع الخاص في تحقيق الرؤية. واختتم التمهيد ببيان القوى المضادة للإصلاح انه كلما تزايدت سرعة الاصلاح الاقتصادي، المستقل بمرئياته وفلسفته وممكناته، وتعاظمت عوامل قوة الدولة وعصرنتها، وتشابكت واتسعت علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع دول العالم، وتحولت مرئياتها الى مشروعات تنموية عملاقة، تصاعدت حدة المؤامرات وتنوعت التحديات الداخلية والاقليمية والدولية التي تواجهها، لدرجة ان القوى المتربصة بها والمعادية لأي نهوض وطني صادق تبحث عن أتفه الأسباب لخلق مبررات للجهر بعدائها لها، عسى ولعل أن تنال منها، أو تتمكن على أقل تقدير من إضفاء أجواء من الاحتقان السياسي والاعلامي العالمي ضدها، بالشكل الذي قد يؤدي الى تراجعها عن منهجها الاصلاحي المستقل، ورضوخها لضغوط القوى الرافضة لمشروعها الاصلاحي الوطني وارتمائها بأحضان الشركات العالمية الكبرى من موقع الضعف والتبعية.
ولم تسلم المملكة العربية السعودية من هذه القوى، فقد تعرضت لسيل من الاتهامات والاحكام المسبقة، والحملات والحروب الاعلامية والمسلحة، والعمليات الارهابية، من قوى مختلفة لا يجمعها الا السعي لإيقاف نهضة المملكة وانطلاقتها الاصلاحية. إلا أن أعداء المملكة لا يعرفون تاريخها، ولا يفهمون مرئيات قيادتها، التي كانت عبر التاريخ وستبقى إلى أن يرث الله الأرض شامخة قويــة صـــامدة بعون الله وحفظـه، لا تهزها تصريحات من يصرح، ولا تهديدات من يهدد.
{ أكاديمي وخبير اقتصادي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك