المركز الـ 15 يحتاج إلى وقفة لمراجعة الذات وجلدها
لاعبو المنتخب ثمرة مسابقة متواضعة
كان ينبغي أن يكتب هذا التقرير بعد انتهاء بطولة كأس العالم للشباب تحت 21 عاما للكرة الطائرة التي استضافتها المملكة من 7 حتى 16 يوليو المنصرم، غير أنّ ظروفا خارجة عن الإرادة كانت وراء هذا التأخير، ويتعلق الأمر بالتوقف لتقييم مشاركة منتخبنا الشباب الذي حلّ في الترتيب 15 خلف المنتخب التونسي الذي احتلّ المركز 16 والأخير.
وعلى مدار الأيام التي تلت انتهاء البطولة لم يتطرّق أحد لا من بعيد أو من قريب بكلمة واحدة عن المنتخب بالتقييم أو بالتحليل أو النقد الأمين، وكأن البطولة خارج الديار، أو أنّ المنتخب الذي حقق المركز ما قبل الأخير ليس بمنتخبنا، أو أنّ الاستحقاق لم يكن بحجم كأس العالم، ورغم كل هذه المغريات إلا أنّ الجميع قد التزم الصمت، ولم يحرّك ساكنا.
بعيدا عن الضغوط
قبل أن تبدأ البطولة حاولنا من جانبنا أن نبعد شباب المنتخب وجهازه الفني عن أي ضغوط، وقلنا بأنّ المنتخب غير مطالب بأن يناطح المنتخبات ذات التاريخ والاسم والتي جاءت من أجل الصراع على اللقب، ولكن المنتخب مطالب بأن يقدم مستويات وعروضا يعكس من خلالها استعداده وجاهزيته لهذا المعترك العالمي، والاستفادة التي تحصّل عليها من معسكره الإعدادي الذي أقامه في سلوفينيا وخاض من خلاله بعض المباريات مع منتخبات ذات مدارس فنية متنوعة، وأن يترجم كل ذلك من أداء يتماشى مع طرائق الكرة الطائرة الحديثة، وأن نطمئن من جهة أخرى على مستقبل اللعبة في المملكة خلال الفترة القادمة، غير أننا لم نطل بلح الشام ولا عنب اليمن.
مجموعة سهلة
كل المتابعين على دراية بأنّ قرعة البطولة أوقعت منتخبنا الشباب في المجموعة الأولى إلى جانب منتخبات إيران وتايلاند وتونس، وتعدّ هذه المجموعة هي الأسهل مقارنة ببقية المجموعات الثلاث، إذ خلت المجموعة من أي منتخب أوروبي أو من أمريكا، ومن هذا المنطلق كان الباب مفتوحا على مصراعيه للمنتخبات الثلاثة «البحرين وتايلاند وتونس» كي يرافق أيّ منهم المنتخب الإيراني إلى الدور الثاني، وكان هذا الخيار صبّ في مصلحة المنتخب التايلاندي.
منتخبنا والأرقام
خاض المنتخب خلال الأيام العشرة التي استغرقتها البطولة ثماني مباريات، فاز في ثلاث منها على تونس مرتين 3 -صفر، والهند 3-2، وتعرض لخمس خسائر على يد منتخبات تونس 2-3، وتايلاند 2-3، وإيران 3 -صفر، وكندا وأمريكا بنتيجة واحدة 1-3، وجمع المنتخب من الأشواط الـ32 التي لعبها 695 نقطة، وخسر 700 نقطة.
تايلاند قصمت ظهرنا
هناك تصريح لمدرب المنتخب صابر عبد الواحد قبل بدء البطولة قال فيه انه يتمنى أن يتأهل المنتخب ليكون ضمن الثمانية الأولى، غير أن هذا لم يتحقق، وكانت مباراتنا أمام تايلاند هي التي قصمت ظهرنا، إذ لم يكن القصار التايلانديون أفضل منا، ولكنهم هزمونا بسلاح السرعة والتركيبات الآسيوية، ولاعبو هذا الجيل من منتخباتنا الوطنية يفتقرون إلى التعامل وقراءة مثل ألعاب هذه المدرسة، والدليل على ذلك أنّ رجال تايلاند تفوقوا على رجالنا في بطولة كأس التحدي بالأسلوب نفسه.
بعيدا عن الانتقاص
اللاعبون الذين مثلوا منتخبنا الوطني هم ثمرة مسابقة محلية، ودائما ما يردّد في الأوساط الرياضية بأنّ أي مسابقة قوية من الطبيعي أن تفرز لك لاعبين أقوياء، ويشكلون منتخبا قويا، وبالعودة إلى مسابقات الفئات في الموسم المنتهي 2022-2023 نجد أنّ نادي دار كليب قد أكل الأخضر واليابس، وسيطر على كل مسابقات الفئات باستثناء مسابقة واحدة ذهبت لنادي النصر، فالمشكلة لا تكمن في فئات دار كليب الذين لم يجدوا من يناطحهم وينافسهم، بل أنّ المشكلة أنهم لم يجدوا من ينافسهم ويقف في طريقهم، وبناء على ذلك ماذا تنتظر من مسابقة ذات قطب واحد؟ وهناك من يوجّه أصابع الاتهام لهذه الجهة أو تلك، ونرى بأنه إذا كانت ساحة الاتحاد ليست بريئة، إلا أنها جهة منظمة ومسيّرة ومحفّزة للمسابقات، فضلا عن توفير فرص الاحتكاك من خلال المعسكرات الإعدادية التي توفرها للمنتخبات، غير أنّ اللاعبين هم في الأول والأخير من ضمن مخرجات الأندية ونوعية العمل والفكر السائدان فيها، وقد نجد لها العذر في عدم قدرتها على توفير بيئة تدريبية شبه مثالية نظرا لمحدودية المادة، إلا أننا لن نقف معها في بعض اختياراتها لأعضاء الأجهزة الفنية.
والدليل على ضعف المسابقة أنّ الجهاز الفني استقطب اللاعب علي البوسطة الذي يمثل ناديه النجمة في المسابقات الرسمية كضارب، بينما استقطب للمنتخب كي يشغل مركز صناعة اللعب، ناهيك أنّ المعد الأساس وهو صادق مرهون الذي رغم إمكاناته الفنية إلا أنه يمثل نقطة ضعف في مركزه نظرا لقصر قامته، والكرة الطائرة الحديثة لا تعترف بقصار القامة رغم أنّ فرصتهم قائمة في مركز اللاعب الحر «الليبرو» بشرط أن يكون موهوبا وتتوفر فيه مقومات اللاعب الحر.
ورغم أنني لا أتابع مسابقات الفئات باستثناء نهائياتها، ولذلك ليس لدي فكرة عن بعض تفاصيلها، ولكن يبدو أنّ الجهاز الفني للمنتخب بقيادة صابر عبد الواحد غير مقتنع بمخرجات المسابقة، والدليل أنه استعاض بعلي البوسطة وحوله لمعد على حساب اختيار أحد المعدين من الأندية، أو لأسباب أخرى بدنية أو فنية.
هل سيكون أفضل من سابقه
لا يمكن لأحد أن ينكر أنّ هناك بعض العناصر في منتخبنا الشباب يمكن أن يأتي من ورائها شيء، مع أنها تحتاج إلى أعمال شاقة وجهد مضني، غير أنّ القراءة الأولية عطفا على ما شاهدناه، فإنّ المنتخب سننتظر أن يكون حاله حال منتخب الأمل الذي ذهب أغلب لاعبوه وجهازه الفني هدرا مع الرياح، إذ أي منتخب لا بد له من مقومات، ومن أبرز المقومات عامل الاستمرار، فهل المنتخب بعناصره القائمة قادر خلال الفترة القادمة على أن يثبت نفسه ويقول للجميع: أنا موجود؟ إذ إنّ حصول المنتخب على المركز قبل الأخير هو مؤشر واقعي وينبغي أن نتوقف عنده ونطرح أسئلة لماذا وكيف وماذا؟
مدربونا و«إديسون»
سؤال أخذ يردده الكثيرون خلال أيام بطولة كأس العالم للشباب تحت 21 للكرة الطائرة وهو: لماذا لم تعط العناصر الوطنية الفرصة لقيادة المنتخب في مثل هذه التظاهرة العالمية رغم أنّ هناك عناصر تدريبية لا تنقصها الكفاءة ولا الخبرة؟ وأنا أتفق مع هؤلاء غير أنّ خبرتهم وكفاءتهم فضلا عن متابعتهم لكل جديد ليس بكاف، فمدربونا يحتاجون إضافة إلى ما ذكر إلى ثقة المسؤولين فيهم، ألم يعرفوا أنّ توماس إديسون مخترع الضوء لم يتوصل إلى اختراعه هذا إلا بعد 15 ألف محاولة فاشلة، وهكذا مدربونا يحتاجون إلى من يصبر عليهم ويتحمل إخفاقاتهم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك