استضافت المملكة العربية السعودية الشقيقة مؤخرا قمة الحوار الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون الخليجي وجمهوريات آسيا الوسطى، والتي تزامنت مع اللقاء التشاوري الثامن عشر لقادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية لبحث آفاق التعاون المستقبلي بين دول مجلس التعاون وجمهوريات آسيا الوسطى الخمس وهي جمهورية كازاخستان وجمهورية قرغيزستان وجمهورية طاجكستان وجمهورية تركمنستان وجمهورية أوزبكستان هذه الجمهوريات السوفيتية السابقة التي كانت جزءا من اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية ونالت استقلالها في بداية التسعينيات من القرن الماضي بعد الانهيار المدوي للاتحاد السوفيتي وتفككه وانقسامه إلى خمس عشرة جمهورية مستقلة.
إن هذه القمة التي تعد الأولى من نوعها والتي تعقد بين دول مجلس التعاون وجمهوريات آسيا الوسطى تمثل بداية لمرحلة جديدة من التعاون والتنسيق بين الجانبين في ظل المتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم، مما يحتم على الجميع تعزيز التواصل وشبك المصالح لكسب أصدقاء جدد وبناء تحالفات اقتصادية وتجارية وصناعية قوية قادرة على التنافس والمنافسة في عالم يموج بالصراعات لا مكان فيه للتكتلات الصغيرة والضعيفة التي لا تستطيع تأكيد وجودها في ظل التحديات التي يشهدها العالم اليوم، وخصوصا أنه توجد آفاق واعدة وواسعة للتعاون والاستثمار بين البلدان الخليجية وجمهوريات آسيا الوسطى في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والتعليمية وحتى السياسية والأمنية، وخصوصا أن دول الخليج العربي منذ انهيار الاتحاد السوفيتي السابق لم تولِ الاهتمام اللازم لهذه المنطقة القريبة جغرافيا من حدودنا، والتي تربطنا معها علاقات تاريخية وثقافية ودينية مشتركة، حيث كانت بعض هذه الجمهوريات يوما ما جزءا لا يتجزأ من الامبراطوريات الإسلامية، بل إنها كانت مركزا لقيادة العالم الإسلامي، وتشهد على ذلك المعالم الإسلامية التاريخية والدينية التي لا تزال موجودة في هذه الجمهوريات كمعلم من المعالم التاريخية لهذه الجمهوريات يرتادها السياح من جميع أنحاء العالم، كما أن العديد من علماء الدين الإسلامي المشهورين أتوا من هذه الجمهوريات إلى البلدان الإسلامية كالبخاري مثلا لدراسة تعاليم الدين الإسلامي، وهو ما فتح المجال أما الدول الأخرى للاستفادة من الإمكانيات الاستثمارية المتاحة في هذه الجمهوريات.
ولا شك أيضا أن هذه القمة سوف تفتح الباب واسعا لتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون وجمهوريات آسيا الوسطى وشبك العلاقات خصوصا في مجال الاستثمار وفي مجال الطاقة حيث توجد خيرات وثروات معدنية كبيرة في دول آسيا الوسطى مثل الغاز والنفط وكذلك في مجال الزراعة والثروة الحيوانية، فبإمكان دول الخليج العربية الاعتماد على هذه الجمهوريات في توفير احتياجاتها من المواد الغذائية واللحوم والدواجن وغيرها بدلا من اللجوء إلى الدول الأخرى لتوفير احتياجاتها بأسعار باهظة جدا، وعليه يمكن إقامة مشاريع مشتركة لتكون هذه الجمهوريات مصدرا أساسيا من مصادر توفير احتياجاتنا الغذائية وغيرها.
كما أن هذه الجمهوريات تزخر بالكفاءات العلمية والكوادر المهنية المؤهلة التي يمكن الاستفادة منها في دولنا الخليجية.
إن مثل هذه الشراكة تخدم أيضا المواقف الخليجية في المحافل الدولية وفي المؤتمرات والاجتماعات الإقليمية والعالمية وتخدم المصالح المشتركة في مختلف المجالات لتكون إضافة جديدة لتعزيز التعاون المشترك والتقارب وتؤكد الرغبة الخليجية للانفتاح نحو الشرق من خلال الشركات الجديدة القائمة على المنافع المتبادلة لما فيه خير وصالح الجميع، مما يعني توسيع مجالات التعاون مع دول العالم خدمة للمصالح الخليجية ولتعزيز التواجد الخليجي على الصعيد العالمي لخدمة القضايا العربية ولكسب أصدقاء جدد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك