دخل في الآونة الأخيرة كثير من الشباب –من الجنسين– عالم المشاريع وريادة الأعمال، إلا أنه بعد فترة وجيزة من وجوده في هذا العالم يخرج وذلك لأسباب عديدة، منها موضوع الدعم والميزانية وما إلى ذلك، إلا أننا كمتتبعين لموضوع ريادة الأعمال وعالم المشاريع الصغيرة والمتوسطة نجد أن هناك عاملا آخر لا يوضع في الحسبان أثناء الرغبة في دخول عالم المشاريع، وهو عامل المهارات والشغف التي يجب أن يمتلكها رائد العمل، وربما هذا العامل – عادة – ما يتجاهله رائد العمل، وذلك اعتقادًا منه أنه يمتلك كل تلك المهارات التي تؤهله لإقامة مشروعه الشخصي الخاص، وتطويره وتنميته، ولكن الحقيقة خلاف ذلك.
عندما يأتينا إنسان يطلب استشارتنا في موضوع ريادة الأعمال وعمل مشروعه الشخصي الخاص، نقدم له استمارة، تحوي هذه الاستمارة عددا من الأسئلة الاحترافية التي تساعدنا في تحليل مهاراته، ومن خلال تحليل هذه الاستمارة يمكن توجيهه إلى المشروع التي يرغب فيه، ومن جانب آخر فإننا نقدم له بعض الدورات القصيرة جدًا لتنمية بعض المهارات التي نجد أنه يفتقدها.
عمومًا، من المهارات التي نجد أنه ينبغي أن يمتلكها رائد العمل وصاحب المشروع حوالي 10 مهارات، وهي كالتالي:
أولاً - الاتصال والتواصل: نعتقد أنه من أهم المهارات التي يجب أن يمتلكها رائد العمل أن يكون قادرًا على مهارة التواصل مع الآخرين، إذ يحتاج رائد الأعمال إلى التواصل وبناء شبكة علاقات عمل ناجحة مع كافة الناس الذين يحيطون به مثل العملاء، الموظفين، المؤثرين، الموردين، وحتى المنافسين، ولا يحدث ذلك إلا من خلال امتلاكه مفاتيح مهارات الاتصال التي تعد من أهم مهارات ريادة الأعمال.
وفي الحقيقة، أن امتلاك رائد الأعمال مهارة التواصُل الفعَّال تستطيع أن تجعل منه رائد أعمالٍ ناجحًا أو العكس، حيث تتوقَّف قُدرته على قيادة فريقٍ مُميَّز، أو حتَّى توفير تجربةٍ جيِّدةٍ لخدمة العُملاء لديه، على ما إذا كان يستطيع التواصُل معهم بطريقةٍ فعَّالة. ومن المهارات التي ترتكز عليها الجاذبيَّة في التواصل، والتي يُمكن العمل عليها وتطويرها، ما يلي:
{ مهارات الإصغاء.
{ بناء محادثاتٍ وديَّةٍ وفعَّالة.
{ تحسين مهارات الكتابة.
{ إتقان لُغة الجسد واستخدام نبرة الصوت.
{ امتلاك قوَّة الإقناع، وقوَّة التفاوُض.
{ مهارة الإيجاز والوضوح في التواصُل.
{ مهارة إدارة الصراعات.
{ إدارة توقُّعات العُملاء.
{ القدرة على التأثير.
{ الإيجابيَّة.
إلى جانب الإلمام بطرائق التواصُل الصحيحة مع الآخرين عن طريق التقنيات الحديثة، والتطبيقات الجديدة التي من شأنها أن تُعزِّز من قُدرتك على التفاهُم مع من تتحدَّث معه.
ثانيًا - القيادة والإدارة: من المهارات الأساسية التي ينبغي أن يتمتع بها رائد العمل وصاحب المشروع القدرة على قيادة الأفراد، ونقصد قيادة وليس إدارة، فقد تحدثنا عن هذا الفرق عدة مرات، فرائد العمل يجب عليه أن يقوم بتوظيف الأشخاصٍ للعمل لديه؛ الأمر الذي يتطلَّب منه أن يكون مؤهَّلاً لقيادة هؤلاء الأشخاص للعمل تحت إشرافه كفريقٍ واحد، وقد يكون فريقًا صغيرًا يشتمل على خمسة أو ستة أشخاص، أو كبيرًا يتكوَّن من مائة موظفٍ أو أكثر. والسؤال هنا: هل يُمكنه أن يقود ويُحفِّزَ هذا الفريق لتحقيق رؤيته؟ في الواقع، يحتاج رائد الأعمال إلى امتلاك قدراتٍ مُمتازةٍ ومُميَّزةٍ لإدارة المشاريع والأشخاص، حيث إنَّه سيقوم بإنشاء مشروعه أو مؤسَّسته من الصفر، كما أنَّه سيحتاج إلى إقامة علاقاتٍ قويَّةٍ مع أصحاب المصلحة والشُركاء، وذلك بما يكفل له تحقيق النموّ والنجاح لمشروعه.
ثالثًا: التخطيط: نعرف اليوم أن التخطيط يُعد واحدًا من المهارات المهمَّة التي يحتاج إليها رائد العمل؛ لذلك يجَّب على رائد الأعمال الناجح أن يُخصِّص وقته الأهمَّ في التخطيط الجيِّد، وتُعدُّ هذه العملية من أساسيَّات الفكر الريادي، حيث تُحدَّد الأهداف والمهام المُختلفة، وتُوضَع دراسةٌ دقيقةٌ للأمور والمُتغيِّرات المُمكنة أو المُحتَمَلَة.
وبذلك فإنَّ التخطيط الجيِّدَ أساسٌ يجب على رائد الأعمال أن يبدأ به ليضمن حماية مشروعه من الفشل، فهو الركيزة التي تدعم الحاضر من أجل الوصول إلى الغايات المُستقبليَّة، وبالتالي فإنَّ كلَّ قرارٍ يجري اتخاذه في ضوء هذا التخطيط يُعدُّ صحيحًا تمامًا، حتَّى وإن كان فاشلاً؛ لأنَّ القرارات المدروسة بشكلٍ جيِّدٍ وإن كان مصيرها الفشل، فهي تُسلِّط الضوء بشكلٍ مُباشر على خطأٍ ما في التخطيط، وتُساعد في معرفة نقاط الضعف لديه.
رابعًا- تحديد وإدارة الأولويات: على المستوى العام إن إدارة الأولويَّات مهارةٌ أساسيَّةٌ يجب أن يتمتَّع بها كلُّ رائد أعمالٍ ناجح، فامتلاك رائد الأعمال مهارة إدارة الأولويَّات وترتيب المهام، بحيثُ يمتلك القُدرة على ترتيبها من الأهمِّ إلى الأقل أهميَّة، وتأجيل الأقلِّ أهميَّةً منها، وإدارة كلِّ هذه الأولويات بشكلٍ جيِّد؛ هي المفتاح الذي سيمكِّنه من أن يغدو أكثر إنتاجًا، وأكثر فعاليةً من غيره.
هنا يجب على رائد الأعمال أن يقوم بعمل جدول مهام مزمن ومن خلال هذا الجدول يقوم بترتيب الأعمال وفقًا للأولويات.
خامسًا- القدرة على إدارة المخاطر: لا تخلو أي مهنة أو مشروع من مخاطر، وهنا يأتي دور مهارة من مهارات ريادة الأعمال المهمة والتي يجب أن تمتلكها وهي (إدارة المخاطر)، ففي عام 2016 وبعد شهر واحد من إطلاق شركة سامسونج هاتفها الأكثر تقدمًا (جالاكسي نوت 7)، فوجئ العملاء بأكثر المشاكل خطورة وهي انفجار البطاريات، وقد واجهت الشركة معضلة حقيقية. وما حدث لسامسونج يمكن أن يحدث لأي شركة، ولكن التدّخل السريع، والتواصل العلني والشفاف مع العملاء، وكيف يتعامل أي نشاط تجاري مع المخاطر هو ما يحدد نجاحه أو فشله في المستقبل.
سادسًا- معرفة لغة من لغات البرمجة والحاسوب: أصبحت اليوم لغة الحواسيب وعالم الخوارزميات هي اللغة الأكثر انتشارًا في العالم، سواء في عالم المشاريع أو بعض العوالم الأخرى، لذلك فإنه من الواجب على رائد العمل الذي يريد أن يعمل باحترافية أن يتقن هذه اللغة، عندئذ يمكنه أن يسيح في الفضاء الافتراضي بصورة كبيرة، وإلا سيكون محدودًا في نطاق ضيق.
سابعًا- التسويق الإلكتروني: والتسويق الإلكتروني أمر تابع للنقطة السابقة، فالتسويق التقليدي لم يعد كافيًا لبلوغ مساحات كبيرة من السوق، فرائد العمل الذي يريد أن ينافس في الحصة السوقية، فإنه ينبغي عليه أن يعرف كيف يمكنه أن يستخدم كل وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعه ليتمكن من بلوغ أهدافه في التوزيع والنشر.
ثامنًا - التفكير الإبداعي: التفكير الإبداعي مهارةٌ يُمكِن تطويرها من خلال استثمار الوقت والجهد، فأيُّ رائد أعمال يرغب بإطلاق مشروعٍ أو مؤسسةٍ خاصَّةٍ به يحتاج إلى الإبداع، وامتلاك فكرةٍ مُبتَكَرَةٍ تكون بذرةً لمشروعٍ جيِّدٍ يعود عليه فيما بعد بالأرباح؛ كما أنَّه يحتاج إلى الإتيان بأفكار جديدةٍ لعمله باستمرار، واتخاذ قراراتٍ حول فُرَصٍ ومشاريع مُمكنة، والقُدرة على رؤية هذه الفُرَص من منظورٍ مُختلف، والتوصُّل إلى أفكارٍ أصليَّة. ويُمكن استنباط أفكارٍ مُميَّزةٍ واستمداد الإلهام من خلال العديد من الطرائق، كقراءة الكُتب أو مُشاهدة الأفلام أو السفر؛ كما يُمكن استمداد الإلهام من خلال خمسة أنشطةٍ رئيسية، وتتمثَّل في: المُراقبة، وتكوين العلاقات، وإجراء الاختبارات، والتشارُك، والتساؤل.
تاسعًا- تنظيم وإدارة الوقت: لا يُمكننا تخيُّل رائد أعمالٍ ناجحٍ لا يمتلك مهارة تنظيم وقته وإدارته بشكلٍ فعَّال، حيث يساعد تنظيم الوقت رائد الأعمال على النجاح، ويمنحه الكثير من المزايا التي يحتاج إليها ليُحقِّق أهدافه وخُطَطه التي وضعها لمؤسسته أو مشروعه، وإليكَ أفضل النصائح في إدارة الوقت وتنظيمه:
{ عدم تضييع الوقت واستثمار كلَّ لحظةٍ بشكلٍ فعَّال.
{ الالتزام بالمواعيد المُحدَّدة للعمل.
{ وضع خُطَّة عملٍ يوميَّة.
{ الابتعاد عن المُماطلة والتسويف.
{ تنظيم الوقت وفقًا لأولويَّات العمل.
{ تلافي تضييع الوقت، وذلك من خلال الاستعانة بالآخرين للقيام بالمهام التي لا تتقنها.
{ تحديد جدولٍ زمنيٍّ لكلِّ مَهمَّة، بحيثُ يُوضَع لكلِّ مهمَّةٍ الوقت الذي يُناسبها بشكلٍ فعليٍّ ومُحدَّد.
عاشرًا- الشجاعة: غالبًا ما تُربَط كلمة الشجاعة بمجال ريادة الأعمال أو المشاريع التجاريَّة الصغيرة، فالشجاعة واحدةٌ من المهارات الأساسيَّة للنجاح، والتي يحتاج إليها كلُّ رائد أعمال، إذ ليس هناك إبداعٌ من دون شجاعةٍ ومُخاطرة. ويعلم رائد الأعمال الناجح أنَّ امتلاك أفكارٍ وخُطَطٍ رائعةٍ لا يكفي، بل يجب عليه أن يتحلَّى بالشجاعة الكافية لتنفيذ تلك الأفكار والخُطَط، وتحمُّل المخاطر المُحتَمَلة التي ستترتَّب على ذلك.
لا تعني المُخاطرة هنا الخوض في المخاطر معصوب العينين، لكن تعني أنَّ أيَّ قرارٍ يُتَّخذ يجب أن يكون محسوبًا، وذلك بعد القيام بالبحث والتحليل المطلوب؛ وفي حال خسارة المشروع، يتحمَّل رائد الأعمال المُجازف المسؤوليَّة الأساسيَّة، والذي ينعكس عليه نجاح المشروع أو فشله، وهذا ما يتطلَّب منهُ شجاعةً كبيرةً لتحمُّل هذه المجازفة.
هذه عشر من المهارات، وهذا لا يعني أن هذه المهارات العشر هي كل شيء، ففي الحقيقة فإن المهارات كثيرة والمعلومات أكثر، فرائد العمل عليه أن يبحث ويسأل ويتعلم، وبعد ذلك حتمًا سينجح، ونعتقد أن من أهم الأمور التي يجب أن يتمتع بها رائد العمل هو (الشغف)، وهذا موضوع آخر.
Zkhunji@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك