التدريس هو الذي اختارني ولم أختره، لكنني عشقت التدريس وأصبح التدريس بالنسبة لي هو العشق الآخر؛ لأنه يخلق الأمل وأرى نفسي وأنا أمارس التدريس أنني عداء في سباق طويل لن أبلغ نهايته أبدا وأنا لا أريد أن أشعر أنني أمتلك كل الاجابات وأنا مازلت على طريق التعلم محاولا بلوغ الأفضل في مجال مليء بالتحديات. أحاول ان أكون دائم الحركة وأن أمارس المرونة والحوار وأن أقدم العون وحسن الاستماع وأعمل على خلق الإبداع والمتعة والمرح الصفي.
وأنا أحب مراقبة النمو المعرفي للطلاب وجني الثمار كما يراقب المزارع نمو شجرة الزيتون وبعد مدة يجني ثمارها وأنا أردد دائما:
ما قاله الشاعر أبو فراس الحمداني:
لقد زدت بالأيام والناس خبرة
وجربت حتى هذبتني التجارب
استطعت خلال سنوات التدريس الجامعي بناء فلسفة تعليمية وتعلّمية تتمثل في تبني كثير من الأفكار والممارسات والمقولات التربوية التي مارستها ومازلت أمارسها في كل لقاء تعليمي، وكنت في السابق أحاضر أو أكتب أو أقرأ لأعلم، لكني الآن أصبحت أكتب وأحاضر لأجعل المستمع والقارئ يفكر فيما يسمع وأقول لو لم أكن معلماً لوددت أن أكون، وأنا أرى أن:
التعليم هو فتح نوافذ جديدة أمام المتعلم / تكوين رؤية لدى المتعلم / نقل الطلاب إلى العصر الذي يعيشون فيه لأن من يرى العالم وهو في الخمسين من عمره مثلما كان يراه في العشرين من عمره فقد أضاع 20 سنة من عمره، وويل للمجتمع
كما قال سيدنا علي:
علموا أولادكم لزمان غير زمانكم، وكما قال الإمام محمد عبده إن مستقبل أي أمة يقوم باستعدادها لكل زمان بما يناسبه.
من لم يتعلم شيئا جديدا كل يوم يزداد جهلا يوما بعد يوم / من لا ينمو يذبل / التعليم شيء لا يمكن الانتهاء منه. والتعليم يعني نشر ثقافة التساؤل وثقافة العطاء والحوار ومحاربة ثقافة الصمت الصفي. وكما قال الشافعي: وفق ما كان يوصي طلابه به:
إذا عرضت عليكم أمرا لا تقبله عقولكم فارفضوه.
لذلك فإن التعليم يعني تزويد الطالب بمهارات العصر الأكاديمية والحياتية والتكنولوجية واللغوية والتواصلية، فالتعليم الرديء أسوأ من الأمية.
وكما قال فولتير: يجب ألا نتكلم أو نكتب إلا في التعليم. لا تعلم بدون احتكاك وحوار ومناقشة لأن تسعة أعشار التعلم هو نتيجة للمشاركة والتفاعل الصفي. الغاية من التعليم هي خلق أجواء صفية ممتعة آمنة جذابة شيقة محفزة تساعد المتعلم على توليد أفكار جديدة، ذلك لأن التعليم بالرفق واللين والمحبة والكلمة الطيبة هو مفتاح القلوب
وستظل مهنة التعليم هي أم المهن. فالتعليم هو تحرير عقول الطلاب من الخرافات والتقاليد التي تخدر العقل، والتعليم يجب أن يوقظ العقل.
وكما قال سقراط: التربية هي التي جعلت الإغريقي إغريقيا وليس المولد.
تعليم الإبداع لا يقل أهمية عن تعلم المهارات الأساسية: الكتابة والقراءة والحساب.
إن القيم لا تعلم بل تكتسب وكما قال الشاعر:
دماثة الخلق نبع طاب مورده
وليس علماً مع الأيام تكتسب
مظفر النواب يقول: إذا لم يكن فوق المراكب عالم بالبحار تَنِزُّ
لذلك لا تنم بنفس العقل الذي استيقظت به.
إذا علمت نفس الموضوع مرتين بنفس الطريقة فأنت غير مبدع.
ويقول الغزالي: إذا علم المعلم جميع طلابه بنفس الطريقة لأمات قلوبهم.
من أراد أن يعلم الطلاب الحرية يجب أن يكون هو حرا.
هارون الرشيد يقول: من شاور كثر صوابه.
في حين يقول ويليام بتلر: التعليم ليس ملء الوعاء ولكن إيقاد شعلة.
فاختلاف الألوان يعطي جمالا للوحة الفنية.
ويجب أن يكون المعلم الجامعي مولدا للأفكار.
ولا ننسى أن دور المدرسة أكبر من أن يحكم على الطالب من خلال ورقة وقلم.
لذلك، فإن أساليب التدريس يجب أن تكون أكثر تحفيزا ومرونة وتنوعا وكما قال المفكر التربوي الأمريكي جون ديوي: إذا علمنا طلاب اليوم بأساليب الأمس فقد سرقنا مستقبلهم.
ولهذا نقول إن الشهادة التعليمية هي بداية التعلم وليست نهاية المطاف
والقراءة ينبغي أن تكون من أجل التعلم والتأثر والتوظيف فيما قرأت،
ولهذا فإن المتعلم في هذا العصر بحاجة إلى من يرشده إلى الطريق ويتركه وحده لا يمسك بيده.
عبد الله بن مسعود يقول: كونوا للعلم رعاة ولا تكونوا له رواة.ولا شك أن دور المعلم اكتشاف مواهب الطلاب وتنميتها وتوجيهها وتطويرها.
ويمكن الرضا عن كل شيء إلا المعرفة لأن المعرفة والمهارة هي عملة المستقبل. وأن تكون متعلما لا يعني أن تخزن الكثير من المعلومات في ذاكرتك، بل تكون قادرا أن تعرف الفرق بين المعلومات التي تستحق ان تخزن إلى الأبد والمعلومات التي يجب أن تمحى على الفور. غرفة الصف يجب أن تكون كالبيت، وإذا أردت أن تعرف نوع المعلم انظر إلى وجوه الطلاب.
ولهذا أقول للمعلمين: أعظم شيء في التعليم هو أنك تدخل غرفة الصف كل مرة كإنسان جديد.
مع ضرورة اللين والرفق بالمتعلم.
إن الأنظمة التعليمية العربية رغم التحولات التربوية لم تشجع ولم تصمم لتشجع البحث وروح المواطنة والمشاركة والديمقراطية والتعاون وقبول الآخر والإبداع والابتكار، والتي كلها تأتي نتيجة التعددية والمرونة والتنوع وتشدد على اكساب الطالب مادة معرفية محددة مع زملاء متفق عليها مسبقا من جانب واحد أحادي التفكير بعيدا عن التوظيف والنقد والتحليل والتفسير والتقويم.
{ خبير في شؤون التربية والتعليم
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك