السفير د. عبدالله الأشعل
حفلت آيات الذكر الحكيم بخصائص الإنسان الذي خلقه الله من أردأ أنواع الطين، وهذا السبب هو الذي منع إبليس من أن يسجد له ففضل إغضاب ربه على أن يلبي أمر الخالق في السجود لآدم تكريما للخالق وتكريما لمن خلق، والسجود عادة لا يكون إلا لله، ولذلك فإن سجود الملائكة تلبية لطلب الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة له معنى متفرد، وهو أن الإنسان رفعه الله فوق سائر خلقه بمن في ذلك الملائكة حتي يكون الإنسان مكرما منة من الله تستحق الشكر وليس التكريم أساسه استحقاق الإنسان لفضائل فيه، رغم أن الفضائل والتكريم مرجعها الى الله ثم ان الله خلقه بحكمته ثم نفخ فيه من روحه فجعل هذه الروح مقدسة تستعلي على الاهانة والجرح والقتل، ولذلك أشار القرآن الكريم إلى قدسية الروح البشرية لسبب وحيد، هو أن القاتل يعتدي على الله في صورة الانسان، ولهذا نصت التشريعات الوضعية جميعا على قدسية النفس البشرية حتى قيل إن الله سبحانه وتعالى يفضل النفس البشرية ويضع قدسيتها فوق قدسية الكعبة المشرفة والبيت الحرام، ولهذا قال الحق سبحانه وتعالى «من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا» ووضعت هذه الآية التزاما على سائر البشر وليس على المسلمين وحدهم أن يحافظوا على النفس البشرية وهو يخاطب الناس جميعا فهو خطاب للبشرية أجمعين حتى لا ينحرف مفسر متطرف فيقول إن النفس المؤمنة فقط هي التي تستحق الحماية ولنا في رسول الله قدوة حسنة، الذي وقف احتراما لميت يهودي وشرح ذلك لأصحابه لأن القرآن الكريم يتحدث عن النفس مطلقا ومادام المشرك والكافر نفسا فيتمتع بنفس الحصانة كما يتمتع بالتزام الخالق سبحانه وتعالى برزقه. ومن الواضح أن صفات الانسان في القرآن الكريم كلها صفات سلبية وأخطر ما فيها أنه يتنكر للخالق، وقد تكررت النعم وخاصة نعمة الخلق ونعمة قضاء الحاجة، ومع ذلك كان الإنسان ناكرا لجميل الله بل ناكرا لله سبحانه وتعالى، وهو يعلم أن الله غني عن العالمين. ومن أجمل ما لاحظته هو تكرار آية ختمها بصفات المنعم مرة وبصفات الإنسان المنعم عليه مرة أخرى، فحدث تقابل بين الخاتمتين وهذه الآية نظرا لفائدتها ودقتها أنها فريدة في القرآن الكريم «وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ان الله غفور رحيم». وفي آية أخرى «إن الانسان لظلوم كفار» ويشير القرآن الكريم إلى أنه قليل من عباده الشكور، بل إن التنكر للنعم وصل إلى حد الكفر بالله لقوله تعالى إن الإنسان لظلوم (لنفسه) (كفار لخالقه)، ومع ذلك فإن المنعم وصف نفسه بأنه غفور رحيم بالإضافة إلى الصفات الأخرى التي يعلمها الله سبحانه وتعالى وقد لا يعلمها الإنسان، لقوله تعالى «ونفس وما سواها» فهذه أعظم إشارة إلى وجود الله بالإضافة إلى أن الكون قرآن صامت وان القرآن الكريم حجة على الإنسان إلى يوم الدين. وأخيراً نضيف بأنه لا توجد صفة واحدة إيجابية في الإنسان، ومع ذلك فإن الله كرمه وأحسن إليه وسخر سائر المخلوقات له وخصه بهدية خاصة وهي العقل، ومع ذلك يظن الإنسان أن الخالق لا يراه ويمكر مكر السوء، ولذلك أفحمه الله سبحانه وتعالى «ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين» وقوله سبحانه« ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك