العدد : ١٧٠٥٠ - الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٠ - الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الرياضة

الإنسان في القرآن

الجمعة ٢١ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

السفير‭ ‬د‭. ‬عبدالله‭ ‬الأشعل

حفلت‭ ‬آيات‭ ‬الذكر‭ ‬الحكيم‭ ‬بخصائص‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬خلقه‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬أردأ‭ ‬أنواع‭ ‬الطين،‭ ‬وهذا‭ ‬السبب‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬منع‭ ‬إبليس‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يسجد‭ ‬له‭ ‬ففضل‭ ‬إغضاب‭ ‬ربه‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يلبي‭ ‬أمر‭ ‬الخالق‭ ‬في‭ ‬السجود‭ ‬لآدم‭ ‬تكريما‭ ‬للخالق‭ ‬وتكريما‭ ‬لمن‭ ‬خلق،‭ ‬والسجود‭ ‬عادة‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬إلا‭ ‬لله،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬سجود‭ ‬الملائكة‭ ‬تلبية‭ ‬لطلب‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬البقرة‭ ‬له‭ ‬معنى‭ ‬متفرد،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬رفعه‭ ‬الله‭ ‬فوق‭ ‬سائر‭ ‬خلقه‭ ‬بمن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الملائكة‭ ‬حتي‭ ‬يكون‭ ‬الإنسان‭ ‬مكرما‭ ‬منة‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬تستحق‭ ‬الشكر‭ ‬وليس‭ ‬التكريم‭ ‬أساسه‭ ‬استحقاق‭ ‬الإنسان‭ ‬لفضائل‭ ‬فيه،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الفضائل‭ ‬والتكريم‭ ‬مرجعها‭ ‬الى‭ ‬الله‭ ‬ثم‭ ‬ان‭ ‬الله‭ ‬خلقه‭ ‬بحكمته‭ ‬ثم‭ ‬نفخ‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬روحه‭ ‬فجعل‭ ‬هذه‭ ‬الروح‭ ‬مقدسة‭ ‬تستعلي‭ ‬على‭ ‬الاهانة‭ ‬والجرح‭ ‬والقتل،‭ ‬ولذلك‭ ‬أشار‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬إلى‭ ‬قدسية‭ ‬الروح‭ ‬البشرية‭ ‬لسبب‭ ‬وحيد،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬القاتل‭ ‬يعتدي‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬الانسان،‭ ‬ولهذا‭ ‬نصت‭ ‬التشريعات‭ ‬الوضعية‭ ‬جميعا‭ ‬على‭ ‬قدسية‭ ‬النفس‭ ‬البشرية‭ ‬حتى‭ ‬قيل‭ ‬إن‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬يفضل‭ ‬النفس‭ ‬البشرية‭ ‬ويضع‭ ‬قدسيتها‭ ‬فوق‭ ‬قدسية‭ ‬الكعبة‭ ‬المشرفة‭ ‬والبيت‭ ‬الحرام،‭ ‬ولهذا‭ ‬قال‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬‮«‬من‭ ‬قتل‭ ‬نفسا‭ ‬بغير‭ ‬نفس‭ ‬أو‭ ‬فساد‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬فكأنما‭ ‬قتل‭ ‬الناس‭ ‬جميعا‭ ‬ومن‭ ‬أحياها‭ ‬فكأنما‭ ‬أحيا‭ ‬الناس‭ ‬جميعا‮»‬‭ ‬ووضعت‭ ‬هذه‭ ‬الآية‭ ‬التزاما‭ ‬على‭ ‬سائر‭ ‬البشر‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬المسلمين‭ ‬وحدهم‭ ‬أن‭ ‬يحافظوا‭ ‬على‭ ‬النفس‭ ‬البشرية‭ ‬وهو‭ ‬يخاطب‭ ‬الناس‭ ‬جميعا‭ ‬فهو‭ ‬خطاب‭ ‬للبشرية‭ ‬أجمعين‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬ينحرف‭ ‬مفسر‭ ‬متطرف‭ ‬فيقول‭ ‬إن‭ ‬النفس‭ ‬المؤمنة‭ ‬فقط‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تستحق‭ ‬الحماية‭ ‬ولنا‭ ‬في‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬قدوة‭ ‬حسنة،‭ ‬الذي‭ ‬وقف‭ ‬احتراما‭ ‬لميت‭ ‬يهودي‭ ‬وشرح‭ ‬ذلك‭ ‬لأصحابه‭ ‬لأن‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬النفس‭ ‬مطلقا‭ ‬ومادام‭ ‬المشرك‭ ‬والكافر‭ ‬نفسا‭ ‬فيتمتع‭ ‬بنفس‭ ‬الحصانة‭ ‬كما‭ ‬يتمتع‭ ‬بالتزام‭ ‬الخالق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬برزقه‭. ‬ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬صفات‭ ‬الانسان‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬كلها‭ ‬صفات‭ ‬سلبية‭ ‬وأخطر‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬أنه‭ ‬يتنكر‭ ‬للخالق،‭ ‬وقد‭ ‬تكررت‭ ‬النعم‭ ‬وخاصة‭ ‬نعمة‭ ‬الخلق‭ ‬ونعمة‭ ‬قضاء‭ ‬الحاجة،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬الإنسان‭ ‬ناكرا‭ ‬لجميل‭ ‬الله‭ ‬بل‭ ‬ناكرا‭ ‬لله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى،‭ ‬وهو‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬غني‭ ‬عن‭ ‬العالمين‭. ‬ومن‭ ‬أجمل‭ ‬ما‭ ‬لاحظته‭ ‬هو‭ ‬تكرار‭ ‬آية‭ ‬ختمها‭ ‬بصفات‭ ‬المنعم‭ ‬مرة‭ ‬وبصفات‭ ‬الإنسان‭ ‬المنعم‭ ‬عليه‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬فحدث‭ ‬تقابل‭ ‬بين‭ ‬الخاتمتين‭ ‬وهذه‭ ‬الآية‭ ‬نظرا‭ ‬لفائدتها‭ ‬ودقتها‭ ‬أنها‭ ‬فريدة‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬‮«‬وإن‭ ‬تعدوا‭ ‬نعمة‭ ‬الله‭ ‬لا‭ ‬تحصوها‭ ‬ان‭ ‬الله‭ ‬غفور‭ ‬رحيم‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬آية‭ ‬أخرى‭ ‬‮«‬إن‭ ‬الانسان‭ ‬لظلوم‭ ‬كفار‮»‬‭ ‬ويشير‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬عباده‭ ‬الشكور،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬التنكر‭ ‬للنعم‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الكفر‭ ‬بالله‭ ‬لقوله‭ ‬تعالى‭ ‬إن‭ ‬الإنسان‭ ‬لظلوم‭ (‬لنفسه‭) (‬كفار‭ ‬لخالقه‭)‬،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬المنعم‭ ‬وصف‭ ‬نفسه‭ ‬بأنه‭ ‬غفور‭ ‬رحيم‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الصفات‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬يعلمها‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬يعلمها‭ ‬الإنسان،‭ ‬لقوله‭ ‬تعالى‭ ‬‮«‬ونفس‭ ‬وما‭ ‬سواها‮»‬‭ ‬فهذه‭ ‬أعظم‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬الله‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الكون‭ ‬قرآن‭ ‬صامت‭ ‬وان‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬حجة‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬الدين‭. ‬وأخيراً‭ ‬نضيف‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬صفة‭ ‬واحدة‭ ‬إيجابية‭ ‬في‭ ‬الإنسان،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬الله‭ ‬كرمه‭ ‬وأحسن‭ ‬إليه‭ ‬وسخر‭ ‬سائر‭ ‬المخلوقات‭ ‬له‭ ‬وخصه‭ ‬بهدية‭ ‬خاصة‭ ‬وهي‭ ‬العقل،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬يظن‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬الخالق‭ ‬لا‭ ‬يراه‭ ‬ويمكر‭ ‬مكر‭ ‬السوء،‭ ‬ولذلك‭ ‬أفحمه‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬‮«‬ويمكرون‭ ‬ويمكر‭ ‬الله‭ ‬والله‭ ‬خير‭ ‬الماكرين‮»‬‭ ‬وقوله‭ ‬سبحانه‮«‬‭ ‬ولقد‭ ‬خلقنا‭ ‬الإنسان‭ ‬ونعلم‭ ‬ما‭ ‬توسوس‭ ‬به‭ ‬نفسه‮»‬‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا