بمجرد ما انتهت السنة الدراسية والجامعية حتى شهدت الشوارع والطرقات انخفاضا ملحوظا في حركة المرور والسيارات بشكل عام لتعيش مدن وقرى مملكة البحرين مدة شهرين في وضع مروري مريح بعد عام من الازدحام المروري في الصباح ووقت الظهيرة أمام المدارس ووقت خروج الموظفين من أعمالهم بعد انتهاء الدوام الرسمي.
في المقابل، فإن أولياء الأمور يواجهون صيفا يجدون فيه أبناءهم في البيوت ويبحثون لهم عن متنفس، خاصة بالنسبة للأطفال في المرحلة الابتدائية والمراهقين في المرحلة الإعدادية، وهذا يطرح سنويا وبشكل جدي سؤالا محوريا حول أفضل السبل لملء أوقات الفراغ على مدار شهرين كاملين لهؤلاء الطلبة بمختلف مراحلهم الدراسية.
صحيح أن الجهات الرسمية تعمل جاهدة في حدود الموارد المتاحة والامكانيات لعمل بعض الأنشطة والبرامج وهي جهود كبيرة تذكر فتشكر إلا أنها لا تستطيع في جميع الأحوال استقطاب هذا العدد الكبير من الطلبة في مختلف المراحل الدراسية، والذي يقارب 250 ألف طالب وطالبة من المدارس الحكومية والخاصة والجامعات، حيث تستقطب هذه البرامج عدة آلاف فقط مما يستدعي زيادة هذه البرامج وتطويرها وتوفير المزيد من الفضاءات للتربية والتعليم والتدريب لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الطلبة، وخاصة أبناء العائلات التي ليست لديها الإمكانيات المادية الكافية لتمويل برامج تربوية لأبنائها أو تنظيم رحلات أو سفرات سياحية لداخل البلاد وخارجها.
ولا شك أيضا أن الجهات الأهلية والخاصة بدورها تبذل أقصى طاقتها لإعلان البرامج والفعاليات الترفيهية التي تجتذب الأسرة البحرينية وأبناءها، وخاصة في مجال الألعاب والترفيه في العديد من المجمعات التجارية، وكذلك البرامج والأنشطة التي تنظمها الأندية والجمعيات الأهلية إضافة إلى ما توفره المراكز المتخصصة في التدريب والتعليم من برامج تقوية في بعض المواد الدراسية لتوفير فرصة للطلبة للاستفادة من وقتهم لتقوية مهاراتهم اللغوية ومستوياتهم في الرياضيات واللغة الإنجليزية بوجه خاص، كما هو متعارف عليه في الإجازات المختلفة.
إن ملء أوقات فراغ هؤلاء الأطفال والشباب يجب ألا يقتصر على الوسائل الترفيهية والتعليمية والتربوية والرياضية فقط، إنما يجب أيضا توجيه الأطفال والشباب والاهتمام بهم ليكونوا بعيدا عن استغلال بعض الجهات التي لها مقاصد أيديولوجية، وخاصة أن هذه الإجازة طويلة نسبيا وتزيد على شهرين.
ومن هنا تصبح مسألة ملء فراغ الأبناء مسألة موضوعية إذا نظرنا إلى هذه المسألة نظرة بعيدة المدى، حيث إن أبناءنا، وخاصة صغار السن، في حاجة إلى الفضاءات اللازمة لتحقيق الأهداف التربوية والوطنية التي تعزز القيم الفاضلة ومعاني المواطنة والولاء للبحرين وقيادتها وتاريخها ووحدتها الوطنية التي هي صمام أمان هذا الوطن العزيز علينا جميعا مع بناء الاتجاهات الإيجابية لهذه الفئة من الأطفال والشباب، خاصة بناء أسس السلام والمحبة والتعاون والتسامح والقبول بالرأي والرأي الآخر والإيمان بوحدة الوطن والعيش المشترك بمختلف مكوناته الاجتماعية والثقافية. وبهذا المعنى تكون الإجازة الصيفية كما غيرها من الإجازات فرصة ثمينة لتحقيق مثل هذه الأهداف النبيلة بدلا من قضاء الإجازة في سهر الليل والنوم في النهار أو مع الألعاب الإلكترونية التي لا فائدة منها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك