نختلف ويختلف كل البشر في استقبال كلمة (النجاح success) وتفسيرها، فبعضنا يعتقد أن النجاح يعني الترقي في السلم الوظيفي، وبعضنا الآخر يجدها في نجاح مشروعه التجاري، والطالب يعتقد أن النجاح هو التخرج في المدرسة أو الجامعة أو على الأقل الانتقال إلى المرحلة التالية، والمريض يجد أن النجاح هو أن يتمتع بصحة جيدة مرة أخرى، وهكذا، ولكن في الحقيقة فإن كل هذا كلام صحيح، فالنجاح كما تشير المراجع الإنسانية أنها تعني (تحقيق هدف) أو عدة أهداف، فإن كان للمرء هدف يرغب في تحقيقه ويسعى إلى تحقيقه، فإنه يكون قد نجح في الوصول وبلوغ ذلك الهدف وهذا هو النجاح بكل بساطة.
إذن النجاح بهذه البساطة في متناول كل يد، ولكن طريقة تناوله تختلف من يد إلى أخرى، فبعض الأيادي تحتضن النجاح فتنميه وتطوره حتى يجني ثماره، وبعض الأيادي – وللأسف – لا تستشعر هذا النجاح عندما يبلغ أياديهم، فتفرط فيه، ليفر النجاح من بين أصابعهم كما تقفز قطرات الزئبق التي يصعب مسكها، فيتبخر النجاح ويطير بعيدًا.
وعند هذا المستوى، قد يتبادر إلى الذهن سؤال: حسنٌ، كيف يمكن أن أحقق النجاح؟ كيف يمكن أن احتضن النجاح بين أحضاني ويدي؟
خطوات تحقيق النجاح
نعتقد أنه يمكن تحقيق النجاح إن تمكنا من اتباع الخطوات التالية:
{ تحديد الهدف: إنّ الخطوة الأولى – دائمًا وأبدًا – للنّجاح هو تحديد المُراد لإكمال الأمر بالشّكل الصحيح، وعدم إنجاز الأمر بشكل عشوائيّ، ولكن وجدنا أن كثيرا من الراغبين في النجاح لا هدف له، ولا يعرف ماذا يريد غير أنه يريد النجاح.
{ كتابة الخطّة: والبعض الآخر من الراغبين في النجاح يقف عند اعتاب مستوى تحديد الهدف، ولكنه يقف في مكانه أو يراوح في مكانه من غير أن يتمكن من وضع وكتابة خطّته على الورق من أجل السير عليها، فالخطة تذكّر الشخص بما عليه من أمور أن يفعلها.
{ الخطة الزمنية وتحديد الموعد النّهائيّ: إنّ تحديد الموعد النهائي للعمل أو وضع خطة زمنية لتنفيذ الخطة يجبر الإنسان على القيام بالأمور المترتّبة عليه، بالإضافة إلى أهمية وضع مواعيد نهائيّة للخطط الفرعية في حال كان العمل كبيرًا من أجل الانتهاء في الموعد المحدد.
{ تنظيم القائمة وتحديد الأولويات: من المهم تنظيم قائمة الأهداف بحسب الأولويّات لإنجاز الأمور المهمّة أولاً ثمّ إنجاز الأمور الأقل أهميّة.
{ اتّخاذ الإجراءات والسير على الطريق: عند هذه المنطقة من المفروض أن يبدأ المرء بالسيّر في تنفيذ الخطّة التي رسمها سابقًا، والعمل على إتمام المهام المكتوبة بالخطّة من دون توقف للوصول إلى الهدف.
{ السير قدمًا من دون الالتفات إلى الخلف: يجب على المرء أن يشغل نفسه في كل يوم من أيّام السنة – من دون توقف أو الالتفات إلى الخلف – من أجل تحقيق أهدافه وطموحاته، وإلا فإنه يخلق فرصة للفراغ ليسيطر على حياته، فبذلك لن يستطيع إنجاز العديد من الأهداف في حياته.
وبعد تحقيق النجاح وبلوغ الهدف اصنع لك هدفا آخر، لترتقي.
ولكن كثيرا منا يواجه العديد من الصعاب والعوائق والمثبطات، وهذه المعوقات عادة ما تكون داخلية وبعضها معوقات خارجية، فكيف يمكن التغلب عليها؟
التغلب على المعوقات والصعوبات
وإن كان النجاح ممتعا ولذيذا، فإن في داخل كل ناجح آلاما كبيرة، وإرهاقا بسبب ذلك العبء الكبير الملقى على عاتقه، وبسبب خوفه من الفشل في لحظة ما، لذلك – عادة – ما نرى الناجح تراوده هواجس الفشل تارة وتارة أخرى هواجس اللامبالاة التي يعيشها في مجتمعنا العربي، فمجتمعنا العربي لا يقدر الناجح وإنما يمكن أن يسخر منه ومما يقدم للمجتمع، لذلك فإن العديد من الناجحين يعيش في عزلة عن المجتمع بسبب الخوف، ثم هناك العديد من المعوقات الخارجية أيضًا، ولكن الناجح الحقيقي من يحول كل تلك المعوقات والصعوبات لتكون له وسيلة لتمهد الطريق أمامه ليصل إلى الهدف والنجاح، لنتعرف على هذه الصعوبات ومنها:
{ التسويف والمماطلة: إنّ تسويف وتأجيل الأعمال المهمة لوقت لاحق هي في الحقيقة مشكلة بحد ذاتها، فالنّجاح دائمًا يتطلب أن يقوم المرء بأعماله وواجباته في وقتها من دون تسويف، فهذا الأمر يجعل منه أكثر كفاءةً وأفضل عملاً وأكثر نجاحًا.
{ التشتت: بعض الناجحين يزهو بنجاحه، فينطلق، ولكنه – للأسف – يشغل نفسه بعد ذلك في أعمال أخرى وتختلط لديه الأهداف، فيتشتت بأكثر من عمل، وهذا الأمر يبدد الوقت والجهد دون نتائج تذكر، في حين أنّ التركيز على عمل واحد بين فترة وأخرى وبذل الجهد فيه سيؤدي في نهاية الأمر إلى إخراج نتائج مُرضية وعمل مُتقن.
{ مقاومة التغيير والتطور: إنّ العالم – وخاصة هذا العصر الذي نعيشه – يتطور ويتغير بسرعة كبيرة، فإذا لم يكن المرء مواكبًا لهذا التطور ومعاصرًا له فإنّه يحكم على نفسه بالفشل لا محالة، فبغض النّظر عن عمر المرء إلّا أنّه يجب عليه أن يتعلّم كل ما هو جديد، فالنّاجحون دائمًا ما يتعلمون من الأشياء الجديدة، ثم يتّخذون القرار إن كان ما هو قديم أفضل أم الجديد.
{ الانشغال ببعض الأمور عديمة الأهميّة: بعض الأحيان فإن الترفيه والاستجمام مطلوبان، ولكن أن يكون هذا ديدن الناجح، وأن يكون كل الوقت ترفيها أو الانشغال بالهاتف الذكي ووسائل التواصل الذكية بمختلف أنواعها، فإن ذلك يفقد الناجح أهم أسلحته وهو الوقت، لذلك نجد أنّ الأشخاص النّاجحين يوقفون خاصيّة الانشغالات أثناء عملهم كي لا يتشتت تركيزهم ولا يسمحون لأنفسهم بالانشغال وتضييع الوقت.
{ السماح للآخرين بوضع جدول الأعمال الخاص: يتطلب النّجاح أن يضع الشخص أولوياته ويرتبها بنفسه، فإنّ من عادات الأشخاص الفاشلين أنّهم يجعلون غيرهم يقومون بترتيب أولويّاتهم، فالنّاجح دائمًا يرفض الأمور التي تقف حائلاً بينه وبين القيام بأولويّاته، فالشخص النّاجح لا يخلق مكانًا للأمور الثّانويّة على أولويّاته، ولا يدع الأشخاص الآخرين يتحكمون بها على هواء رغباتهم.
{ بلوغ الكمال: إنّ السعي للكمال يدفع كثيرين من الأشخاص للخوف من الفشل مما يؤدي إلى عدم قيامهم بالعمل، لكنّ الأشخاص النّاجحين يدركون تمامًا أنّ النّجاح لا يأتي من الخوف من الفشل، بل يأتي من التّعلم من الأخطاء والوقوف بعد الفشل، وأن بلوغ الكمال من الأمور المستحيلة التي لا يمكن بلوغها، لذلك يكتفي المرء بتحقيق أهدافه في كل مرحلة من مراحل حياته.
{ التغلّب على الكسل: عادة ما يستشعر الإنسان الكسل بالمتعة والاستمتاع بالحياة، ولكن بالكسل لا يمكن بلوغ النجاح مهما كان المرء عبقريًا، لذلك يمكن للمرء التّغلب على الكسل عن طريق تصوّر النّتائج التي يمكن بلوغها بالعمل الدؤوب الذي سيقوم به، والموقف الذي سيقف فيه بعد انجاز المهام بنجاح. وربما هناك نوع آخر من الكسل وهم الأصدقاء والأهل الذين يعيشون على الكسل اللذيذ الذي لا يسهم في تطور الإنسان، فهؤلاء سيقولون لناجح «لماذا تتعب نفسك؟ ماذا ستجني من كل هذا؟»، هكذا بكل بساطة، فهؤلاء لا يرون أن للنجاح أي فائدة على الإنسان، لذلك فإن كانوا من الأصدقاء فإنه من الأفضل تركهم والابتعاد عنهم، وإن كانوا من الأهل فالمجاملة مطلوبة ولكن الاستماع غير مطلوب.
{ لا تسمع المحبطين: أثناء السير في طريقة تحقيق الأهداف، فإن المرء سيواجه الكثير من المحبطين والمثبطين، وهذا أمر طبيعي، ولكن من غير الطبيعي أن يستمع الناجح أو الراغب في النجاح إلى كل هؤلاء، فمن هؤلاء المحبطين حاسدون، ومنهم كارهون، ومنهم أيضًا الفاشلون الذي لا يريدون النجاح للراغبين في النجاح، ليس ذلك فحسب فمنهم ناجحون إلا أنهم لا يرغبون النجاح لغيرهم، لذلك فإن على المرء الحذر.
{ التّغلّب على الخوف: يعرف الخوف أنه جزء من الأنا الخلفية والخفية الموجودة في الإنسان، وهو حقيقة لا يمكن نكرانها، ولكن يحتاج المرء للتّغلب على الخوف إلى تحديد أهدافه، والعمل بشغف من أجل تحقيقها، وكذلك إلى طريق تقدير النّفس وتقدير الآراء والاحتياجات الشخصية، وأيضًا رفض الأمور التي لا يرغب الشخص بعملها. الخوف حقيقة، ولكن على المرء ألا يبالغ في الخوف.
{ اقتناص الفرص: عادة لا تأتي الفرصة للشخص بسهولة، وإنما عادة ما تمر الفرص من بعيد، يمكن أن يراها الناجح ولا يمكن أن يراها غيره، لذلك فعلى الأشخاص النّاجحين البحث عن الفرص لا انتظارها إذ قد لا تأتي أبدًا، إذ إنّ النّاجحين يدركون أنّ الفرص تأتي من الجهد والعمل.
{ وأخيرًا: يجب أن يعلم المرء أن كل شخص يمكن أن يلاقي النجاح إن رغب في ذلك، ولكنه إن لم يرغب فمن الطبيعي أن النجاح يطير للراغبين فيه وليس للكسالى والمسوفين.
والآن، هل تعتقد –عزيزي القارئ– أنك ذات يوم صادفت النجاح ولم تجر خلفه، فإن كنت كذلك فإن اليوم أعقد الرغبة لبلوغ النجاح حتى وإن كانت الفرصة غير متاحة حاليًا، ولكنك تستطيع أن تحدث الفرق إن رغبت.
Zkhunji@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك