العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

هل فعلا أنا «فَلْتَة» (1)

لا‭ ‬تثريب‭ ‬عليّ‭ ‬لو‭ ‬مارست‭ ‬التباهي‭ ‬قليلا،‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أثبتت‭ ‬نتائج‭ ‬دراسة‭ ‬طبية‭ ‬‮«‬نظرياً‮»‬‭ ‬أنني‭ ‬سأعمر‭ ‬كثيرا‭ ‬وطويلا،‭ ‬لأن‭ ‬اختبار‭ ‬معدل‭ ‬الذكاء‭ (‬آي‭ ‬كيو‭) ‬أثبت‭ ‬أنني‭ ‬ذكي‭ ‬بدرجة‭ ‬تؤهلني‭ ‬لطلب‭ ‬اللجوء‭ ‬الثقافي‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬أو‭ ‬قارة‭ ‬تنتج‭ ‬الثقافة‭ ‬ولا‭ ‬تستهلك‭ ‬إنتاج‭ ‬الآخرين‭ ‬ثم‭ ‬تسبهم،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ثبت‭ ‬علمياً‭ ‬أن‭ ‬الأذكياء‭ ‬طويلو‭ ‬الأعمار‭. ‬وقد‭ ‬عرفت‭ ‬أنني‭ ‬ذكي‭ ‬بعد‭ ‬نيل‭ ‬الشهادة‭ ‬الجامعية‭ ‬بثلاثة‭ ‬أعوام‭ ‬عندما‭ ‬جلست‭ ‬لامتحان‭ ‬تحريري‭ ‬ومقابلات‭ ‬شخصية‭ ‬لاختيار‭ ‬دبلوماسيين‭ ‬شباب،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬الاختبارات‭ ‬قياس‭ ‬معدل‭ ‬الذكاء‭ ‬(IQ)،‭ ‬وتم‭ ‬اختياري‭ ‬لأصبح‭ ‬دبلوماسيا‭ ‬رغم‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬مقتنعا‭ ‬أنني‭ ‬افتقر‭ ‬الى‭ ‬‮«‬الدبلوماسية‮»‬‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬الشخصية‭ ‬وعلاقاتي‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنني‭ ‬‮«‬واضح‭ ‬زيادة‭ ‬عن‭ ‬اللزوم‭ ‬ولا‭ ‬أحب‭ ‬اللف‭ ‬والدوران‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬المفاجأة‭ ‬السارة‭ ‬التي‭ ‬نسيت‭ ‬أمرها‭ ‬طويلا‭ ‬أن‭ ‬معدل‭ ‬ذكائي‭ ‬كان‭ ‬135‭%‬،‭ ‬ومن‭ ‬شر‭ ‬حاسد‭ ‬إذا‭ ‬حسد‭ (‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬نتنياهو‭ ‬يتفوق‭ ‬علي‭ ‬قليلا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬لأن‭ ‬معدل‭ ‬ذكائه‭ ‬نحو‭ ‬180‭% ‬فقط،‭ ‬ويعتبر‭ ‬من‭ ‬أذكى‭ ‬20‭ ‬شخصية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬فموتوا‭ ‬بغيظكم‭).‬

تقول‭ ‬دراسات‭ ‬محكمة‭ ‬إن‭ ‬الأشخاص‭ ‬الأذكياء‭ ‬يعيشون‭ ‬طويلا،‭ ‬وقد‭ ‬بدأت‭ ‬أول‭ ‬دراسة‭ ‬علمية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬في‭ ‬اسكتلندا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1921‭ ‬حيث‭ ‬أخضع‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬تلاميذ‭ ‬مدارس‭ ‬أعمارهم‭ ‬11‭ ‬سنة‭ ‬لاختبارات‭ ‬ذكاء،‭ ‬ثم‭ ‬ظل‭ ‬الباحثون‭ ‬يتابعون‭ ‬مسيراتهم،‭ ‬وكانت‭ ‬النتيجة‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬من‭ ‬كانوا‭ ‬على‭ ‬ذكاء‭ ‬عال‭ ‬عاشوا‭ ‬حتى‭ ‬تجاوزوا‭ ‬الثمانين،‭ ‬وأسأل‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬نتائج‭ ‬تلك‭ ‬الدراسات‭ ‬صحيحة‭ ‬حتى‭ ‬أعيش‭ ‬وأشهد‭ ‬استنجاد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بقوات‭ ‬عربية‭ ‬لمنع‭ ‬المكسيك‭ ‬من‭ ‬احتلال‭ ‬كاليفورنيا،‭ ‬وتقديم‭ ‬السودان‭ ‬قرضا‭ ‬لليابان‭ ‬وجعل‭ ‬القدس‭ ‬عاصمة‭ ‬لدولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬حقيقية‭ ‬وليست‭ ‬افتراضية‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حادث‭ ‬حاليا‭.‬

ثم‭ ‬جاءتني‭ ‬بشارة‭ ‬ثانية،‭ ‬وطبعا‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬غربية،‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬معلوم‭ ‬فإنني‭ ‬عميل‭ ‬غربي‭ ‬معتّق،‭ ‬فقد‭ ‬عملت‭ ‬في‭ ‬السفارة‭ ‬البريطانية‭ ‬في‭ ‬الخرطوم‭ ‬وشركة‭ ‬أرامكو‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬أمريكية‭ ‬في‭ ‬الظهران‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬ثم‭ ‬تلفزيون‭ ‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬ومازلت‭ ‬أدمن‭ ‬قراءة‭ ‬صحيفة‭ ‬الغارديان‭ ‬البريطانية‭ ‬ومجلتي‭ ‬تايم‭ ‬ونيوزويك‭ ‬الأمريكيتين،‭ ‬وحاليا‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬مناصري‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬يفوز‭ ‬مجددا‭ ‬بترشيح‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬للانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬المقبل‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬يمنى‭ ‬هو‭ ‬والحزب‭ ‬بهزيمة‭ ‬مدوية‭ ‬أو‭ ‬يفوز‭ ‬بالرئاسة‭ ‬فـ‮«‬يجيب‭ ‬خبر‮»‬‭ ‬أمريكا‭. ‬

المهم‭ ‬أن‭ ‬البشارة‭ ‬أتتني‭ ‬من‭ ‬فريق‭ ‬باحثين‭ ‬يقودهم‭ ‬البروفيسور‭ ‬جون‭ ‬جنكينز‭ ‬تفيد‭ ‬بأن‭ ‬الاستماع‭ ‬إلى‭ ‬موسيقى‭ ‬موزارت‭ ‬عشر‭ ‬دقائق‭ ‬فقط‭ ‬كفيل‭ ‬برفع‭ ‬معدل‭ ‬الذكاء‭ ‬بنحو‭ ‬سبع‭ ‬نقاط،‭ ‬ورغم‭ ‬أنني‭ ‬إلى‭ ‬عهد‭ ‬قريب‭ ‬كنت‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬السيمفونية‭ ‬هي‭ ‬نظام‭ ‬الشفط‭ ‬الخاص‭ ‬بدورات‭ ‬المياه‭ ‬فإنه‭ ‬كان‭ ‬لي‭ ‬عظيم‭ ‬الشرف‭ ‬بمشاهدة‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬أماديوس‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يحكي‭ ‬قصة‭ ‬حياة‭ ‬الموسيقار‭ ‬الموهوب‭ ‬موزارت‭ ‬عشر‭ ‬مرات‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬واحدة‭. ‬ومعنى‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬معدل‭ ‬ذكائي‭ ‬الذي‭ ‬قيل‭ ‬لي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إنه‭ ‬يبلغ‭ ‬135‭ ‬نقطة‭ ‬زاد‭ ‬بعد‭ ‬مشاهدة‭ ‬الفيلم‭ ‬الذي‭ ‬يحوي‭ ‬سيمفونيات‭ ‬وسوناتات‭ ‬موزارت‭ ‬سبعين‭ ‬درجة،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬مجموع‭ ‬معدل‭ ‬ذكائي‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬نقطة،‭ ‬أي‭ ‬أعلى‭ ‬بخمس‭ ‬وخمسين‭ ‬نقطة‭ ‬عن‭ ‬معدل‭ ‬ذكاء‭ ‬اينشتاين‭. ‬يعني‭ ‬أيها‭ ‬القارئ‭ ‬أنت‭ ‬تقرأ‭ ‬الآن‭ ‬لواحد‭ ‬من‭ ‬فلتات‭ ‬الزمان‭ (‬قل‭: ‬ما‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬وعين‭ ‬الحسود‭ ‬فيها‭ ‬عود‭).‬

كم‭ ‬كنت‭ ‬متواضعاً‭ ‬زيادة‭ ‬عن‭ ‬اللزوم‭ ‬طوال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬ولكنني‭ ‬أقر‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬بأنني‭ ‬لست‭ ‬أفهم‭ ‬تجليات‭ ‬عبقريتي‭: ‬كيف‭ ‬أكون‭ ‬صاحب‭ ‬أعلى‭ ‬معدل‭ ‬ذكاء‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬وإفريقيا‭ ‬وأمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬وأنا‭ ‬لم‭ ‬أنجح‭ ‬قط‭ ‬في‭ ‬امتحان‭ ‬رياضيات‭ ‬أو‭ ‬كيمياء‭ ‬أو‭ ‬فيزياء؟‭ ‬كيف‭ ‬أكون‭ ‬أذكى‭ ‬أهل‭ ‬السودان‭ ‬ولم‭ ‬أنجح‭ ‬طوال‭ ‬عقود‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مقعد‭ ‬وزاري‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬زملاء‭ ‬لي‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬إذا‭ ‬سمع‭ ‬نكتة‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬أضحكته‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬يحملون‭ ‬لقب‭ ‬وزير‭ ‬سابق‭ ‬منذ‭ ‬نحو‭ ‬25‭ ‬سنة‭ ‬ودخلوا‭ ‬عدة‭ ‬تشكيلات‭ ‬حكومية‭ ‬اشتراكية‭ ‬وإسلامية‭ ‬وناصرية‭ ‬وساداتية‭ ‬وقذافية‭ ‬وشعيرية‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا