إن الغرب يخطو خطوات متعجلة باتجاه خوض صراع الحضارات مع الإسلام بخطوات يحاول أن يسابق بها خطوات الزحف الإسلامي نحو مزيد من الانتشار في أوروبا والغرب جميعا، والمعركة موجودة أصلا منذ زمن طويل، إنما بدأت وتيرتها تزداد في الوقت الحاضر بسبب ضغط التحديات عليهم هناك.
أدوات الغرب قوية وعديدة ومؤثرة، منها القدرة المعلوماتية عبر الانترنت، والتفنن الفكري في افتراس عقلية الآخر، وحتى الذكاء الاصطناعي، ذلك الابتكار الجديد الذي يجده الغرب أحد إبداعاته الحضارية العصرية، وقبل ذلك فالإسلام والشرق لديه الثقافة المحصنة للإنسان والحجة والعقيدة والقيم، وعند هذه النقاط حاولوا استهدافه بإشاعة عنوان المثلية، وتثوير النقاش الإعلامي حوله على اعتبار أنه مسألة حقوق إنسان لا يسمح بالتجاوز لمن يعارضها، ويقينا هم يفهمون مثلنا أن المثلية حالة شذوذ قذرة وأبشع أنواع الانحطاط البشري، لكن لهم غاية منها وهي الوصول الى المجتمعات الأخرى العربية والإسلامية الشرقية في ضوء الازمة الأخلاقية والصورة البشعة نفسها للحضارة الغربية التي تقوم عليها بلدانهم التي تتمتع بحضارة حديثة، إذ تعاني تحللا اجتماعيا وفوضى فكرية مضطربة، وحضارتهم الغربية حاليا نقمة عليهم كونها مادية تقوم على الانفتاح والتفسخ والانحلال بالطريقة التي تلغي مفهوم «العيب أو الخجل» من أي شيء، بمعنى انتهاك خصوصية الإنسان بطريقة فاقدة للقيم الاجتماعية، وكونها متحللة من أي ثقافة دينية، وجمالية إنسانية.
إن الغرب يحاول أن يعالج مشكلاته المستعصية المتمثلة في انفلات مجتمعاته عبر استهداف الشرق العربي والإسلامي وصهر مجتمعاته بمجتمعاتهم التائهة المتحللة أخلاقيا، ولديهم القدرة على كسب كثير من الشباب العربي والإسلامي لا سيما اجتماعيا، ولكنهم يخشون من النوعية الإسلامية الملتزمة أخلاقيا ودينيا، ويقينا هنا مكمن الخطر الداهم عليهم وحتما سوف تأتي اللحظة التي يدمر فيها السقوط الأخلاقي وأوضاع التفسخ تلك المجتمعات الغربية.
إن الغرب الذي يرى انه سيد العالم بدأ حملة ادخال دروس المثلية في مناهج الدراسة الابتدائية، والغاية من ذلك وفق ما يتحدث به كثير من المثقفين العرب والمسلمين والمسيحيين الشرقيين الساكنين هناك في بلاد الغرب، هي محاولة تهجير أعداد كبيرة من المهاجرين العرب والمسلمين الحاصلين على الجنسيات في الدول الغربية، وأيضا في ذات الوقت عولمة نموذجهم الاجتماعي، وصهر المجتمعات الأخرى في بوتقة حضارته بمنظومتهم السلوكية التي لا تقيم وزنا لحقوق الإنسان، ومن قبيل ذلك هذه المثلية البشعة التي يبشرون بها على أنها حقوق بينما هي انتهاك لحقوق الانسان وقيمه الأخلاقية السليمة.
يقول عالم الاجتماع العراق الشهير علي الوردي: «إن الحضارة الحديثة تجهز الانسان بالمتاع المادي، وتفقده المتاع الروحي» فتزداد فيها قضايا الانتحار، لأنه من دون الدين يصبح الانسان مكشوفا بلا سياج أمان يحميه من هزات هذه الملذات التي من المؤكد تذهب به نحو التيه».
وهكذا نرى ان الهدف الغربي هو استهداف المقدسات الإسلامية والقيم الاجتماعية، بأدوات التواصل اللحظي، وقد لا تكون فقط المثلية هي قلب المعركة بل هي واحدة من واجهات ذلك الصراع الذي يعتمد على أدوات الاستهداف الفكري التي يعول عليها في الحرب ضد الشرق بقيمه وثقافته، ومنها هذا الضخ المعلوماتي المتعدد الأوجه، والتفنن بمنتجات التكنولوجيا الحديثة والتباهي بها.
{ كاتب وأكاديمي عراقي
Faidel.albadrani@gmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك